IMLebanon

التضييق على “حزب الله” طبق أساسي في اجتماعات الوفد اللبناني الى الولايات المتحدة

us-department-of-treasury

موريس متى

يعتبر القطاع المصرفي اللبناني من القطاعات القليلة جداً التي تمكنت من الصمود في وجه كل الازمات التي عصفت بالبلاد منذ انتهاء الحرب الاهلية وحتى اليوم. اتسم هذا القطاع بمناعة قوية عزّزتها سياسة مصرف لبنان التي ساهمت في تحييده عن الصراعات السياسية الداخلية والاقليمية، حتى أضحى العمود الفقري الاساسي للاقتصاد.
لا يزال القطاع المصرفي يسعى الى التحصّن ضد أي عقوبات أميركية أو دولية قد تطاوله، بذريعة مكافحة تمويل الارهاب وتبييض الاموال، خصوصاً بعد إعتداءات 11 ايلول في الولايات المتحدة وإعلان واشنطن حربها ضد “الارهاب”. منذ ذلك الحين، بدأت الادارة الاميركية شنّ نوعين من الحروب: الحروب العسكرية التي اطلقتها عام 2001 ضد حركة “طالبان” في أفغانستان التي تبنت إعتداءات 11 ايلول وتشكيل التحالف العسكري الدولي ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، والحروب الاقتصادية والمالية والمصرفية التي ترمي الى تجفيف مصادر تمويل المنظمات التي تصفها الولايات المتحدة بـ “الإرهابيّة”. لكن هذا النوع من الاجراءات لم يظهر الى العلن الا بداية عام 2014 إثر إنتشار تنظيم “داعش” بقوة في العراق وسوريا ومبايعة عدد من الجماعات المسلحة له، وبعدما أخذهذا التنظيم يوسع عملياته الى خارج الدول والمناطق التي يسيطر عليها وبات يشكل تهديداً جدياً لكل دول العالم.
سلاح العقوبات
إستعانت الولايات المتحدة والامم والمتحدة بسلاح العقوبات المالية والاقتصادية لوقف تدفق الاموال الى هذه التنظيمات، فأقرت قوانين هدفها الاساسي تجفيف مصادر تمويل التنظيمات الارهابية ومكافحة تبييض الاموال، وأدرجت “حزب الله” في قائمة المنظمات الإرهابية عام 1995. وبعد سنوات بدأت الادارة الاميركية فرض عقوبات على الحزب لتضييق الخناق عليه مالياً وعسكرياً، وتمثل آخرها في قانون يستهدف المصارف والمؤسسات المالية في الولايات المتحدة وفي خارجها، التي تقوم بعمليات مع الحزب أو تبييض أموال لمصلحته، كذلك استهدف قناة “المنار” التابعة له. وتمثلت اولى الخطوات بالظهور عبر فرض الخزانة الاميركية عقوبات على رجل الأعمال علي يوسف شرارة وشركته “سبكتروم”، بتهمة تقديم دعم مالي للحزب. علماً أن هذه العقوبة ليست الأولى التي تستهدف “حزب الله”، اذ فرضت واشنطن في تموز المنصرم عقوبات شملت قادة في الحزب بسبب العمليات العسكرية التي يخوضها في سوريا.

 

المصارف اللبنانية
“يلتزم القطاع المصرفي اللبناني كل العقوبات وينخرط بشكل فاعل في الحملة العالمية ضد تبييض الاموال وتمويل الارهاب”، هذا الموقف يحمله وفد جمعية المصارف الى السلطات الاميركية خلال زيارته واشنطن في حلول نهاية الشهر الجاري. يقوم الوفد بهذه الزيارة الدورية كل 6 اشهر، ويتم خلالها إطلاع المسؤولين الاميركيين على كيفية عمل القطاع المصرفي اللبناني وإلتزامه جميع التعاميم والقرارات الاميركية.
في هذا السياق، اكد الرئيس السابق لجمعية المصارف الدكتور فرنسوا باسيل ان “المصارف اللبنانية مستمرة منذ اعوام بإجراءاتها وتدابيرها في كل ما يتصل بحركة التحويلات المالية لـ “حزب الله” ومن يدور في فلكه من مؤسسات وأفراد، خشية تعرضها لعقوبات أميركية تؤذيها وتخلّف تداعيات خطيرة على القطاع”. واعتبر أن لبنان “مجبر على التزام القوانين الاميركية لأن اقتصاده مدولر، ولو كان بالليرة فقط لما إستطاع احد فرض شيء عليه”. كما اشار الى انه لا يمكن ان تخرج اي مؤسسة مالية ومصرفية تخضع لقانون النقد والتسليف وللسلطة النقدية التي يمثلها مصرف لبنان، عن القوانين الدولية، رافضاً الحديث عن إستهداف للمصارف اللبنانية مع جزمه بأنّ أياً من هذه المصارف لم يتعرض لأي نوع من الضغوط. وذكّر باسيل بأن السيد حسن نصر الله أكد ان لا أموال للحزب في المصارف اللبنانية لعدم إحراجها، ولا تتعاطى مؤسساته مع هذه المصارف. وشدد على أهمية التشريعات التي أقرها مجلس النواب حماية للقطاع المصرفي كي يبقى منسجماً مع التعاميم والقوانين الدولية.
قانون غير مناسب
أكد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام فتوح ان القرار الاميركي يرغم كل المصارف على التزام كل بنوده تحت طائلة التشدد في فرض عقوبات صارمة عليها. واعتبر “أننا ويا للاسف، يجب أن نطيع القرارات الاميركية وتحديداً طلبات الجهات المالية لمنع إبعاد اي مصرف من المنظومة المالية الاميركية، ما يؤدي تالياً الى إنهياره. من المؤكد ان لا حسابات بإسم “حزب الله”، ولكن الامر يتعلق بقسم كبير من الشعب اللبناني يؤيد التوجه السياسي لهذا الحزب، من هنا على المصرف ان يتبع معادلة “إعرف عميلك”. وفي حال كان العميل يمتلك حساباً لتسديد حاجاته الاساسية واليومية (مياه، كهرباء…)، فهذا الامر لا يعني أن على المصرف ان يقفل حسابه”. ولفت الى ان المشكلة ستصل الى رواتب موظفي المؤسسات التابعة لـ “حزب الله” وأجورهم، مثل قناة “المنار” وغيرها من المؤسسات، اذ يتوقع أن تتجه المصارف اللبنانية الى إغلاق كل حسابات هؤلاء خوفاً من أن تستهدفها العقوبات.
ولفت فتوح الى ان اللوبي اليهودي في الكونغرس، والمعادي للبنان، لن يتوقف عن صياغة قوانين تستهدف الشعب اللبناني، مؤكداً ان إلاتحاد سيكون له تحرك في هذا الخصوص للعمل على وضع حد لهذا الاستهداف الذي يُعتبر نوعاً جديداً من الحروب على لبنان. وأعلن ان مستوى الحذر لدى المصارف الاجنبية العاملة في لبنان إرتفع في الفترة الاخيرة، وهي في حال إنتظار لما ستؤول إليه الامور لإتخاذ قرار البقاء في السوق اللبنانية أو مغادرتها. واعتبر ان قرارات من هذا النوع ستعزز صيرفة الظل، كذلك سترفع عدد المؤسسات المصرفية غير الخاضعة للرقابة”، مؤكداً ان المخاطر التي ستؤدي لها هذه العقوبات اكبر بكثير من المرجو منها، كونها تساهم في فتح قنوات للتحاويل المالية غير منظمة ومراقبة وخارج الدورة الاقتصادية، ما ينعكس سلباً على كل القطاعات.