IMLebanon

سلبيات وإيجابيات تراجع المؤشرات وأسعار النفط على الدولة والمستهلك

lebanon-economy

عدنان الحاج

تشير الوقائع الاقتصادية والمالية، مع انطلاقة العام 2016، إلى ان العام الحالي، في ظل تطورات المنطقة والقطاعات الانتاجية والخدماتية، سيكون الأصعب، لعوامل ومؤشرات عدة، بدأت مع الشهر الأول من السنة، الذي انطلق صعباً .

الاسباب تنوعت، من تراجع اسعار النفط في الاسواق العالمية، وانعكاسها على تحويلات اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي الكتلة الأكبر من حركة الرساميل والتحويلات من اللبنانيين العاملين في الخارج، حيث كانت هذه التحويلات تصل الى حوالي 8.7 مليارات دولار سنوياً، تصل إلى اكثر من 15 الى 16 مليار دولار سنوياً، في حال إضافة الرساميل والاستثمارات الوافدة، وهي تراجعت خلال العام 2015، وينتظر أن تستمر في العام 2016، بفعل استمرار تراجع اسعار النفط بشكل كبير خلال العام الماضي، من دون بروز عمليات تعالج الوضع القائم.
فباستثناء النتائج المقبولة للقطاع المصرفي، من حيث نمو الودائع والموجودات والاستقرار النسبي لمعدلات الارباح، في ظل الظروف التشغيلية الصعبة، لاتوجد مؤشرات ونتائج اقتصادية ايجابية كثيرة، مقارنة مع حجم السلبيات المسيطرة على مختلف القطاعات على تنوع نشاطها، نتيجة استمرار الفراغ الرئاسي، وغياب المؤسسات وانتشار الانقسامات.

تأثير تراجع اسعار النفط
فهناك انعكاسات كثيرة لتردي الوضع المالي في الدول النفطية. صحيح أن لبنان يستفيد من تراجع اسعار النفط، بتقليص قيمة فاتورة الاستيراد باكثر من ملياري دولار خلال السنة الحالية، كذلك فان كلفة دعم الكهرباء تتراجع بأكثر من مليار دولار، من حوالي 3000 مليار ليرة سنوياً، إلى مادون 1500 مليار ليرة. لكن هذه الايجابية على الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، لا تترجم في انعكاسات الوضع المعيشي والاجتماعي، على اعتبار أن تعرفة الكهرباء تبقى من دون تغيير، ويبقى المواطن يدفع ثلاث فواتير، نتيجة التقنين وعدم زيادة الانتاج والتغذية، بسبب التوفير في الكلفة وعجز الدولة.
في المقابل هناك نتائج سلبية تحملها تراجعات اسعار النفط، أبرزها تقلص عائدات وتحويلات اللبنانيين العاملين في دول الخليج، والتي كانت ولا تزال تشكل الدعم المعيشي لآلاف العائلات اللبنانية من القوى العاملة اللبنانية في دول الخليج. فسلبيات انخفاض اسعار النفط كانت أكبر على المستهلك اللبناني، وستكون أكبر على الحركة التجارية، حيث ستستمر في تراجع المستوردات الزراعية والتجارية من لبنان، مما سيترجم لاحقاً مشكلات في الانتاجين الزراعي والصناعي، الذين يتوجهان في أكثرهما إلى الدول العربية ومنها دول النفط.
أما تأثير الغياب العربي على الحركة التجارية والسياحية، بشكل خاص، فقد ترك الاثر الأكبر، بفعل تراجع الاشغال في المؤسسات الفندقية والمطاعم، وهذا أمر يحتاج إلى الوقت لاستعادة الانطلاقة، مع انتهاء مواسم الصيف، ومن ثم الشتاء، التي تقوم حاليا على اللبنانيين فقط، وهي حركة لا تكفي لتحقيق المردود الذي ينشّط القطاعات والمؤسسات، ويمنع تعثرها كما يحصل.

