IMLebanon

قضية محاربة الإرهاب اتخذت طابعاً كونياً

wissam-fattouh
ابراهيم عواضة

أمست مسألة محاربة الإرهاب، قضية عالمية مركزية، والتزاماً أخلاقياً، ذلك بالنظر إلى مخاطرها وتداعياتها السلبية على السلم الأهلي العالمي بمفهومه السياسي والأمني والاقتصادي.
اتخذت هذه القضية (محاربة الإرهاب) في السنوات الخمس الأخيرة طابعاً كونياً حيث باتت الأكثرية الساحقة من دول العالم في مواجهة مباشرة مع الإرهاب والإرهابيين على امتداد جغرافيا العالم، ذلك بعد أن دق الإرهاب أبواب العالم أجمع.
لم تعد المعركة مع الإرهاب، خصوصاً مع ظهور تنظيم «داعش» مواجهة عسكرية – أمنية، ومحصورة في منطقة معينة، إنما تعدت هذا التوصيف التقليدي لتشمل الساحات المالية والمصرفية، على اعتبار ان الإرهاب يستمد قوته واستمراريته من هذه الساحات.
.. ولأن المسألة باتت خطيرة ومعقدة ومكلفة، إن لم نقل انها باتت مصيرية بالنسبة إلى العالم، تنشط مراكز القرار المالي والمصرفي في العالم، كما المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، في تضييق الخناق على مصادر تمويل الإرهاب من خلال تشريعات ونظم متشددة تستهدف مباشرة تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وتفرض على المصارف الالتزام الكامل بهذه التشريعات والنظم.. «ومن يتخلف عن ذلك ويقصّر يتعرّض للعقوبات الدولية، وصولاً إلى اخراجه من الساحة المالية والمصرفية».
كيف تتعامل المصارف والمؤسسات المالية العربية عموماً، والقطاع المصرفي اللبناني خاصة مع القرارات الدولية والتشريعات والنظم الرقابية الخاصة بمحاربة تمويل الإرهاب وتجفيف منابع تمويله؟
عن هذا السؤال يجيب الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح ويقول لـ«اللــواء»: ينخرط العالم منذ سنوات في خوض معركة الحرب على الإرهاب، وتعمل مراكز القرار ألمالي، إضافة إلى المؤسسات الدولية والإقليمية على تطوير سبل وأساليب مكافحة غسل الأموال وكيفية تجفيف منابع تمويل الارهاب من قبل القطاعين العام والخاص ومن قبل المؤسسات الدولية العاملة في المجالات الرقابية والمالية حول العالم. ان هذه الأموال غير النظيفة التي يتم انتاجها من خلال أنشطة غير مشروعة يعاد استخدامها لتمويل الأنشطة والتنظيمات الإرهابية.
ويتابع فتوح: يوضح آخر تقرير صادر من مجموعة العمل المالي (FATF) التوجه العالمي لمحاربة هذه الظاهرة الذي يُشدّد على الأنماط والاتجاهات المعتمدة لتمويل التنظيمات ودرس الوسائل البديلة لغسل الأموال وخصوصاً عن طريق التبادلات التجارية والنقدية.
ويضيف فتوح: هذه الظاهرة (تمويل الارهاب) اشتدت وأصبحت اليوم أكثر تعقيداً من ذي قبل وباتت تستدعي مواجهتها إرادة دولية جامعة، عمل اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والهيئات التنظيمية على إصدار المبادئ التوجيهية وأفضل الممارسات وأنظمة الرصد والمراقبة، وذلك لمواجهة عمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، لا سيما وأن الآثار السلبية لهذه الجرائم تشكّل خطراً مباشراً على البنوك وعلى وجودها وإن عدم وجود أساسيات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يعرض البنوك لمخاطر كبيرة خصوصاً على صعيد مخاطر السمعة والعمليات والامتثال.
