IMLebanon

استمرار نجاح «ماكدونالدز» المستجيبة لأذواق كل الفئات

mcdonalds

جاري سيلفرمان

العام الماضي كان عاما صعبا بالنسبة لكثير من أكبر العلامات التجارية في العالم. أسماء مألوفة من مُرشّحين رئاسيين باسم بوش إلى شرائح الجبنة الأمريكية كرافت لم تعُد تحظى بالاهتمام. العروض اللاذعة مثل الصلصة الحارة سريراتشا ودونالد ترامب جميعها كانت واسعة الانتشار إلى حد كبير.

مع وصول العام الجديد، كان هناك عضو واحد من نخبة الشركات في الولايات المتحدة يُظهر أن من الممكن بالنسبة لعلامة تجارية معروفة -كثيرا ما كانت تتعرض للانتقادات- أن تستعيد سحرها التسويقي في وقت قصير إلى حد ما.

ماكدونالدز تُحقّق نجاحا في البورصة، بعد أشهر من ظهورها على ما يعادل النجاح في إدراج اسمها في قائمة فورتشن 500. ارتفعت الأسهم في سلسلة المطاعم بنحو الثُلث منذ أدنى مستوياتها التي حقّقتها في كانون الثاني (يناير) من عام 2015، عندما حلّ ستيف إيستربروك المسؤول التنفيذي في الشركة، محلّ دون تومبسون في منصب الرئيس التنفيذي. ارتفعت مبيعات المتجر نفسه في “ماكدونالدز” في الولايات المتحدة بنسبة 0.9 في المائة في الربع الثالث للمرة الأولى منذ بضعة أعوام.

عندما استلم إيستربروك، المواطن البالغ من العمر 48 من واتفورد في إنجلترا، رئاسة الشركة، كان من السهل رؤية مطاعم ماكدونالدز بأنها لا تلبي حاجات الناس السائدة في الفترة الحالية.

المستهلكون الشباب يختارون الطعام الصحي، وسلاسل مطاعم البرجر الجديدة، مثل مطعم شاك شاك لشيف نيويورك الشهير داني ماير، ظهرت على الساحة لتُقدّم للمستهلكين اللحم المفروم الذي طعمه في الواقع يُشبه شيئا جاء من بقرة.

ما يُذهلني بشأن إيستربروك هو أنه استجاب لهذه الآلام بالسلاسة المؤسسية التي تقوم على مراعاة جميع الفئات وعدم التمييز بينها. لم يدخل في جدل مع الذين ينتقدون شركته أو يسخر من جيل الألفية، بل حاول إشراكهم. إيستربروك، الذي لا يرتدي ربطة عنق ويتحدث بالجدية التامة التي تميز التنفيذيين، ظهر في فيديو يصف ماكدونالدز بأنها “شركة البرجر التقدّمية الحديثة” التي “ستكون أكثر تقدّمية حول الغرض الاجتماعي الخاص بنا، من أجل تعميق علاقاتنا مع المجتمعات فيما يتعلّق بالقضايا التي تهمّهم”.

من المؤكد أن هذا الإعلان كان غامضا نوعا ما، لكن كذلك كان حُكم رونالد ريجان أن “الصباح قد عاد مرة أخرى إلى أمريكا” أو شعار باراك أوباما “نعم، نستطيع”.

النقطة الأساسية هي أنه كخبير تسويق، اختار إيستربروك مسايرة التدفق السياسي الاجتماعي في العصر الجديد.

لقد تعهدت مطاعم ماكدونالدز أنه بحلول عام 2017، فإن مطاعمها في الولايات المتحدة ستستخدم الدجاج الذي “لم يتم ترتبيته بالمضادات الحيوية المهمة في الطب البشري” فحسب. في ألمانيا، قدّمت الشركة برجر لحوم البقر العضوية بنسبة 100 في المائة، باستخدام اللحوم التي مصدرها المزارع التي تتجنّب استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية الاصطناعية.

