IMLebanon

ملتقى الخريجين

RamziSamara
كيلسي وارنر

تقدم رمزي سمارا، في يناير/ كانون ثاني من عام 2014، يملؤه طموح رواد الأعمال إلى تحقيق أحلامهم، مرتدياً ملابس رسمية تضفي جدية على مظهره، إلى الملياردير مارك كوبان، الذي كان يحضر مباراة لكرة السلة، جرت في مدينة تورنتو، ليعرض عليه فكرة شركته الناشة الجديدة.

لم يستجب عملاق التكنولوجيا، الذي كان يشاهد بحزن فريق تورنتو رابتورز ينال من فريقه دالاس مافريكس، وعندما طلب حارسه الشخصي من سمارا الابتعاد صرخ كوبان مثلما يفعل عادة لإبعاد الغرباء الذين يقتربون منه: “أنت تعرف كيف تتصل بي”.

سجلت الحادثة صديقة سمارا في كلية الأعمال، ميليسا يونغ سينغ، باستعمال هاتفها الخليوي، ونشرتها على صفحتها على (فيسبوك) ليشاهدها جميع زملاء دراستهم الــ50 في جامعة (واترلو) الكندية، الذين اعتبروه تصرفاً متوقعاً من سمارا الجريء ذي النزعة الاجتماعية.

لم يتسرب اليأس إلى سمارا؛ فبعد مرور عامين على الحادثة، قام بتأسيس شركته (Meshlytics) وتعرف بأنها منصة مرتكزة على سحابة تسمح للجامعات ببناء الروابط ومد جسور الثقة مع خريجيها بهدف جمع الأموال والبيانات، كما تمد الخريجين بوسيلة تواصل مجانية مع زملاء الدراسة السابقين، وتمكنهم من الحصول على النصيحة والاستشارة حول المسار الوظيفي، والبحث عن وظائف.

أسس سمارا، البالغ من العمر 27 عاماً، مع صديق طفولته في مدينة جدة، عبدالله كامل، وزميل الدراسة السابق، صن ساتشي، شركة (Meshlyrics) عام 2013 لخدمة مجتمعات الخريجين، وقدم سمارا 80 ألف دولار من مدخراته الشخصية. يقول المؤسسون إنهم يتباحثون مع 13 جامعة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ولبنان وسلطنة عُمان لدفع ما معدله 4 آلاف دولار كرسوم تسجيل سنوية.

تفكر ليلى مناصفي التي ترأس قسم التطوير الوظيفي والخريجين في الجامعة اللبنانية الدولية في الاستفادة من هذه المنصة في (خطة التسويق الاستراتيجية). إذا ساعدت في بناء مسار وظيفي، “فإنها ستخلق حساً بالانتماء والولاء والفخر تجاه المؤسسة التعليمية” تقول ليلى.

وصلت (Meshlytics) إلى نصف النهائي في مسابقة منتدى (MIT) لريادة الأعمال في العالم العربي التي عقدت في الكويت في شهر أبريل/ نيسان الماضي عندما اختارتها لجنة التحكيم من بين 3 آلاف مرشح. ويقول سمارا: “فرصة جديدة تتشكل بسرعة في الشرق الأوسط سيقطف ثمارها أول الواصلين”. ستبين الأيام ما إذا كان المجال سيتسع لمنصة تواصل اجتماعي تستهدفها شريحة ضيقة. يمكن لمستخدمي (لينكد إن) تكوين مجموعات، كما أن للمؤسسات التعليمية صفحاتها على موقع (فيسبوك)، أما التطبيقات فيمكنها جمع المجتمعات الفرعية والتقريب بينها بنجاح.

ويقول سمارا: “نحن في نهاية المطاف جزء من مجتمعات صغيرة، ومجتمعات الخريجين إحداها، وهي مهمة جداً”

في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تعتبر (Doximity) نفسها بمنزلة (لينكد إن الأطباء) وهي اليوم أكبر شبكة اجتماعية للأطباء في البلاد. تتأتى أرباح مثل هذه المنصات عادة عن طريق استقطاب أكبر عدد ممكن من الأعضاء مجاناً، ثم استخراج البيانات التي ترد من الديموغرافيا والتفاعل على الشبكة، وتجهيزها ثم بيعها.

جاءت فكرة (Meshlytics) عندما انخرط سمارا لدراسة الماجستير في جامعة (واترلو) في برنامج ريادة الأعمال والتكنولوجيا لعام 2012، حيث ينص المنهاج الذي وضع منذ 10 أعوام على تطوير فكرة ووضعها موضع التنفيذ عند التخرج، وشجع الأساتذة الطلاب على التواصل مع الخريجين الذين يعملون في شركات ناشئة في (تورنتو وسيليكون فالي). يقول سمارا: “كنا في حاجة لمعرفة كيفية الاتصال بالخريجين”.

لم يؤسس أي من زملاء الدراسة في البرنامج مجموعة على موقع (لينكد إن)، وقرر سمارا تنظيم لقاء للخريجين الذين مضى على تخرجهم 10 أعوام، إلا أنه وجد أن معلومات جهات الاتصال التي يملكها مكتب شؤون الخريجين غير محدثة، وبرنامج الحاسوب المستخدم قديم، يقول سمارا: “تعين علينا أن نعدها يدوياً”.

