IMLebanon

2016 .. عام الفوائد في لبنان

banque-du-liban
عزة الحاج حسن

عصفت أسواق العالم بخبر رفع مجلس الإحتياطي الفدرالي للفوائد الأميركية خلال الشهر الأخير من العام 2015، لكن أحداً من المعنيين في لبنان لم يوضح حقيقة مفاعيل القرار الأميركي على الداخل اللبناني، وأثره على الفوائد اللبنانية، وتالياً على مستوى الدين العام اللبناني. وجل ما صدر عن القيادات المصرفية في لبنان ومن بينهم الرئيس السابق لجمعية المصارف فرانسوا باسيل، هو أن قرار الإحتياط الفدرالي الأميركي رفع الفائدة بنسبة 0.25 في المئة، لن يترك أي تداعيات مصرفية أو مالية على لبنان، عازين السبب الى ارتفاع الفائدة في لبنان أضعاف ما هي عليه في الولايات المتحدة الأميركية “كما أن غالبية مديونية لبنان داخلية”، فماذا يعني هذ الكلام؟
يبلغ متوسط الفوائد على الودائع بالليرة في لبنان 5.67 في المئة ويبلغ على الودائع بالدولار 3.20 في المئة، في حين يبلغ سعر الفائدة الأساسي في الولايات المتحدة 0.50 في المئة بعد الارتفاع، ويبدو جلياً أن الفارق بين الفائدتين كبير جداً، ولكن ذلك لا يعني أن أثر رفع الفائدة الأميركية لن يطال نظيرتها اللبنانية إذ، وبحسب نائب حاكم مصرف لبنان سابقاً ناصر السعيدي، إن الفوائد في لبنان لا بد وأن تتجه الى الإرتفاع على غرار الفوائد الأميركية بسبب ارتباط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي، مرجحاً ارتفاعها نحو ربع في المئة خلال العام الجاري.

لا يكمن الخطر في توجه لبنان الى رفع الفوائد نحو ربع في المئة فحسب، بل في اضطرار الدولة الى رفع الفوائد على السندات اللبنانية كذلك، ما يؤثر سلباً، وفق حديث السعيدي لـ “المدن”، على مالية الدولة ويرفع تالياً من مستوى الدين العام اللبناني.
إذا سيكون لرفع الفائدة في لبنان أثر سلبي مباشر على صعيد كلفة الدين العام، لاسيما أن بعض المصارف اللبنانية يتجنّب حالياً إقراض الدولة في انتظار ارتفاع الفوائد في وقت لاحق من العام 2016، وسيكون وفق خبراء، انعكاسها حتمياً على كلفة الاقتراض وتحديداً السكني والإستهلاكي.

ولا تكمن الأزمة فقط في تداعيات رفع الفائدة اللبنانية على غرار الفائدة الأميركية، بل في المعطيات التي أدت – أو تؤدي عادة – الى تعديل مستوى الفائدة في الدول عموماً، فالولايات المتحدة الأميركية تنتهج القاعدة الإقتصادية التي تفرض خفض الفائدة عندما يشكو اقتصاد البلد من ركود حاد في نموه، وتفرض بالمقابل رفع الفائدة عندما يبدأ الإقتصاد بالتعافي، وهو ما عمدت واشنطن الى تطبيقه، فأقرت زيادة متواضعة وتدريجية في معدلات الفوائد بنحو 0.25 في المئة، للمرة الأولى خلال 10 سنوات، بعد خروج الاقتصاد الاميركي من الركود الى التعافي وبعد تراجع البطالة من 11 في المئة في 2008 الى أقل من 5.5 في المئة، ولإبقاء مستوى التضخم عند حدود 1.5 في المئة.

أما في لبنان، فالقاعدة الإقتصادية المُعتمدة في الولايات المتحدة الأميركية، ليست مُعتمدة محلياً، ولا يظهر لها أي بوادر، إذ يتّجه مصرف لبنان، وفق ما تقوله مصادر مصرفية لـ “المدن”، الى بحث زيادة الفوائد على الودائع وسندات الخزينة بنسب تتراوح بين ربع ونصف في المئة، بدل من خفضها (بحسب القاعدة الإقتصادية المعتمدة في الولايات المتحدة) بناء على تزايد الركود الاقتصادي سنوياً وتراجع النمو تدريجياً، بحيث أصبح من الضروري تعزيز الإستثمار والإستهلاك عن طريق خفض الفوائد.