IMLebanon

الحوار 14: إجماع على التعيينات العسكرية وتمديد للجنة قانون الانتخاب

lebanese-dialogue

كتبت ريتا شرارة في صحيفة “المستقبل”:

كان يتوقع مشاركون من الصف الثاني في هيئة الحوار الوطني أن يكون حضور مرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية على الطاولة أقوى صدى من الحال التي كانت عليها أمس في عين التينة، وأن يتصرف المرشحان للرئاسة الأولى “كأنهما رئيسان”، بمعنى أن يوجها المناقشة بتشعباتها المختلفة، أو أقله أن يمسكا بالطاولة أو يحاولا تطبيق برنامج رئاسي خاص بهما. إلا أن ما أحسه هؤلاء، انطلاقاً من تصرف المرشحَين أو من مضمون كلامهما، أنهما “غائبان عن أي فاعلية ومبادرة، وكأن الرئاسة لم تعد تتطلب جهداً تقليدياً لإقناع الناس بأي مضمون رئاسي”.

هذا الانطباع، أبلغه هؤلاء لـ”المستقبل”، اثر انتهاء الجلسة الـ14 لهيئة الحوار التي غاب عنها مرشح “القوات اللبنانية” الى الرئاسة الأولى رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون، وقد مثله وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي انبرى يدافع عن موقفه في اجتماعي وزراء الخارجية العرب والمؤتمر الإسلامي.

صحيح أن طاولة الحوار ضمت اليها مرشحين للرئاسة، وإن كانا من فريق واحد هو 8 آذار، إلا أن بند الرئاسة الأولى غاب مجدداً، وكلياً عن المناقشة، تاركاً مكانه للآتي:

1- استمرار المتحاورين بمناقشة بند تفعيل العمل الحكومي من باب النفايات أو التعيينات العسكرية. وتعني محاولة تطبيق هذا البند أن هناك قناعة أو رسالة أو الاثنتين معاً أن لا مجال لانتخاب رئيس للجمهورية قريباً. وهنا، لفت الحاضرين تعليق للنائب علي فياض ربطاً بالاتفاق على عودة العمل في مجلس الوزراء: “هذا الأمر يسري على “كم” جلسة فقط. لن تكون القصة دائمة. سنمشّي لكم العمل الحكومي ولكن اقتنعوا بأن لا رئاسة جمهورية”. ولهذا الكلام، عند بعض الحاضرين، مفعولان: الأول أن أياً من المرشحين للرئاسة لم يستهجن تأكيد فياض أن لا انتخابات رئاسية قريباً، والثاني أن عمل مجلس الوزراء لن يكون لأكثر من أسابيع معدودة، قد لا تتعدى الأربعة.

فماذا سمع هؤلاء بالنسبة الى ملف النفايات؟ يقولون لـ”المستقبل” إن رئيس الحكومة تمام سلام أبلغهم أنه سيكون هناك “شيء نهائي نهائي” في نهاية الأسبوع الجاري. إلا أنه لم يوضح لهم، بشكل موسع، ماهية هذا الشيء، مستهجناً “المعمعة” المستمرة من عشرة أشهر. وعن ملف التعيينات العسكرية، يقولون إنه حصد “إجماعاً” عليها، ربما يحمله نائب رئيس وزير الدفاع الوطني سمير مقبل الى جلسة مجلس الوزراء اليوم. وإجرائياً أيضاً، وفي وقت غاب أي بحث في مصير قانون الانتخاب عشية انتهاء مهلة الشهرين التي أعطيت للجنة الفرعية لدرسه، بدا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتجه الى التمديد لعملها فترة إضافية.

2- تخلية المتهم ميشال سماحة، وهو أمر أثاره رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة ولم يمر مرور الكرام. وما يهم، عند الحاضرين، أن هذا الملف لم يحصد خلافاً سياسياً على خلفيته. فلا أحد من المجتمعين قال إنه “راضٍ” على ما فعله سماحة أو أنه داعم له أو موافق عليه. فلم يكن في القاعة من يؤيده. وجل ما لفت اليه بري أن هناك “قضاء، ولا يجوز التعامل مع هذا الملف على هذا النحو”، في وقت ترددت المواقف نفسها التي كانت وردت في الإعلام من هذا الملف. ولكن، هل كان لـ”حزب الله” موقف واضح؟ قيل لـ”المستقبل” إن فياض طلب أن يثار هذا الأمر في مجلس الوزراء لا في هيئة الحوار. فسمع النائب غازي العريضي يقول: “إن طاولة الحوار موصوفة بأنها هيئة تشخيص مصلحة النظام”، وهي عبارة نشرها رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط لاحقاً على “تويتر”. وهنا، راح العريضي يتحدث عن المركب الذي سيغرق بجميع راكبيه، ويؤكد أن الخراب، إن حصل، سيطال الكل، آملاً أن تكون هذه الهيئة مدركة هذا الواقع.