ويرى الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، ان القضاء على الإرهاب وجرائمه يستوجب القضاء على مصادر تمويله، مشيراً إلى ان مرتكبي الجريمة المنظمة والأعمال غير المشروعة يسخّرون كل طاقاتهم للتمكن من الولوج إلى النظام المصرفي للدول بحيث أصبحت النظم المصرفية أحد أهم ساحات الحرب على غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويقول فتوح: أكثر من أربعين توصية صدرت من مجموعة العمل المالي (FATF) رسمت بموجبها الخطوط العريضة والإجراءات الفاعلة والممارسات الأفضل الواجب تطبيقها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيدين الدولي والمحلي.
إلى ذلك تبذل جهود دولية أخرى على مستوى مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب منها ما أصدرته لجنة بازل للرقابة على المصارف من مبادئ وتوجيهات حول كيفية قيام المصارف بإدراج مخاطر تلك الظاهرة ضمن ادارتها الشاملة للمخاطر، مشيراً إلى الوثيقة التي أصدرتها اللجنة في هذا الاطار تحت اسم «المبادئ الأساسية لرقابة مصرفية فعالة»، والتي تضمنت معايير أساسية لمنع استخدام النظام المالي في نشاطات اجرامية وإلى وثيقة أخرى أصدرتها اللجنة بعد ذلك، وركزت بشكل حصري على موضوع مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكيفية التعامل معها.
ويضيف أمين عام اتحاد المصارف العربية: العالم العربي بات اليوم في قلب المعركة ضد تمويل الإرهاب وهو حقق إنجازات كبرى على هذا الصعيد، القطاع المصرفي العربي ملتزم كل العقوبات والقرارات الدولية الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب، واداراته ساهرة على هذا الأمر، وهي حققت نتائج ملفتة في غضون الفترة الماضية، وهذه النتائج هي اليوم محل تقدير من قبل مراكز القرار المالي والمصرفي في العالم.
وعن لبنان يقول فتوح: إن القطاع المصرفي اللبناني كان من القطاعات المبادِرة والأولى التي تصدت لعمليات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الذراع الرقابي – القضائي لمصرف لبنان، وأعني بذلك هيئة التحقيق الخاصة، كما نجحت المصارف في حثّ السلطات اللبنانية على إصدار مجموعة من القوانين الموجبة والمؤثرة في تعزيز دور لبنان في مكافحة عمليات تبييض الأموال.
ويتابع أمين عام اتحاد المصارف العربية: نحن مرتاحون لما انجزه القطاع المصرفي العربي والقطاع المصرفي اللبناني في مسألة التصدّي لعمليات تمويل الإرهاب، وهذا ما نلمسه من خلال تعاطينا شبه الدائم مع مراكز القرار المالي والمصرفي في العالم ومع السلطات الرقابية والمؤسسات المولجة متابعة هذه المسألة.
وعن نتائج أداء القطاع المصرفي العربي في العام 2015 قال فتوح: حقق القطاع المصرفي العربي أداءً جيداً حتى الفصل الثالث من العام 2015 بحسب البيانات الصادرة عن المصارف العربية والبنوك المركزية العربية، ومن المتوقع أن يستمر هذا الأداء الجيد حتى نهاية العام المذكور. وأوضح أن تقديرات اتحاد المصارف العربية تُشير إلى ان متوسط نسبة نمو موجودات القطاع المصرفي العربي قد بلغت حتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول من العام الحالي حوالى 7٪، لتتخطى الموجودات المجمعة عتبة 3.3 تريليون دولار. وبذلك، سوف تساوي موجودات القطاع المصرفي العربي حوالى 135٪ من حجم الاقتصاد العربي (أي الناتج المحلي الاجمالي). كما فاقت الودائع المجمعة للقطاع المصرفي العربي مبلغ 2.1 تريليون دولار (أي ما نسبته حوالى 85٪ تمن حجم الاقتصاد العربي)، وقروضه 1.7 تريليون (حوالى 67٪ من محجم الاقتصاد العربي). مع الإشارة إلى أن الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي العربي قد بلغت بنهاية العام 2014 حوالى 3.05 تريليون دولار أميركي.