IMLebanon

حكومة الفضائح وتقاسم جبنة النفايات! (بقلم رولا حداد)

Serail-Ministerial-Council.

في حين يغرق البلد في الصراع غير الخفي على رئاسة الجمهورية، والذي قد لا يبصر نهاية قريبة، يبدو أن الحكومة السلامية تحوّلت من حكومة إدارة الفراغ في ظل غياب رئيس للجمهورية الى حكومة لا تجتمع إلا لتمرير صفقات، كمثل ما حدث في ملف تصدير النفايات.

حكومة الرئيس تمام سلام التي أقرّت في 17 كانون الثاني 2015 إقفال مطمر الناعمة بعد 6 أشهر، أي في 17 تموز 2015، لم تقم بأي عمل منذ كانون الثاني 2015 لتأمين حلّ بديل عن مطمر الناعمة ولا لتأمين بديل عن شركة سوكلين التي أنهى القرار الحكومي عقدها في التاريخ نفسه.

وفي حين كانت “حكومة العمل” المفترضة عاجزة عن معالجة أي ملف سياسي، تحولت حكومة شلل كامل على مختلف المستويات. المفارقة الوحيدة المذهلة أن هذه الحكومة لم تلتئم في الأشهر الأخيرة في غير جلسة يتيمة في كانون الأول الماضي لتقرّ خطة ترحيل النفايات مع شركتين، إحداهما وهمية على ما كشفت صحيفة “النهار”، وإن لم تكن وهمية بفعل أنها موجودة نظرياً ومسجلة في هولندا، إلا أنها لا تملك أي خبرة في مجال النفايات ولا موظفين لديها، باستثناء مالكها النظري!

الحكومة السلامية تجاوزت مبدأ الشفافية المفترض عبر إجراء المناقصات، وذهبت الى اتفاق بالتراضي، يتضح يوماً بعد يوم أنه غطاء فاقع لعملية تقاسم جبنة النفايات مرة جديدة، بعد تجربة سوكلين التي فاحت روائحها، بحسب كل ما صدر من اتهامات متبادلة بين السياسيين!

المفارقة المذهلة فعلاً في ملف النفايات المتجدد أن “شلش الحياء طقّ” لدى بعض أطراف الحكومة، وما يعكس ذلك هو تجاوز كل الفضائح التي ظهرت عن الشركة الهولندية، فلم تعقد الحكومة جلسة واحدة للاطلاع على كل ما نُشر عن هذه الشركة، وكيف أنها مؤلفة من شخص واحد أو شخصين، وأنها لم تنفذ أي مشروع متصل بالنفايات في مسيرتها الخالية من أي مشروع، باستثناء وجود شركة توأم لها تعمل في مجال تصنيع المطابخ المنزلية. وهي أيضا لم تدفع كفالتها المالية حتى اليوم (5 ملايين دولار)!

والفضيحة الأكبر تبقى في ما تسرّب من أن الشركتين المعنيتين لن تقبلا بتصدير أي نفايات عمرها أكثر من 45 يوماً… مما يعني أن أكثر من 200 ألف طن من النفايات المرمية على الطرقات اللبنانية ستبقى في مكانها حتى إشعار آخر.

لم يسأل أحد من الوزراء كيف يمكن تأجيل التوقيع على العقود حتى آخر كانون الثاني 2016 بذريعة تأخر ترجمة العقود الى اللغة العربية. ولم نسمع سؤالاً واحداً يتحوّل استجواباً من أي نائب في البرلمان اللبناني.لم يسأل أحد: لماذا الترحيل إذا كانت الشركتان المعنيتان لن ترحّلا أولاً النفايات العالقة منذ 17 تموز الماضي؟ وماذا سنفعل إذا بهذه النفايات؟ وإذا كنّا في هذه الحال سنعود الى طمر هذه النفايات في لبنان، فلماذا لا ننشئ مطامر صحية لكل النفايات عوض تكبّد تكاليف هائلة للتصدير؟

ولماذا لم يسأل أحد عن عدم التحقيق في ما تمّ كشفه عن أن الشركة الهولندية هي أشبه بشركة وهمية؟ ومن يقف وراء هذه الشركة؟

بناء على كل ما تقدّم يتّضح أن مافيا النفايات في لبنان أكبر من الحكومة السلامية غير القادرة على عقد جلسة في أي ملف، ولكنها تجاوزت عقدة آلية العمل الحكومي لإقرار مبدأ ترحيل النفايات وتسمية الشركتين الإنكليزية والهولندية، لأنها ملزمة بتمرير مبادئ توزيع الحصص، وهو ما يسمو على أي مبادئ سياسية في بلد تحوّلت فيه النفايات التي تسمّم الهواء والتراب والماء وصحة المواطن، قالب جبنة وتنفيعات لبعض الأطراف السياسية!