3- مواقف باسيل في المنتديات العربية والإسلامية. وهنا، سيق له تحذير من خطورة مثل هذه التصريحات على اللبنانيين العاملين في الخليج العربي على أساس أن “العملية ليست مزحة ولا لعب بها”. وهنا، راح وزير الخارجية يدافع عن موقفه، ناقلاً الى الطاولة ما كان قاله في الإعلام. ورأى أن هناك “مسؤولية كبيرة على اللبنانيين” في ما يخص مصير العاملين في الخليج. وبرأيه أن من يؤثر في الرأي العام الخليجي هي المواقف اللبنانية التي تخرج اليها من الداخل وتقول إن العرب “سيقاصصون” العاملين لديهم. وفي اعتباره أنه “ليس ضرورياً أن يكون الجو العربي على هذا النحو”. وتدليلاً على رأيه، أشار الى ترحيل عشرات اللبنانيين خلال العام الفائت، من دون تبريرات، مردفاً أنه لا يؤيد الاخلال بأمن أي دولة عربية.

في افتتاح الجلسة، تناول بري بنبرة “فُكاهية” “النكات” التي طالت وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب أخيراً على خلفية العاصفة “تالاسا” التي تضرب لبنان وقراره قفل المدارس. فسأل ممازحاً “لماذا عطّلت المدارس أول من أمس”؟، فردّ باسيل: “خوفاً على التلاميذ من ضربة شمس”. وتوقع، ساخراً، أن تكون الجلسة “خطيرة” عندما لفته النائب أسعد حردان الى جلوس رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية بين السنيورة ووزير الاتصالات بطرس حرب وبعدما علق السنيورة سائلاً “هل القصة، حسد أو ضيقة عين؟”.

وتحدث نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عن قضيّة تخلية سماحة، فلاحظ أن أحكام المحكمة العسكريّة في ما يخص العملاء وقضايا أمن الدولة المطروحة عليها “غالباً ما تكون غير مفهومة وغير منطقية وغير متناسبة مع فداحة الجرم، وهو ما تكرر مرات عدة”، مشدداً على أن دعوات البعض إلى عدم التعليق علناً على مثل هذه الأحكام القضائية “ليست الوسيلة الصحيحة لعلاج هذا الوضع، إذ ربما يكون مشجّعاً للمحكمة العسكرية على المضي في هذا الأسلوب”. ورأى أن “موضوع القضاء بحاجة إلى معالجة كي لا يبقى رهن أهواء السياسيّين والقاضي والعلاقات الشخصيّة”.

وفي موضوع موقف وزير الخارجية في اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، اعتبر مكاري أن “التجاذب الحاصل، سواء في الموقف أو في الردود عليه، يضرّ بمصالح اللبنانيّين وبمصلحة لبنان ككل”، مستغرباً اعتبار الوزير باسيل أنّ الجميع وافقوا على موقفه في الاجتماع الوزاري العربي. وقال: “في الواقع لم يُعلّق أحد منّا نزولاً عند رغبة الرئيس بري الذي أقفل الحديث عن الموضوع بمونته على الجميع، وكذلك بعد أن تبيّن أن رئيس الحكومة كان موافقاً على موقف الوزير باسيل، وأن تنسيقاً مسبقاً في شأنه تم بينهما”، مضيفاً: “في الاجتماع العربي كان ثمة بيان وقرار، أما في جدة فكان الأمر مختلفاً، إذ لم يكن ثمة حديث عن حزب الله. وتبيّن أيضاً أنّ رئيس الحكومة لم يكن موافقاً على الموقف لأن موقفه في منتدى دافوس كان اعتراضياً جداً على الموضوع. أما في المحطة الثالثة في البحرين، فأعتقد أن الموقف كان منسجماً”.

وتمنى “أن يفهم الوزير باسيل أن أي إجماع لم يحصل حول موقفه، بخلاف ما قال على طاولة الحوار”. وشدد على ضرورة “إيجاد صيغة يُتّفق عليها بين كل الأطراف كي لا نقع في هذه المشكلة مجدّداً، لأنه مسلسل يتكرر”، آملاً التوصل في جلسة مجلس الوزراء اليوم إلى “صيغة باتّفاق جميع اللبنانيّين كي لا نعرّض مصالحهم في الخليج وفي المملكة العربيّة السعوديّة، تكون ضمن الموقف الذي يعبّر عن اقتناع الدولة اللبنانيّة”.

