IMLebanon

هل يسقط الحوار الثنائي؟

future-hezbollah

 

كتبت صحيفة “السفير” انه على وقع احتدام الاشتباك بين السعودية وإيران، ارتفع منسوب الاحتقان الداخلي بوتيرة متسارعة، واستعاد الخطاب السياسي نبرته العالية والعابرة للسقوف، واختفت أخبار المبادرات والتسويات خلف الضباب الإقليمي، ما يؤشر الى أن المرحلة المقبلة ستكون محفوفة بالمخاطر.

ولعل السجال الحاد الذي اندلع بين “تيار المستقبل” و “حزب الله” خلال الساعات الماضية شكّل أحد أبرز مظاهر التصعيد وأخطرها، لما يمكن أن ينطوي عليه من تهديد للحوار بين الجانبين، والذي يشكل مجرد استمراره عامل ضبط للتوتر، بمعزل عن مدى قدرته على تحقيق نتائج سياسية جوهرية، وهي قدرة ستتراجع بالتأكيد الى مستوياتها الدنيا بعد هبوب العاصفة الإقليمية على المنطقة.

وإذا كان موعد الجلسة المقررة من حوار “الحزب” ـ “المستقبل” ـ “حركة أمل”، الاثنين المقبل، سيكون بمثابة “اختبار للنيات”، فإن الرئيس نبيه بري المستاء من المناخ الإقليمي المستجد سيسعى الى تحييد هذا الحوار عن تداعيات الصدام السعودي ـ الإيراني، وبالتالي تأكيد مبدأ انعقاد الجلسة المقبلة، أياً يكن مدى التصعيد بين طهران والرياض.

وكان أثار كلام رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عن أنه ليس في لبنان مكان للمفلس في ملاذه، ردود فعل حادة لدى “تيار المستقبل” الذي أصدرت كتلته النيابية بيانا رأت فيه أنّ “هذا الكلام، وبقدر ما يحمل في طياته تهديداً لشخصياتٍ سياسيةٍ لبنانية والتهويل عليها، فإنه يُذَكِّرُ بعودة الحزب مجدداً إلى لغة القمصان السود وانقلاب السابع من أيار 2008”.

وأشارت الى أن موقف رعد يعبِّرُ عن توجّه مستجد لإطاحة ما تبقى من آمال اللبنانيين في تحقيق الاستقرار، ورأت ان “ما يسعى إليه “حزب الله” ليس فقط إفشال أي تسويةٍ داخليةٍ، بل إفشال عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

واعتبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن “تصريح رعد لا يساعد ولا يسهل إتمام الحوار، وهذا مجال تشاور في تيار المستقبل مع الرئيس سعد الحريري، لأن الحوار بحاجة إلى قواعد لم تكن متوافرة أبدا في كلام رعد”.

وأبلغت أوساط قيادية في 8 آذار “السفير” انه لا يمكن فصل كلام رعد عن سياق اللحظة السياسية التي ورد فيها، لافتة الانتباه الى أن موقفه أتى رداً على الهجوم الذي شنّه الرئيس سعد الحريري على الأمين العام لـ“حزب الله” السيد حسن نصرالله، بعد الخطاب الذي القاه نصرالله الاحد الماضي وانتقد فيه اعدام السلطات السعودية للشيخ نمر باقر النمر.

وأشارت الأوساط الى أن رعد أراد إيصال رسالة الى كل من يهمّه الأمر مفادها أن التعرض للسيد نصرالله سيُرد عليه بقسوة، لاسيما أنّ الأمين العام لـ “حزب الله” لم يتناول في خطابه الحريري، حتى يبادر رئيس “المستقبل” الى الردّ عليه.

ورأت هذه الأوساط أنّ الاستمرار في الحوار مع “حزب الله” او عدمه ليس متوقفاً على قرار “المستقبل”، معتبرة أن هذا الخيار أو ذاك يتحدّد تبعا لما تقتضيه مصلحة السعودية.

من جهتها، كتبت صحيفة “الأخبار” أنّ الحوار بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” مستمر، رغم التصعيد الإعلامي الذي أنتجه التوتر بين ايران والسعودية. جلسة الاثنين المقبل سيحضرها وفد المستقبل بعد نقاش جرى داخل الكتلة النيابية أيّدت فيه الغالبية قرار “عدم قطع شعرة معاوية”.

وقالت: “عاد حزب الله و”تيار المستقبل” إلى الحرب الإعلامية بينهما بعد فترة من الهدوء النسبي. دخول العلاقة الإيرانية ـ السعودية بعد تنفيذ الأخيرة حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر مرحلة من التصعيد غير المسبوق، كان الشرارة التي فجّرت الخلاف من جديد، لتطرح السؤال عن مصير الحوار الثنائي القائم بين الطرفين.

