IMLebanon

هل يضع قانون الكونغرس ضد «حزب الله» المصارف أمام اختبار جديد؟

congress-usa

هلا صغبيني

قرار رئيس مجلس النواب نبيه بري تشكيل لجنة نيابية لمتابعة ما يمكن ان يتعرض له لبنان من ضغوط مالية واقتصادية بفعل قرار الكونغرس القاضي بتشديد الحصار المالي على «حزب الله»، شكّل برهاناً على حجم الخطر المحدق بلبنان وبقطاعه المصرفي الذي يستعد وفد منه للتوجه الى الولايات المتحدة في الثاني والعشرين من الشهر الجاري للقاء عدد من المسؤولين والمعنيين في الادارة الاميركية.

وقد وضع وفد الجمعية امس حاكم مصرف لبنان رياض سلامه في لقائهما الشهري في اجواء الزيارة المرتقبة، وكان الحديث عن هذه الزيارة من ضمن عناوين اخرى ابرزها الاجراءات الضريبية التي تدرسها اللجان النيابية. مصادر مصرفية حضرت الاجتماع امس، استغربت تضخيم اهداف اللقاء بسلامه وربطه بزيارة جمعية المصارف المرتقبة للولايات رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، وقالت ان وفد الجمعية ابلغ الحاكم بنيته للتوجه الى الولايات المتحدة الجمعة المقبل في اطار الزيارة الدورية التي تقوم بها الجمعية الى اوروبا والولايات المتحدة. اضافت ان الوفد «سيجدد التأكيد للادارة الاميركية مدى التزام القطاع المصرفي اللبناني كل القوانين المالية الدولية لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب وتلك التي ترعى المصارف المراسلة»، والدليل على ذلك اقرار مجلس النواب التشريعات المالية والمصرفية التي من شأنها ان تقي لبنان من اي عزلة مالية دولية. كما انه سيشدد على «عمل المصارف تحت سقف مصرف لبنان الذي يفرض رقابة مشددة كي يمنعها من الوقوع في المحظور». واوضحت المصادر ان المصارف اللبنانية ترفض رفضا قاطعا العمل مع اي عميل اذا كان اسمه او اسم التنظيم الذي ينتمي اليه، مدرجاً على لائحة العقوبات الاميركية.

وتعتبر مصادر مالية متابعة ان حال القلق التي انتشرت في اليومين الماضيين بعد الاعلان عن اللجنة النيابية الخماسية (وتضم كلاً من محمد قباني، ياسين جابر، باسم الشاب، روبير فاضل، والان عون) وعن زيارة جمعية المصارف الى الولايات المتحدة، تبرهن مدى وعي اللبنانيين الى خطورة سياسة المواجهة التي يعتمدها «حزب الله» وتأثيرها على الاقتصاد الوطني وعلى لقمة عيشهم وعلى ادخاراتهم.

وكان الكونغرس الاميركي اقر بالاجماع في 16 كانون الاول الماضي، قانوناً حمل الرقم 2297 حض على فرض عقوبات على المؤسسات المالية والأفراد التي تدعم «حزب الله»، وربط نشاطات الحزب المزعومة بتهريب المخدرات بالعقوبات الأميركية الجديدة عليه. واستهدف أيضاً قناة «المنار» التابعة للحزب والتي سعى الكونغرس من خلاله ان يقطع تعاملها مع مشغلي الأقمار الإصطناعية. وستحدد واشنطن في غضون 90 يوماً المشغلين الذين يحتفظون بتعامل مع «المنار«.

ويفرض القانون على الرئيس الاميركي إدراج قواعد لمعاقبة المؤسسات المالية التي تقوم بمعاملات مع «حزب الله» أو تبييض أموال لفائدته.

وسيكون على الإدارة الاميركية تقديم تقارير إلى الكونغرس بهدف تسليط الضوء على الشبكات العالمية لـ»حزب الله« خصوصا في جنوب الصحراء الإفريقية وآسيا. كما على الإدارة الاميركية أن تحصي الدول التي تدعم «حزب الله» أو التي يحتفظ الحزب فيها بقاعدة لوجستية مهمة. كما سيتم إعلام الكونغرس بالمصارف المركزية (والتي يأتي على ذكرها للمرة الاولى في اي قرار او تدبير اميركي) التي يحتمل أن تكون لها صلة بتعاملات «حزب الله» المالية.

