IMLebanon

ترحيل النفايات يواجه معارضة بيئيّة بسبب التبعات السلبيّة

waste-burning

ميليسا لوكية

شكّلت أزمة النفايات عاملاً جديداً يُضاف إلى لائحة المشكلات التي ساهمت في انعدام الثقة بالقطاع العام. ففي حين يُخيَّل للمواطن أنَّ الأشهر الستة الماضية أشبه بعقد كامل مرّ من دون إيجاد حلّ جذري لتلك الأكياس المكدّسة في الشوارع، لا يزال ترحيلها أشبه بحلم بعيد، في ظل إجماع المعنيين على أنَّ الازمة لن تمر من دون عواقب وخيمة، مع تشديدهم على ضرورة العودة إلى خطة وزير الزراعة أكرم شهيب، أقلّه خلال المرحلة الانتقالية.

جاء دخول عدد من ناشطي حملتي “بدنا نحاسب” و”طلعت ريحتكم” إلى وزارة البيئة قبل يومين، ليذكّر من نسي بأنَّ البلاد ترزح منذ نحو 6 أشهر تحت أزمة نفايات لم تكتفِ فقط بتشويه صورة لبنان، بل زادت نسب تعرّض المواطنين لأمراض هم في غنى عنها.
ويلاقي حل الترحيل معارضة شديدة من حزب “الخضر”، إذ سألت رئيسته ندى زعرور عبر “النهار”: “كيف يمكن أن ينجح طرحٌ عارضه وزراء من داخل الحكومة ولا يعرف عنه المواطنون شيئاً، خصوصاً أنَّ أسماء الدول المستوردة لا تزال مجهولة”، مشيرةً إلى أنَّ “الخوف يكمن في احتمال اعادة النفايات إلى لبنان لأنَّ الإتفاقات التي وقعها تفرض ان تكون نفاياته مطابقة للمواصفات”.
وتستطيع الدولة، وفق زعرور، “فرض هيبتها ووضع يدها على المطامر الجديدة، وتالياً عدم فتح المجال للحديث عن المحارق بعد اليوم لأنَّها لا تعود بالنفع على البيئة”. وقد طالب حزب “الخضر” بعقد جلسة تشريعية لتحريك قانون عالق في ادراج مجلس النواب منذ عام 2015، والذي تحدد بموجبه إدارة متكاملة للنفايات وتحرّر أموال البلديات لكي تتمكن من إدارة النفايات.
واختصرت زعرور مطالب الحزب بالآتي: العودة إلى خطة الوزير شهيب موقتاً، إقرار القانون المذكور وتحرير أموال البلديات.
ويبدو أنَّ ما أُشيع قبل فترة عن إمكان زيادة ضريبة على البنزين لتمويل نفقات الترحيل، والتي أكَّدت مصادر في وقت سابق أنَّ الخبر غير صحيح، بات قابلاً للتنفيذ في هذه المرحلة. إذ أكد الخبير الإقتصادي لويس حبيقة لـ”النهار” أنَّه من مؤيدي هذا الحل ومع الإفادة من هبوط أسعار البنزين لفرض الضريبة، شرط أن تضاف هذه الأموال إلى خزينة الدولة التي تخصّص مبالغ لترحيل النفايات وأخرى لتنفيذ مشاريع، وتحسين أوضاع الطرق لحلحلة ازمة السير. وإذ اعتبر أنَّ معالجة الموضوع خاطئة من الأساس وتدل على فشل القطاع العام في التعامل مع الموضوع، جدّد أمله في أن تحل المشكلة قريبا.
واذا كان من يرى أنَّ الترحيل ليس مناسباً، فقد بات يترحّم على خطة الوزير شهيب “التي أسقطت لأسباب سياسية”، وفق الخبير البيئي مازن عبود الذي اشار لـ”النهار” الى انَّ “الدولة أخفقت في حل الملف ولم تفِ بوعودها تجاه المواطنين، ما أدّى إلى تغذية أزمة الثقة الموجودة أصلاً بين الطرفين، فبات كل حل يقترحه القطاع العام مرفوضاً من المواطن”. واعتبر أنَّ التحركات التي نظمها المجتمع المدني خير دليل على ذلك. ولفت الى أنَّ التكاليف الصحية والبيئية المترتبة عن القمامة أكثر من تكاليفها المالية، مشيراً الى أنَّ لبنان قد يصبح من أكثر البلدان المسرطنة، من دون الأخذ في الاعتبار، الأضرار التي تكبّدتها التربة، والتلوّث الذي أصاب الهواء نتيجة الحرق العشوائي، والأثمان الباهظة التي ستدفعها المياه الجوفية لاحقاً.
ورأى انَّه من الصعب جداً الشروع في عملية الترحيل، لأنَّ إتفاق “بازل” لم يشمل النفايات المنزلية التي يفترض أن تُفرز، بل صُمّم للنفايات القادرة على أن تكون مصدراً حرارياً يولّد الطاقة، معتبراً في الوقت عينه أنَّ “هذا الحل يشكّل خطراً على العملة الصعبة، خصوصاً أنَّ الدولار يُنفق عادة على شراء المواد الغذائية، الأدوية وغيرها، وليس لتصدير النفايات”. وسأل عبود: “هل من المعقول ان البقاع والجنوب لا يضمّان موقعاً يصلح لأن يكون مطمراً؟”.