IMLebanon

«أوجيرو» تقضم صلاحيات إضافية من «الاتصالات»

OGERO1

ايلي الفرزلي

عندما قال رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف إن «على الهيئة أن تأكل وزارة الاتصالات» بدا الأمر بمثابة مزحة، بالرغم من أن كل من تعامل مع يوسف من وزراء يعرف أن ذلك هو هدفه خصوصا وأنه يعتبر أن الأسباب الموجبة لذلك كثيرة، أبرزها أن القطاع لم يعد يتحمل البيروقراطية الرسمية ويجب أن تديره هيئة قادرة على التكيف مع المتغيرات السريعة في عالم الاتصالات.
وبالرغم من أن القانون 431 يسلّم بضرورة نزع يد الدولة عن القطاع، إلا أنه لا يربط ذلك بإطلاق يد «أوجيرو» بل ينص على إنشاء «شركة اتصالات لبنان» أولاً ثم إعطائها معظم صلاحيات الوزارة ثانيا.
ولأن القانون مجمد اليوم، بفعل عدم إقرار مراسيمه التطبيقية وبفعل رفض الوزراء المتعاقبين قضم صلاحياتهم، فإن البديل هو تعزيز دور يوسف، في الوقت الذي ظن كثر أن «الحملة الاشتراكية» ستؤدي إلى تحجيم نفوذه في القطاع أو على الأقل لجم اندفاعته.
من قرأ العقد الجديد الموقع بين وزارة الاتصالات و «أوجيرو»، أدرك أن «نبوءة» يوسف قد تحققت أو في طور التحقق. فالعقد يعطي «أوجيرو» صلاحيات واسعة، هي في الأساس من صلب وظائف مديريات الوزارة. وقبل أن تشكّل «اتصالات لبنان» لتحل محل «أوجيرو»، حلت الأخيرة محل الشركة ومحل الوزارة على السواء، على حد تعبير مصدر قانوني مطلع على العقد.
وفيما كان متوقعاً أن تلتزم الوزارة بتوصية التفتيش المركزي التي دعتها إلى العمل على تعديل عقد الصيانة الموقع مع «أوجيرو» (القرار رقم 7/2012)، لجهة «ذكر التفاصيل الفنية ومؤشرات جودة الخدمة ومعايير الأداء مع تأمين الجهاز الفني اللازم لمراقبة ومتابعة حسن تنفيذ العقد على أن يكون الجهاز مستقلاً تماماً عن الهيئة»، راح العقد إلى مزيد من الغموض، فلم يتضمن أي توصيف أو تحديد للأعمال المطلوبة ولم يتضمن أي كميات للتجهيزات والمواد والأشغال، بما يمنع معرفة كيفية استعمال الموارد المالية والبشرية.
«أخطر ما تضمنه العقد»، بحسب المصدر القانوني، «يتعلق بقضم صلاحيات من مديريتي الاستثمار والصيانة (يديرها يوسف نفسه) والإنشاء والتجهيز وتحويلها كلها إلى الهيئة، علماً أن المرسوم رقم 5613 الخاص بتكليف «أوجيرو» أعمال الصيانة ينص بوضوح على أنه يمكن تكليف الهيئة بمهام أخرى، لكن بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
وإذ يؤكد وزير الاتصالات بطرس حرب لـ «السفير» أن العقد بحاجة فعلاً إلى قرار من مجلس الوزراء، إلا أنه يشير إلى اضطراره إلى أخذ هذا التدبير على مسؤوليته إلى حين يصار للبت بالاقتراح الذي تقدم به إلى المجلس.
وهو إذ يقر أن العقد الجديد ينقل بعض صلاحيات مديرية الاستثمار والصيانة إلى الهيئة، ولاسيما ما يتعلق بشبكة الألياف الضوئية والهاتف الثابت، لكنه يرفض ما يتردد عن انتقال صلاحيات مديرية الإنشاء والتجهيز إلى الهيئة، مؤكداً أن المديرية ستستمر بعملها كما كان.
وبرغم أن الوزارة تتسلح بموافقة ديوان المحاسبة على نص العقد الرضائي الجديد مع «أوجيرو» (28 كانون الأول)، فإن المصدر القانوني يؤكد أن العقد يلغي مهام مديرية الإنشاء والتجهيز من دون أخذ موافقة مجلس الوزراء ومن دون تأشير المدير العام للإنشاء والتجهيز ناجي اندراوس، بل يكتفي بتأشير يوسف بوصفه المدير العام للاستثمار والصيانة.
وينص العقد على تكليف أوجيرو بـ «أعمال تأهيل وتوسعة» السنترالات الهاتفية، الكوابل البحرية، الهاتف للعموم، محطات الطاقة، المولدات والمباني وغيرها. كما يكلفها بصيانة وتشغيل وتصليح كافة الكوابل البحرية والسعات الدولية. علماً أن التوسعة هي، بحسب المصدر، من صلاحية المديرية العامة للإنشاء والتجهيز، فيما تقع مسؤولية الكوابل البحرية على عاتق المديرية العامة للاستثمار والصيانة. وبالرغم من أن المسؤول عن «أوجيرو» والمديرية العامة للاستثمار والصيانة هو نفسه (يوسف)، إلا أن المصدر يوضح أن مهام المديريات تخضع للرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، فيما لا تخضع الهيئة إلا للرقابة المؤخرة.
ويختم المصدر ملاحظاته بالقول أن الاستناد في تنظيم العقد إلى المادة 147 من قانون المحاسبة العمومية مخالف للقانون لأن هذه المادة تتحدث عن المؤسسات العامة التي تختص بتنفيذ أشغال دون سواها كمؤسسة الكهرباء ومؤسسات المياه التابعة للدولة، في حين أن الهيئة عملت في الصيانة منذ تكليفها بهذه المهمة ولم تنشأ من أجلها.
ومع تسليم المصدر أن العقد المذكور قد نقل مهام وزارة الاتصالات إلى «أوجيرو»، أو قد حقق غاية يوسف حتى قبل إنشاء «لبنان تيليكوم»، فإن ذلك يتطلب في الحد الأدنى وجود هيئة ناظمة للقطاع.