كان لقاء الخريجين الذي التأم في مبنى صناعي في وسط مدينة تورنتو ناجحاً، وفاز برعاية شركة (بلاك بيري) التي ارتاد مؤسسوها جامعة (واترلو). حضر نصف خريجي البرنامج، الذين يبلغ عددهم الإجمالي 350 خريجاً، وطلبوا من سمارا عقد هذا اللقاء مرة أخرى.

تبلورت فكرة (Meshlytics) في ذهنه بعد هذا اللقاء. مواقع (لينكد إن) و(فيسبوك) لا تجمع المؤسسات التعليمية بخريجيها على نحو فعال، كما أن الجامعات في الشرق الأوسط تعتمد على جداول بيانات (إكسل) وتطبيق (واتساب) لمتابعة خريجيها.

انضم صن ساتشي الذي ساعد في تنظيم لقاء الخريجين إلى (Meshlytics)، وتوجه الاثنان بعد تخرجهما عام 2013 للعمل بدوام كامل لتطوير خطة المشروع ضمن برنامج الحاضنة التابع للجامعة، واستعانوا بــ4 طلاب من كلية الهندسة لمساعدتهم في إعداد برنامج الحاسوب.

تقسم منصة (Meshlytics) إلى مجموعتين من المستخدمين هما: مديرو الكلية والخريجون. لوحة التحكم تعرض معلومات الخريجين بما فيها الموقع الجغرافي ومكان العمل، وتسهل تقديم التبرعات. يمكن للخريجين البحث عن المعلومات الدقيقة العائدة لزملائهم، وعن قوائم الوظائف، والفعاليات الجامعية، والأخبار، كما يمكن للخريجين الجدد الاتصال بالمهنيين ذوي الخبرة والمستشارين.

في البداية تجمع (Meshlytics) البيانات من المدارس، وتقدم الدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات على مدار العام. تضمن المحاولات المنتظمة للوصول إلى الطلاب السابقين معلومات حديثة. ويستطيع المديرون وسم المنصة بشعار الجامعة، وتشكيلها حسب الطلب، الأمر الذي قد يدر 10 آلاف دولار، أو ما يزيد على ذلك، وكانت مدرسة ثانوية للبنات في مدينة مونتريال الكندية أولى عملاء الشركة الذين يسددون ثمن الخدمات التي حصلوا عليها.

رغبة الجامعات بإرسال النشرات الإخبارية؛ التي تعد ركناً مهماً للوصول إلى الخريجين كانت ردة الفعل التي تلقاها المؤسسون، ما جعل خيار الحصول على قوائم جهات الاتصال وإرسال البريد الإلكتروني من المنصة أمراً ممكناً.
يتبوأ أفراد من عائلة كامل الذي بقي في المملكة العربية السعودية لدراسة إمكانية إطلاق مشروعهم في الشرق الأوسط مجالس أمناء في الجامعات، وتبرع أحد أقاربه، نجل الملياردير صالح كامل، بــ10 ملايين دولار لكلية الحقوق في جامعة (ييل) في شهر سبتمبر/ أيلول.

أقرباء كامل حذروه من أن بيع منتجات الشركة إلى المؤسسات، أو الشركات لهذا الغرض، يستغرق وقتاً طويلاً، كما أن صدور قرار الجامعات بالشراء قد يستغرق ما يزيد على العام. “اتضحت الصورة أكثر. عليك أن تعرف ماذا يريدون لتكون قادراً على بيعهم منتجك” يقول كامل الذي ظل مفضلاً لنموذج التسجيل.

عاد سمارا إلى مدينة جدة في عام 2014 وزار جامعتين للتعريف بشركته (Meshlytics)، حيث أبدت الجامعتان حماسهما. “أحياناً لا تفهم ذلك الشعور. ينتابك التردد دائماً عند العمل على منتج أو خدمة لا يريدها الآخرون، ولكنهم أبدوا موافقتهم وقالوا هذا ما نريده” يقول سمارا، علماً أن الجامعتين لم توقعا بعد على الشراء.

بينما تباشر (Meshlytics) عملها من مقر؛ مسرع الشركات الناشئة في جدة، يواصل فريق تطوير المنتج وصن ساتشي عملهم في واترلو، في الوقت الذي تستضيف فيه شركة (Microsoft) أجهزة الخادم. يعترف سمارا بأن ممارسة الأعمال من مكانين مختلفين ليس بالوضع المثالي لشركة حديثة التأسيس، ولكنه لا يريد تفويت الفرص في المملكة العربية السعودية.
“إن الشرق الأوسط مكان واعد” يقول واين تشانغ، أستاذ إنشاء المشاريع وعضو مجلس الخريجين في جامعة واترلو، ومرشد سمارا منذ أن كان على مقاعد الدراسة. ويقول: “تدرك الجامعات هناك بأن دمج الطلاب وإشراكهم أمر قيم” في وقت يشهد نضوب مصادر تمويل الجامعات.

عمل سمارا من مطبخ منزل ذويه في الأشهر الـ6 الأولى. “والده لبناني المولد أمريكي الجنسية، وأمه سعودية”. مازال يعيش في منزله ويبيع التذكارات الرياضية لكسب دخل إضافي. يرى سمارا وكامل أنهما رواد أعمال متعطشين يسعون إلى الأفضل. “نحاول صياغة قصة نجاح. هل تفهمني؟ يقول كامل الموظف في شركة عائلية مضيفاً: “إذا كانت الجامعات مرموقة، فنحن نمنحها فترة تجربة لمدة عام كامل”.