وفي موضوع التعيينات العسكرية، استغرب مكاري عدم التوجّه إليه عند طرح اسم العضو الأرثوذكسي في المجلس العسكري، وقال: “ما دامت الأمور تتم حتى الآن على أساس الطوائف والمذاهب، يا للأسف، فمن باب أولى، في موضوع العضو الأرثوذكسي، أن يُطلب رأيي ورأي من يمثل الأرثوذكس على هذه الطاولة”. ورأى أن “المعيار يجب ألا يكون الأقدمية وحدها، لأن الأقدم قد لا يكون الأفضل بالضرورة”.

وفي المواقف، على أثر الجلسة التي أرجئت الى 17 شباط المقبل، لفت النائب آغوب بقرادونيان الذي كان أوّل المغادرين لارتباطات خاصة، الى “شبه إجماع على التعيينات العسكرية، وإجماع على ضرورة تفعيل عمل الحكومة حتى لو كان انتخاب رئيس الجمهورية بعد أيام”.

وأشار الرئيس نجيب ميقاتي الى اتفاق المتحاورين على تفعيل عمل الحكومة من دون البحث في انتخاب رئيس الجمهورية. وأكد أن هيئة الحوار الوطني “تتخذ، حتى الآن، دوراً كبيراً في دعم السلطة الإجرائية”.

وفي وقت تمنى سلام “كل الخير للبلاد”، مؤكداً عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم، اكتفى وزير السياحة ميشال فرعون بالتأكيد أن “أمن الدولة بأهمية تعيينات المجلس العسكري”.

بدوره، استبعد فرنجية أن “يتغير مشهد الجلسة” في 8 شباط عن سابقاتها. وعما إذا كان سيشارك في الجلسة، أجاب: “سنرى في حينه وسنتشاور نحن وحلفاؤنا وخصوصاً حزب الله”. وبعدما نفى تطرق المتحاورين الى رئاسة الجمهورية، عازياً السبب الى بري الذي يدير الجلسة، قال عن “لقاء معراب”: “هناك مثل يقول اقرأ تفرح والباقي عندكم”. وعما إذا كان مستمراً بالترشح للرئاسة الأولى؟، أجاب: “نعم أنا مستمر بترشيحي، هذا ما قلته منذ اليوم الأول وهم اعتبروا دائماً أننا قلنا كلاماً”.

أضاف: “الكلام الذي نقوله ونلتزمه نعتبره نقطة قوتنا، وربما الآخرون يعتبرونه نقطة ضعف لنا، علماً أننا قلنا منذ اليوم إذا كان هناك B plan بالنسبة الينا يكون هناك A plan وإذا لم يكن هناك B plan ليس هناك A plan(…). نحن نشتغل سياسة ولسنا فاتحين جمعية خيرية”. وعما إذا كان سيستقبل عون في دارته في بنشعي، أجاب: “أهلاً وسهلاً بالجنرال عون فهو يعرف أن بيته في بنشعي، ولكن موقفنا ثابت فعندما نكون موجودين في مشروع الجنرال عون كـ B plan يكون هو موجود كـ A plan “. قيل له: “لكن العماد ميشال عون ارتفعت حظوظه وسبق وقلت إنك على استعداد للانسحاب له، إذا كانت لديه حظوظ فهل أنت مستعد للانسحاب له”، فأجاب: “كنت أتمنى أن تنتبه الى الجواب قبل طرح هذا السؤال فأنا أجبت عن ذلك”. وعن تبني رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ترشيح عون، وهل يمكن أن ينسحب للأخير، قال: “لا بأس. فلينتخبوه وليوصلوه، ولا أفهم أن ينسحب من معه سبعون صوتاً لمن معه أربعون صوتاً”، رافضاً الرد على سؤال حول موقف “حزب الله”.

من جهته، قال فياض: “لم نأتِ على ذكر موضوع الرئاسة لا من قريب ولا من بعيد. بحثنا في نقاط كثيرة والجلسة كانت غنية، والكل أجمع على أنها كانت منتجة، وأهم نقطة التوافق على تعيينات المجلس العسكري”. وأكد أن “الاتجاه سيكون لانعقاد جلسات مجلس الوزراء في شكل دوري”.