IMLebanon

عملاقي الأدوية في بريطانيا يبحثان عن علاج لمشاكلهما

AstraZeneca
أندرو وارد

بالنسبة لشركتيّ جلاكسو سميث كلاين وأسترا زينيكا – ركيزتي قطاع الأدوية في بريطانيا – فإن عام 2016 يعد بأن يكون عاما حاسما. في عهد الرئيس التنفيذي لكل منهما، السير أندرو ويتي وباسكال سوريو، كل منهما يسعى لتحوّل جذري صعب – والأشهر الـ 12 المُقبلة سوف تقطع شوطاً طويلاً تجاه تحديد نجاحهما أو فشلهما.

يتم مراقبة مصير شركتي جلاكسو سميث كلاين وأسترا زينيكا عن كثب في كل أنحاء قطاع الأدوية الأوسع، بسبب النهج المتباين الذي تتخذه كل منهما لاستعادة النمو. في الوقت الذي تدخل فيه الشركتان هذه الفترة التي قد تكون حاسمة، تقوم صحيفة فاينانشال تايمز بتقييم آفاقهما.

جلاكسو سميث كلاين

بعد فترة طويلة في العناية المركّزة، تأمل جلاكسو سميث كلاين أن عام 2016 سيكون العام الذي تدخل فيه الانتعاش.

منذ عام 2012، انخفضت المبيعات بنحو 10 في المائة وأرباح السهم الواحد بمقدار الثُلث، وفقاً لتقديرات المحللين الأخيرة. هذا جعل سعر سهم الشركة دون تغيير خلال تلك الفترة، في حين تضاعف مؤشر ستاندرد آند بورز لشركات الأدوية.

وكان بعض المستثمرين قد أملوا أن وصول السير فيليب هامبتون، حلاّل المشكلات التسلسلي في الحي المالي في لندن، في منصب رئيس مجلس الإدارة في أيار (مايو) الماضي، سيتبعه بسرعة تغيير للرئيس التنفيذي. بدلاً من ذلك، تم منح الثقة للسير أندرو. مع ذلك، حتى أنصاره الآن يقبلون أن لديه هامشا ضئيلا للخطأ إذا كانت حياته المهنية لمدة ثلاثة عقود في جلاكسو سميث كلاين ستنجو عاماً آخر.

في قلب المشكلات في جلاكسو سميث كلاين يوجد التراجع في دوائها أدفير لعلاج الربو، وهو الدواء الأفضل مبيعاً لكن طال عليه الأمد. حيث انخفضت إيراداته بنسبة 50 في المائة منذ عام 2013 بسبب منافسة الأدوية الموازية والبديلة في أوروبا، وارتفاع الضغط على الأسعار في الولايات المتحدة.

خطة التحوّل الجذري الخاصة بالسير أندرو سوف تتوقف إلى حد كبير على وعده باستعادة أعمال المجموعة من أدوية الجهاز التنفسي إلى النمو في عام 2016، وإن كان من قاعدة قد تضاءلت كثيراً.

هذا سوف يتطلب اثنين من أدوية الرئة الأحدث -بريو وأنورو- لتحقيق بعض الزخم في المبيعات بعد بداية بطيئة. إطلاق ناجح لدواء نوكالا، الأول في فئة جديدة لأدوية علاج الربو الذي وافقت عليه أخيراً الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا، من شأنه أيضاً زيادة الثقة في قدرة شركة جلاكسو سميث كلاين على الدفاع عن قيادتها لسوق أدوية الجهاز التنفسي.

المزيد من المساعدة متوقعة من أدوية فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) – الأعمال ذات الأداء الأبرز في جلاكسو سميث كلاين – التي زادت المبيعات بنسبة 56 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، مدفوعةً من دواء تيفيكاي، وهو مضاد جديد للفيروسات القهقرية.

هناك دفعة أخرى ينبغي أن تأتي من اللقاحات التي تُنتجها المجموعة وأعمال الصحة الاستهلاكية – حيث تم توسيع القسمين حديثاً بعد تبادل أصول بقيمة 20 مليار دولار مع شركة نوفارتيس. التعاضد الناتج عن تلك الصفقة، إلى جانب التخفيضات، من المتوقع أن يُحقق ثلاثة مليارات جنيه من الفوائد السنوية بحلول نهاية عام 2017، مع نسبة كبيرة من ذلك تحقّقت هذا العام.

يعتمد السير أندرو على مصادر الدخل المتنوعة المذكورة لاستعادة نمو الأرباح في عام 2016، في حين أن تحسّن توقعات البحث والتطوير – حيث تهدف المجموعة لتقديم ما يصل إلى 20 دواء ولقاحا جديدا إلى الهيئات التنظيمية بحلول عام 2020 – تبعث بعض التفاؤل على المدى الطويل.

وكان قد أخبر “فاينانشال تايمز” أن شركة جلاكسو سميث كلاين ستُصبح “منافساً شائكاً أكثر مع المواقف الريادية في مجال اللقاحات والمنتجات الاستهلاكية، وخط أنابيب ساحق في مجال ابتكار الأدوية”.