فبعد الكلام الذي خرج على لسان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في وجه الرئيس سعد الحريري، معتبراً أن “من يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن، يجب ألا يجد مكاناً له في لبنان من أجل نهب البلاد مرّة جديدة”، ترك تيار المستقبل كلمة الرد لأحد صقوره، وزير الداخلية نهاد المشنوق، أحد أبرز المنظّرين للانفتاح على الحزب والتواصل المباشر معه.

قال المشنوق إنّ “تصريح رعد لا يُسهّل إتمام الحوار، والاستمرار في (الحوار مع حزب الله) قيد تشاور” داخل التيار الأزرق! اختار المشنوق كلماته بعناية على باب رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر. لم يُعلن وقف الحوار ولا استمراره، لكنه “وصّف واقع الحال كما هو”، لعلمه بأجواء تيار المستقبل، واقتناعه، على ما تقول مصادره، بأن “لا مجال للتغاضي عن الأصوات المستقبلية المعارضة داخل التيار”، خصوصاً بعد كلام رعد.

هل تنضم جلسة الحوار المقرر عقدها يوم الاثنين المقبل إلى ركب زميلاتها؟ أم أن “الزواج بالإكراه” الذي عاشه الطرفان انتهت صلاحيته؟

بالنسبة إلى “المستقبل” فإنّ “حزب الله أوحى على لسان رئيس كتلته النيابية بأنه لا يُريد الاستمرار في الحوار”، وأن “كلامه بحق الرئيس الحريري لا يُمكن أن يمرّ”.

لا يزال الحزب من وجهة النظر المستقبلية “يتصرّف كمنتصر في الميدان السوري كما في السياسة، بفعل انتصار إيران في بعض الملفات مقابل تراجع المملكة العربية السعودية، وهو يريد استغلال هذه الفرصة لفرض أجنداته علينا”.

مصادر الحريريين تتحدث عن “نشاط الجناح المستقبلي المعارض لهذا الحوار منذ انطلاقته، إذ تنشّط أركانه من جديد للدفع باتجاه القطيعة”.

وتؤكد هذه المصادر أنّ “الدفة تميل لمصلحة المتشدّدين داخل التيار”، لا سيما بعد قول المشنوق أمس إنّ “الغطاء الإقليمي للبنان بدأ بالتراجع”، ما فُسّر بأنّ “المملكة العربية السعودية سحبت يدها من الحوار، ويمكن أن تكون قد همست في أذن حليفها بفرط عقده”. لكن بيان كتلة المستقبل بعد اجتماعها الدوري أمس ظهر أكثر هدوءاً. ففيما تطرّق البيان إلى كلام النائب رعد، إلا أنّه لم يأت على ذكر الحوار لا من بعيد ولا من قريب.

وذكرت “الأخبار” أنّ “نقاشاً جرى داخل الكتلة حول الاستمرار في هذا الحوار، وأن الوزير المشنوق دعا الى أن تبقى الأمور في إطار الردود الإعلامية على كلام النائب رعد”.

وقالت مصادر في الكتلة إن “الغالبية في التيار أيّدت هذا الكلام، حتى الرئيس فؤاد السنيورة، باستثناء نواب الشمال”. وبعد جلسة الكتلة، أكّدت مصادر مستقبلية أن “الحوار مستمر حتى الآن، وأن وفد المستقبل سيحضر جلسة” الحوار مع حزب الله في عين التينة الاثنين المقبل، بعد جلسة الحوار الوطني.

وفي السياق عينه، حافظت مصادر عين التينة على هدوئها، معتبرة أن “ما نسمعه لا يزال سجالاً إعلامياً مبرراً في ظل تدهور العلاقات الإيرانية السعودية، نتيجة الجنون الذي تتبعه المملكة”. ورأت المصادر أن “المشنوق تسرّع في كلامه، لأن أجواء الحريري تختلف عمّا سمعناه”.

بالنسبة إليها “لن يلعب الرئيس نبيه برّي دور الوسيط لإقناع الحزب والتيار بالجلوس إلى طاولة حوار. فنحن لسنا حكماً بين الطرفين، بل نحن جزء من الحوار، ونحبّذ استمراره. أما في حال قرر المستقبل الانسحاب فإننا لن نردعه”.

حتى مساء أمس، كانت لا تزال الجلسة المقرر عقدها قائمة، “إذ لم يتبلّغ الرئيس برّي أي موقف رسمي من المستقبل” بحسب ما تقول المصادر التي أكدت “أن الوزير علي حسن خليل الموكل بمتابعة هذا الملف من قبل الرئيس برّي لم يتحدث إلى أي طرف”، لأن عين التينة “لا تريد أن تُحرج أحداً”، ولأنه “لا يزال هناك متّسع من الوقت أمامنا حتى نهار الاثنين”.

بدورها، أكّدت مصادر في 8 آذار أن الحوار قائم حتى الآن، “ولم يبلغنا أحد بالعكس. لم تجر اتصالات، ولكن من أجواء بيان كتلة المستقبل تبدو الأمور عادية، وكلام المشنوق بشأن المشاورات داخل الكتلة لا يؤشر إلى شيء استثنائي”.