الكهرباء والانعكاسات على عجز الخزينة
يضاف إلى ذلك استمرار تراجع انتاج الكهرباء، على الرغم من تراجع اسعار المحروقات، التي قلصت عجز المؤسسة حوالي 1000 إلى 1200 مليار ليرة، فإن العجز تقلص بحدود 1300 مليار ليرة، وهي مبالغ تقارب حوالي 35 في المئة من عجز الموازنة العامة. وكان يفترض أن تزيد الانتاج، وتوقف التقنين القاسي، بحجة توفير استهلاك الطاقة. هذا على الرغم من زيادة التحصيل بنسب تفوق 8.5 الى 10 في المئة، من قبل بعض شركات الخدمات، على الرغم من تراجع الانتاج . ويفترض هنا التذكير بضرورة تركيب العدادات الذكية، التي كان من المقرر ان تدخل حيز التنفيذ منذ مدة، لكنها لم تنفذ من قبل الادارة المعنية على الرغم من انها تحد من الهدر والسرقات على الشبكة، بحدود 22 في المئة، من أصل حوالي 34 في المئة بين الفني وغير الفني. وتحرم الكهرباء من عائدات بمئات المليارات من الليرات، على التعرفة الحالية المدعومة أصلاً، والموضوعة على أساس برميل نفط بحوالي 25 دولاراً.
اما المبيعات العقارية فقد تراجعت بشكل كبير نتيجة الجمود، وهي من اهم مصادر الايرادات للدولة من الرسوم العقارية. أكثر من 12 في المئة تراجعت المبيعات العقارية خلال العام 2015، مقارنة بالعام 2014، حيث تراجعت حوالي المليار دولار بفعل جمود السوق العقاري وتراجع الطلب عليه وبلغت المبيعات حوالي 3 مليارات دولار، مقابل أكثر من 3.9 مليارات للفترة ذاتها من السنة الماضية، وهي لم تكن سنة جيدة.

تراجع الاستيراد 3 مليارات دولار
ومع ذلك، فإن نمو الودائع المصرفية، الذي حقق في العام الماضي حوالي 4.5 في المئة، لم ينعكس على القروض والتسليفات، نتيجة تراجع النشاط التجاري والانتاجي في لبنان. وينسحب هذا الكلام على تراجع حركة المرفأ والبضائع، التي تراجعت خلال العام الماضي حوالي 9.5 في المئة (11 شهراً) بينما تظهر حركة التجارة الخارجية تراجع الاستيراد حوالي 3 مليارات دولار، بما يقارب حوالي 16 في المئة، مقارنة مع العام 2014، وهذا عنصر فيه من السلبية والايجابية، لانعكاسه على تقليص عجز الميزان التجاري من جهة، وعجز ميزان المدفوعات من جهة ثانية. وحركة الاستثمارات والرساميل الوافدة أبرز مؤشرات تراجع النشاط، حيث تقلصت حركة الرساميل الوافدة بحوالي 27 في المئة، وبما قيمته حوالي 3.7 مليارات دولار.

تأثر الوضع المعيشي والاجتماعي
في الخلاصة ان تاثر النشاط الاقتصادي، ينعكس على الوضع الحياتي، بشكل خاص، والوضع المعيشي والاجتماعي، بشكل عام، حيث ارتفعت عمليات الصرف من الخدمة، في معظم القطاعات الانتاجية والتجارية، وهذا ما رفع معدلات البطالة خلال السنوات القليلة الماضية بأكثر من 6 إلى 8 في المئة، نتيجة تزايد واستمرار المزيد من عمليات الصرف من العمل، لاسيما في المؤسسات المختلفة، من المتوسطة والصغرى إلى المؤسسات الكبرى، وهذا أمر يظهر من خلال احصاءات تصفية تعويضات نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي، حيث فاقت عمليات الترك المبكر حوالي 62 في المئة من طالبي التصفية، نتيجة عمليات الصرف المتزايدة التي تحصل على خلفية تقليص النفقات، وتردي الوضع الاجتماعي، والتي يذهب ضحيتها الآف العمال، بموافقة من وزارة العمل، التي تحاول تحسين التعويضات، وتعجز عن منع عمليات الصرف غير المحقة، الهدف الشعار المرفوع دائماً تقليص النفقات، مما يرفع البطالة ويقلص فرص العمل الجديدة، حسب احصاءات الضمان الاجتماعي.

عمالة رخيصة وتهرب من الالتزامات
ولامجال هنا للحديث عن انعكاسات ونتائج النزوح السوري، على منافسة اليد العاملة اللبنانية، واستمرار متابعة المؤسسات البحث عن العامل الارخص، والقليل الالتزامات تجاه اشتراكات الضمان الاجتماعي، التي يتم التهرب منها، بواسطة فوضى الاستخدام، التي تحصل في غياب المؤسسات الرسمية، وغياب مؤسسات الدولة المعنية بالشأن الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي بشكل عام، من رئيس الجمهورية، إلى مجلسي النواب والوزراء. فالمؤسسات تسعى لتقليص النفقات على حساب زيادة البطالة وصرف العمال، بينما اسباب التردي الاقتصادي تعود، في قسم أساسي إلى الفراغ من جهة، ومن جهة ثانية، إلى تعطيل الدولة والمؤسسات، وتراجع المؤشرات السياسية التي تنعكس على الاقتصادية والمعيشية .