ويتوقع ان يقدم الرئيس باراك أوباما بحلول نيسان المقبل، تقارير تصف نشاطات «حزب الله «في مجال تهريب المخدرات ونشاطات إجرامية محتملة عبر الحدود، مثل الاتجار بالبشر.

وتشدد مصادر مالية وقانونية متابعة للملف على مدى الجدية التي يتعامل بها الاميركيون في مسألة التشدد في حصار «حزب الله» مالياً، مشيرة الى اربعة معطيات في هذا الاطار، هي:

– التوسع في الجهات التي يمكن ان تطالها العقوبات الاميركية.

– تناول الامين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله هذه المسألة في خطاب له للمرة الاولى وحضه المصارف اللبنانية على عدم الخضوع والانصياع الى الادارة والارادة الاميركية.

– مسارعة الرئيس بري الى تشكيل لجنة نيابية تعمل على متابعة تداعيات القانون الاميركي على القطاع المصرفي، وتلميع صورة لبنان مالياً سيما وان القطاع يلعب دوراً اساسياً في الاقتصاد وهو يعتبر رافعة له وكان سبباً في المناعة التي اكتسبها الاقتصاد في مواجهة الخضات في مختلف الظروف.

– ردة فعل المصارف اللبنانية ومنح هذا الموضوع الاهمية اللازمة والتحرك المنشود لتجنيب القطاع اي ضرر.

فقرار الكونغرس يهدد العلاقة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة، ومن شأنه ان يفرض عبئاً جدياً عليها من اجل الامتثال. اذ يمكنه ان يطال اي مؤسسة مالية تظهر الدلائل تعاملها مع اي شخص تابع لـ»حزب الله» او قريب منه، وستمنع بالتالي من التعامل مع اي من المصارف المراسلة، ومن القيام بتحويلات بالدولار، وستهمش وصولاً حتى الى اقفالها. وهنا يمكن الخطر الحقيقي..

ونص القانون في هذا الاطار على ان الرئيس الاميركي سيحدد بعد 120 يوماً على تطبيقه يجب ان يفرض قواعد محددة على فتح او الابقاء على حساب في الولايات المتحدة او على حساب تتم منه دفع مبالغ من قبل مؤسسة مالية يعتبرها الرئيس الاميركي تمارس نشاطاً مخالفاً وفق ما حدده القانون.

وترى المصادر اياها ان الجدية التي تظهرها الادارة الاميركية في عدم التهاون بمسألة تمويل «حزب الله»، هي نفسها تلك التي تم تلمسها عند معالجتها لملف البنك اللبناني الكندي حين تم شراء اصول هذا المصرف وحفظ ماء الوجه لاصحابه وللمودعين وللقطاع المصرفي برمته. لكن الفارق اليوم، بحسب المصادر، تغيير سلوك الادارة الاميركية، اذ لن يكون هناك خيار امام الادارة اللبنانية او مصرف لبنان في التدخل لمعالجة اي تهاون او عدم التزام من اي مصرف لبناني، بل ستعاقب المصرف غير الملتزم مباشرة من الادارة الاميركية. وهنا تكمن ايضا خطورة هذا الاجراء ليس على القطاع المصرفي فقط انما على الاقتصاد اللبناني ككل.

وتؤكد المصادر في ردها على ما اثير من تناقض في موقف واشنطن حيال انفتاحها على ايران من جهة وتشددها على «حزب الله» من جهة اخرى، ان الادارة الاميركية ترحب بوجه محدد لايران في انخراطها في المجتمع الدولي. فهي ترسل اليها اشارة الى وجوب تقيدها بالقوانين الدولية كشرط لدخولها الفضاء الدولي، وانه ممنوع عليها الازدواجية بين الانفتاح وبين تمويل الاجرام والارهاب.

اخيرا، تجدر الاشارة الى ان استخدام القانون الاميركي تعبير «النشاطات الجرمية» يطرح اكثر من تساؤل: فهل ان هذا يعني ان مؤسسات «حزب الله» يمكن ان تخضع لاجراءات عقابية؟ وهل سيفرض على الدولة اللبنانية اتخاذ اي اجراءات بحق مؤسسات تابعة للحزب؟