IMLebanon

سنة 2016 دقيقة.. واتجاه خارجي لرقابة متشددة على العمليات المصرفية مع لبنان

riad-salemeh-4

حيدر الحسيني

 

ما يجري تداوله علناً من ضغوط تتعرّض لها المصارف اللبنانية من جهات خارجية جاء تأكيده حاسماً قبل يومين من قبل حاكم المصرف المركزي رياض سلامه، الذي حذّر المصارف من أن التوجه في الخارج هو نحو الرقابة المتشددة على العمليات المالية مع لبنان، وأوصاها بالإبقاء على التواصل مع المصارف المراسلة خصوصا مع مسؤولي الامتثال وزيارة أقسام التحقّق لديها إفرادياً لنسج أفضل العلاقات معها.

تحذير سلامه جاء لدى ترؤسه اللقاء الشهري مع مجلس إدارة جمعية المصارف ولجنة الرقابة قبل يومين، حيث نبّه على أن سنة 2016 ستكون سنة خير لكنها سنة دقيقة، وان مصرف لبنان يتخذ ما يلزم لتمريرها إيجاباً، علماً أن الاسواق اخذت السلبيات بالاعتبار.

في الوقت نفسه، قدّر سلامه معدل نمو الاقتصاد اللبناني سنة 2015 بنسبة دون 1 في المئة، مع انعدام التضخم، مشيراً الى الأثر الإنكماشي لتدني اسعار النفط حتى على التحويلات الى لبنان، وتوقع على هذا الصعيد أن يتراجع نمو الودائع نظراً للمنافسة من المصارف الخليجية، ما انعكس بدوره عجزاً في ميزان المدفوعات قارب 3 مليارات دولار، منها مدفوعات الدولة بالدولار بقيمة 1,8 مليار دولار.

كذلك توقع أن تستمر خلال سنة 2016 أجواء تأزّم سوق النفط بعدما هبط سعر برميل الخام دون 30 دولاراً، بسبب ضعف النمو في الاقتصاد الصيني. وترتبط بهذا الواقع خسائر قد تسجلها المصارف التي موّلت شركات النفط الصخري، مما يوجب الحذر في التعامل من قبل المصارف اللبنانية.

بالإشارة إلى حضوره المؤتمر الأخير لمحافظي المصارف المركزية، أعلم الحاكم وفد الجمعية بأن المحافظين يتوقعون تقلبات في أسعار العملات، نظراً لتقلص إمكانات التدخّل في الأسواق، بعد استنفاد آلية الفوائد التقليدية واللجوء المتزايد إلى توسيع ميزانيات المصارف المركزية من خلال آلية شراء السندات.

وطالب سلامه المصارف العاملة في لبنان بالحفاظ على النموذج المصرفي القائم في ما خص التعامل مع المودعين، لا سيما في ظل استقرار الليرة في السوق.

ولم يبد الحاكم قلقاً إزاء خروج مديري الصناديق من سوق اليوروبوندز اللبناني ومن أدوات مالية في دول اُخرى، نظراً لحاجتهم إلى السيولة من أجل تغطية عمليات في الأسواق المالية.

التعديلات الضريبية

بالنسبة للتعديلات على قانون الإجراءات الضريبية، تطرق المجتمعون إلى هذا الموضوع الذي تناقشه حالياً لجنة الإدارة والعدل النيابية. حيث تمنّت الجمعية تنسيق الموقف بينها وبين مصرف لبنان بما خص التعامل مع الأسهم ومنها الأسهم لحامله.

وللعلم، فإن موضوع تداول الأسهم، أياً تكن فئتها، غير خاضع للضريبة التي تقتطع عند المنشأ(A la Source). ولذلك، ترى الجمعية أن موضوع الأسهم لحامله المطلوب تسجيلها غير عملي، حيث أنها تُسجَّل عند حضور أصحابها الجمعيات العمومية وتُحفظ في سجلات الشركات.

مصرف لبنان، يرى من جهته أن هذه الفئة من الأسهم تُلغى في العديد من الدول حول العالم لصعوبة تحديد أصحاب الحق الاقتصادي لحامليها، وللحيلولة دون استعمالها من قبل مبيّضي الأموال، وهو يُفضل عدم قبولها في حسابات المصارف بالرغم من معرفة المصرف المعني لأصحابها.

وتندرج ذلك في سياق معايير «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» (OECD)، والمطلوب الإبلاغ عن الالتزام بها حتى عام 2017، علماً أن صيغة الأسهم لحامله غير مسموح بها في الشركات العقارية ولا في ملكية المصارف، ما يعني أن الصناعة المصرفية هي اليوم أمام ثقافة جديدة في العالم ويجب الانخراط بها.

زيارة واشنطن

وفي هذا الشق، أعلمت الجمعية مصرف لبنان بالزيارة الروتينية التي يقوم بها وفد مختص من مجلس إدارتها إلى الولايات المتحدة والهادفة الى لقاء المصارف الأميركية المراسلة للمصارف اللبنانية، بالإضافة إلى المعنيين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة وأعضاء في الكونغرس من أصل لبناني وفي لجنة الخدمات المالية والمصرفية.

رئيس الجمعية جوزف طربيه أبلغ الحاكم بأن الجمعية ستقيم حفل عشاء تكريمياً لسفير لبنان في واشنطن أنطوان شديد، الذي كان يقدم دوماً دعماً كبيراً لوفد الجمعية أثناء الزيارات.

الحاكم رأى أن مبادرة الجمعية تنظيم الزيارات إلى الولايات المتحدة جيدة جداً وإيجابية بمعزل عن كل ما يقال، وهي لمصلحة لبنان وقد حمت لبنان من تأثير التشريعات والقوانين الدولية على أداء المصارف وعملياتها (De-Risking)، والذي طاول دولاً وضعها أفضل من وضع لبنان.

وأوصى الحاكم الجمعية بالإبقاء على التواصل مع المصارف المراسلة وخاصة مع مسؤولي الامتثال (Compliance) لديها، ونصح إدارات المصارف بزيارة أقسام التحقّق لدى المصارف المراسلة إفرادياً لنسج أفضل علاقات للعمل معهم، مشيراً إلى أن التوجه في الخارج يتجه إلى الرقابة المتشددة (Enhanced Control) على العمليات مع لبنان.