IMLebanon

الأفق الرئاسي مفتوح على “الخيار الثالث”

 

Baabda-résidence

 

 

بات في حكم المؤكد أن جلسة 8 شباط المقبل لن تكون جلسة انتخاب الرئيس، وأن لا انتخابات رئاسية في المدى القريب، وأن معادلة أو مبادرة معراب (جعجع ـ عون) مثل معادلة أو مبادرة باريس (الحريري ـ فرنجية) خلطت الأوراق ولكنها ليست كافية لانتخاب أو فرض رئيس. فالامور الآن استقرت على النحو التالي:

1 ـ ليس لدى العماد ميشال عون ولا منافسه سليمان فرنجية أي استعداد للانسحاب من المعركة لمصلحة الآخر. عون يريد الرئاسة تتويجا لحياة سياسية دخلت مرحلة بداية النهاية، وفرنجية يريد الرئاسة بداية جديدة لحياة سياسية ستصاب بانتكاسة إذا خسر هذه المعركة.

2 ـ ليس لدى سعد الحريري ود.سمير جعجع إمكانية العودة الى الوراء والتراجع عن ترشيحي فرنجية وعون، بإمكان جعجع عدم التقدم الى الأمام وفي اتجاه أن يصبح التلاقي الرئاسي تحالفا سياسيا، ولكن لم يعد بإمكانه العودة عن ترشيح عون. وبإمكان الحريري الدخول في عملية تفاوض مع حزب الله حول فرنجية، لكن لم يعد بإمكانه التخلي عن هذا الترشيح لأنه بذلك يتخلى عن مشروع عودته الى لبنان والى رئاسة الحكومة.

3 ـ يحوز فرنجية على أكثرية عددية في مجلس النواب مع تأييد قوة نيابية ضاربة له قوامها الحريري وبري وجنبلاط، ويتمتع بنقطة تفوق على عون في أن يلقى تأييد الكتلة السنية (المستقبل) والكتلة الدرزية. وعلى رغم هذا التقدم «العددي» وفي التنوع الطائفي، فإن فرنجية غير قادر على الوصول الى قصر بعبدا. فمن جهة، يتمتع عون بتفوق نوعي في حسابات ميزان القوى مادام يتمتع بتأييد حزب الله وهو الأقوى على الأرض، وبتأييد القوات اللبنانية، الأقوى مسيحيا في 14 آذار، وثمة خلل واضح في واقع عدم التناسب بين الأحجام النيابية (الكتل) والأحجام الواقعية (الشعبية)، ومن جهة ثانية يتمتع عون المدعوم من حزب الله بالقوة التعطيلية والقدرة على استخدام سلاح الثلث المعطل لنصاب جلسة الانتخاب التي لا يذهب إليها إلا إذا كان ضامنا للفوز.

4 ـ حزب الله مستمر في تأييد عون ولكنه ليس واردا لديه ممارسة ضغوط على فرنجية كي ينسحب لمصلحة عون. ومثلما لا يريد الحزب خسارة عون، فإنه لا يريد أيضا خسارة حليفين رئيسيين له هما بري وفرنجية.

قد يرى البعض في موقف حزب الله لغزا محيرا وقطبة مخفية لأنه لا يترجم عمليا موقفه القائل إن عون هو المرشح الوحيد لـ 8 آذار، ولكن حزب الله يواجه إحراجا رغم مكسبه الاستراتيجي في أن الرئيس المقبل بات محسوبا له وعليه. فالحزب يريد عون ولكن لا يمكنه توفير أكثرية نيابية له، ولا يمكنه تأييد فرنجية الذي يمتلك الاكثرية حتى لا يخسر تحالفه مع عون.

5 ـ حزب الله ليس مستعجلا على حسم موضوع الرئاسة. هو يرى أن عامل الوقت لمصلحته «إقليميا»، وأن رئاسة الجمهورية ليست منفصلة عن سياق عام وإنما مرتبطة بعدة مسائل أساسية:

٭ مسألة عودة الحريري الى رئاسة الحكومة غير المرغوب بها حاليا.

٭ «التسوية الشاملة» (خصوصا قانون الانتخاب). فالثمن السياسي لعودة الحريري ليس فقط انتخاب رئيس من 8 آذار.

٭ التطور الميداني السياسي (مفاوضات جنيف) للوضع في سورية الذي يحتاج الى أشهر كي يتبلور وتتضح اتجاهاته.

6 ـ خلاصة المعادلة الرئاسية انتخابيا الآن هي أن فرنجية لا يمكنه أن يصبح رئيسا من دون موافقة حزب الله، وعون لا يمكنه أن يصبح رئيسا من دون موافقة المستقبل. وهذا يعني أمرين: الاول أن انتخاب رئيس الجمهورية لا يخضع لاعتبار الاتفاق المسيحي بقدر ما يخضع لاعتبارات التوافق السني ـ الشيعي، والثاني أن الاستحقاق الرئاسي مازال مقفلا وفي الوضعية التي كانت قائمة العام الماضي عندما كانت المعركة محصورة بين جعجع وعون ولا تتغير هذا العام عندما أصبحت محصورة بين فرنجية وعون.

7 ـ الاحتمالات والسيناريوهات التي تحكم الاستحقاق الرئاسي من الآن فصاعدا:

٭ سيناريو انتخاب عون أو فرنجية استنادا الى توافق وشبه إجماع وليس في إطار معركة يربح فيها الأقوى. وهذا السيناريو صعب التحقق ومستبعد وغير وارد إلا في حالة واحدة، حدوث مفاجأة أو تطور وما ليس في الحسبان.

٭ سيناريو الانتقال من مرشحي المعركة الى مرشحي التوافق ومن لائحة «الأقطاب الأربعة» الى لائحة «الخيار الثالث»، فإذا كان الاستحقاق الرئاسي مقفلا حاليا وليس ما يدل ويشير الى انتخاب رئيس في وقت قريب ومدى منظور، فإن الأفق الرئاسي مفتوح على فكرة الرئيس التوافقي ولو بعد حين في ظل التوازن السلبي الذي يمنع وصول عون أو فرنجية. وإذا كان الاستحقاق الرئاسي رجحت كفته لمصلحة حزب الله مع حسم الهوية السياسية للرئيس الجديد من فريق 8 آذار، فإن ذلك ليس كافيا لحسم معركة الرئاسة وانتخاب الرئيس، وبالتالي فإن هذه المعادلة يمكن أن تتغير وأن يقبل حزب الله برئيس ليس من فريقه ولكن مقابل ثمن سياسي مرتفع..