هذا وقد شكّك بعض المستثمرين باستراتيجية تمزج بين الأدوية ذات القيمة العالية مع اللقاحات ذات الأسعار المعتدلة والمنتجات الاستهلاكية مثل معجون الأسنان والمُسكّنات. مع ذلك، يُصرّ السير أندرو أن من المنطقي التحوّط ضد المخاطر الكامنة في تطوير العقاقير – خاصة عندما تكون أسعار الأدوية تتعرّض للضغط من الأنظمة الصحية ذات الميزانيات المُقيّدة في جميع أنحاء العالم.

وقال المساهمون الكبار الذين قابلتهم صحيفة فاينانشال تايمز إنهم على استعداد لمنح فرصة للخطة بشرط حماية أرباح الأسهم ذات العوائد المرتفعة في شركة جلاكسو سميث كلاين. تعهد السير أندرو بإبقاء الدفعات ثابتة بمقدار 80 بنسا حتى عام 2017، وبحلول ذلك الوقت يأمل أنه سيكون قد تم إعادة تأسيس نمو الأرباح بحزم.

لا يزال هناك الكثير من المُتشكّكين الذين هم على استعداد لتجديد دعوتهم لإحداث تغيير في القيادة – وحتى تفكيك الشركة – في حال فشل الانتعاش بالاستقرار هذا العام.

أسترا زينيكا

في حين أن شركة جلاكسو سميث كلاين نوّعت أعمالها، إلا أن أسترا زينيكا وضعت جميع رهاناتها على الأدوية. وهذا ترك سوريو يعتمد كلياً على قدرة شركته لتطوير أو الحصول على عقارات جديدة، في الوقت الذي يحاول فيه التعويض عن خسارة حماية براءة الاختراع على العديد من المنتجات الأكثر مبيعاً في الشركة.

خسر عقار نيكسيوم، لعلاج حرقة المعدة، أخيراً التفرّد في السوق في الولايات المتحدة ونفس المصير ينتظر عقار كريستور لعلاج ارتفاع الكوليسترول هذا العام، وعقار سيروكويل لعلاج الفصام في عام 2017. معاً، هذه العقاقير الثلاثة كانت تُمثّل نحو 40 في المائة من المبيعات في عام 2014.

هذه الحاجة إلى إعادة ملء خزانة الأدوية تُفسّر الفورة بقيمة عشرة مليارات دولار التي شرعت فيها شركة أسترا زينيكا في الشهرين الماضيين. المحفظة الاستثمارية لعقارات الجهاز التنفسي التي تم شراؤها من شركة تاكيدا اليابانية سوف توفر رفعا فوريا للمبيعات في حين أنه تم الاستحواذ على شركات التكنولوجيا الحيوية ZS وأسيرتا مع نظرة على المدى الطويل.

قسم البحث والتطوير داخل شركة أسترا زينيكا بدأ يحيا أيضاً. لقد تم إطلاق عقار لينبارزا لسرطان المبيض وتاجريسو لسرطان الرئة في العام الماضي، وهناك العديد من المنتجات التي من المُمكن أن تُحقق نجاحاً كبيراً تقترب من السوق.

هذه التوقعات هي التي منحت أسترا زينيكا الثقة لمقاومة محاولة استحواذ بقيمة 69.4 مليار جنيه من شركة فايزر في عام 2014. يقول سوريو إن الشركة في سبيلها إلى تحقيق هدفه – الذي تم تحديده أثناء معركة الاستحواذ المذكورة – المُتمثّل في زيادة الإيرادات بمقدار ثلاثة أرباع لتُصبح 40 مليار دولار بحلول عام 2023، حيث أخبر “فاينانشال تايمز”: “نحن على الطريق الصحيح وكل عملية استحواذ قمنا بها تقع على رأس [التوقعات] التي شاركناها من قبل”.

مع ذلك، فإن تجديد المحفظة الاستثمارية للمنتجات في شركة أسترا زينيكا يأتي مقابل تكلفة كبيرة. حيث يُقدّر محللون في يو بي إس أن الشركة أنفقت 5.5 مليار دولار على الأبحاث والتطوير في عام 2015، أي 10 في المائة أكثر مما كان متوقعاً في بداية العام.

حاولت شركة أسترا زينيكا تخفيف “هاوية براءة الاختراع” التي وقعت بها عن طريق وضع بعض الأدوية التجريبية ضمن شراكات مع غيرها من شركات صناعة الأدوية، مقابل دفع رسوم مُقدّماً والتي تم تقييدها في الدفاتر على أنها إيرادات.

وكان سيموس فيرنانديز، المحلل في شركة ليرينك، قد شكّك فيما إذا كان من الحكمة بالنسبة للشركة “تحريف تقاريرها المالية” للدفاع عن أرباح الأسهم التي تُقدّمها.

بعد رفض سعر 55 جنيها للسهم الواحد من شركة فايزر قبل عامين، فإن سوريو لا يستطيع تحمّل التضحية بالعوائد على المدى القصير – والمخاطرة بتراجع سعر السهم إلى أقل من مستواه الحالي البالغ 46 جنيها بكثير.