لا شك أن كثيرا من ابتكاراته لم تزد كثيرا على كونها مجرد تنويعات حول بديهية الأعمال القديمة، التي تعتبر أن الزبون دائما على حق. إيستربروك يمنح الناس ما يريدونه، مثل وجبة الفطور طوال اليوم في الولايات المتحدة، وهو ابتكار رائع من وجهة نظري، الذي لم يأكل عن طيب خاطر أي برجر من ماكدونالدز منذ الأيام التي كان فيها التلفزيون الملوّن لا يزال يبدو أمرا جديدا، لكنه لن يُمانع الحصول على وجبة إيج ماكمافين أو كوب من قهوة ماكدونالدز عند الحاجة (يبقونه حارا بالفعل، أليس كذلك؟)

الأمر الجديد هو أن إيستربروك يتكيّف مع مشهد التواصل الذي يواجه حتى أغنى الشركات ومعظم السياسيين الذين يحصلون على تمويل جيد. انتهت الأيام حين كان بإمكان المُعلنين البارزين السيطرة على “سردهم” من خلال إمطار الجمهور بوابل من الإعلانات التلفزيونية التي مدتها 30 ثانية.

بدلا من ذلك، عليهم معرفة الطرق للانضمام إلى “الحوار الوطني”، كما هو معروف في لعبة الدعاية.

الأمر السائد اليوم هو القيادة من الخلف، إن صح التعبير، والانتقال إلى الحوار الذي يتكشف على وسائل الإعلام الاجتماعية، عندما يكون مناسبا لأهداف شركة التسويق. بيان صحافي أو تغريدة في الوقت المناسب في هذا السياق يُمكن أن تكون تماما ذات معنى بقدر الإعلانات الأكثر إتقانا.

في الواقع، صيغة “شركة البرجر التقدّمية الحديثة” الخاصة بإيستربروك تستذكر واحدة من الحملات التسويقية الكبيرة في تاريخ ماكدونالدز. الحملة، التي صاغها كيث راينهارد، من وكالة دي دي بي للإعلان في الآونة الأخيرة، كانت تهدف لتؤكد للعدد المتنامي من الأمهات العاملات في الولايات المتحدة في السبعينيات، أنه لا بأس باصطحاب أطفالهن لتناول وجبة من الوجبات السريعة. “أنت تستحقين استراحة اليوم”، وفقا للشعار المشهور.

من خلال إظهار نفسه بأنه مُقلّب البرجر التقدّمي، يستعير إيستربروك أيضا صفحة من كتاب قواعد اللعب التي تمارسها واحدة من الشركات الاستهلاكية الأكثر نجاحا اليوم: ستاربكس.

عندما يتعلّق الأمر بالمحسنين المؤسسيين، لا يوجد أحد مثل رئيسها التنفيذي، هاورد شولتز. أصبحت شخصيته سياسية للغاية إلى درجة أنه كان يبدو أحيانا وكأنه يقوم بتجربة أداء ليكون ممثلا بديلا عن بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ الاشتراكي عن ولاية فيرمونت، الذي يترشّح للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة.

وجاء هذا التمجيد العام الماضي عندما طلب شولتز من موظفيه كتابة عبارة “الأعراق معا” على المشروبات على أمل تحفيز المحادثات عن علاقات الأعراق في الولايات المتحدة. وقد كانت استجابة مستخدمي موقع تويتر بالسخرية، التي كانت مفهومة، لأن الناس في بعض الأحيان يذهبون إلى مقاهي ستاربكس من أجل شرب القهوة.

على أن هناك حقيقة ضاعت في كل هذا الخليط الإلكتروني على الإنترنت، وهي أن سعر سهم شركة ستاربكس كان أيضا يرتفع بسرعة. كان يتم تداول أسهم الشركة في الفترة الأخيرة بنسبة تزيد تقريبا على 50 في المائة عن مستوياتها التي كانت عليها في مطلع السنة السابقة.

ربما كانت هذه مجرد مصادفة، لكن لعلها أكثر من ذلك. ربما يبين التنفيذيون مثل شولتز وإيستربروك للناس جميعا مدى النجاح الذي يتسم به سلوك الرأسماليين في الوقت الحاضر.