IMLebanon

ملتقى الصيرفة بالتجزئة في بيروت.. حكيم: لعزل السياسة عن القطاعات الاقتصادية

 

alain-hakim-new

افتتح وزير الاقتصاد والتجارة الان حكيم في فندق “كورال بيتش” “ملتقى الصيرفة بالتجزئة في المصارف العربية” الذي ينظمه، برعايته، اتحاد المصارف العربية، في حضور عدد من المصرفيين العرب والمسؤولين عن اقسام التجزئة في المصارف.

بعد تقديم للأمين العام للاتحاد وسام فتوح، تحدث رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه فلفت الى ان “احصاءات البنك الدولي تشير الى ان نحو 38% من البالغين في العالم، أي ما يقارب الملياري نسمة، لا يزالون خارج الانظمة المصرفية، وغالبيتهم موجودون في دول جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي يعتبر بعضها الأقل شمولا ماليا في العالم، وهناك نحو 75% من الفقراء لا يتعاملون مع المصارف بسبب ارتفاع التكاليف وبعد المسافات والمتطلبات المرهقة في غالب الأحيان لفتح حساب مالي”.

ورأى أن “الوضع في بعض الدول العربية أكثر تعقيدا، إذ هي تعاني من مشاكل أليمة تضرب جذورها في البطالة والفقر، وعدم الاستقرار واستبعاد شرائح كبيرة من السكان وخاصة الطبقة الشابة والنشيطة اقتصاديا عن الخدمات المالية، ما أدى إلى انتشار ظاهرة الارهاب ونمو التطرف، والنقمة على المجتمع، وهذا ما يستدعي التأمل والتفكر في كيفية معالجة هذه المشكلة”.

وقال: “دورنا كمصرفيين عرب، لا يقتصر على معاينة هذه الظاهرة والأسف أمام تداعياتها، بل معالجة جذورها أي محاربة التهميش المالي الذي يحول دون الأمل والحياة الانسانية الكريمة، وادخال فئات متعاظمة من مجتمعاتنا -وخاصة في المناطق البعيدة عن المدن- ضمن الشرائح المنتجة، مما يفتح أمامها باب النمو والحياة والتطور”.

وأشار الى ان “المنتجات المصرفية بالتجزئة تساعد ذوي الدخل الضئيل على مواجهة مستلزمات الحياة اليومية والتعاطي بصورة افضل مع حالات المداخيل غير المنتظمة، والمستحقات الموسمية الكبيرة، وتوفر للمؤسسات الصغيرة الاموال التي تحتاجها لتطوير وتوسيع نشاطاتها”، لافتا الى أن ” 18% فقط من السكان في المنطقة العربية يملكون حسابا مع مؤسسة مالية، و8% من اجمالي قروض البنوك العربية تذهب الى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تبقى فرص نشر المنتجات المصرفية بالتجزئة كبيرة وواعدة جدا”، مؤكدا ان “الصيرفة بالتجزئة التي تطال شرائح واسعة من الناس تساهم في تعزيز الشمول المالي Financial Inclusion، وهذا بدوره يساهم من جهة في تعزيز نمو المصارف وانتشارها على المستوى الافقي، ومن جهة ثانية في نشر الثقافة المصرفية والتوعية المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وزيادة النمو في الاقتصاد المحلي”.

وتوقف عند “الجهود الكبيرة التي يقودها مصرف لبنان مع المصارف التجارية والذي يستمر في سياسة الحوافز المالية لتحفيز النمو واصدار قرارات متكاملة لرزمات تحفيزية للتسليف بلغت لغاية اليوم ما يفوق الخمس مليارات دولار، عن طريق تقديم برامج تسليف تدعم الاقتصاد الوطني، بحيث تستفيد من تمويل المصارف شرائح كثيرة وفئات اجتماعية مختلفة من سكان القرى والأطراف، ويشمل ذلك بصورة خاصة التمويل المتناهي الصغر Micro Finance والتمويل المغطى من مؤسسة كفالات للمؤسسات الحرفية وقطاعات الزراعة والسياحة إضافة الى تمويل اقتصاد المعرفة ومشاريع الطاقة المتجددة وتمويل التعليم وغيرها، بما يساعد على تحقيق التنمية المستدامة وتاليا تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على صعيد السكان والمناطق. وقد أفضت هذه المشاريع الى نتائج مهمة، مثل زيادة حجم المقترضين، وتأمين النمو في ظروف صعبة للبنان والمنطقة، حيث تجاوز عدد المقترضين في لبنان اليوم عتبة الـ 800 ألف مقترض مقارنة بـ 60 ألفا في العام 1993”.

وذكر ان “الميزانية المجمعة للمصارف اللبنانية تشير الى ان القروض الفردية شكلت نسبة 30.7% من مجموع القروض الممنوحة الى القطاع المالي اللبناني في نهاية النصف الأول من العام 2015، وشكلت قروض الاسكان النسبة الأعلى من القروض الفردية بـ 61% تلتها الاستهلاكية بـ 27% والسيارات بـ 8%، وبطاقات الائتمان بـ 3% و1% للقروض الطلابية”، مشيرا الى ان “القروض الفردية نمت بنسبة 3.25% منذ بداية العام 2015 وبلغت 17.11 مليار دولار أميركي. ويعود سبب هذا النمو إلى زيادة الـ 5.29% في قيمة القروض السكنية التي بلغت 10.4 مليارات دولار أميركي، وزيادة الـ 3.62% في قيمة القروض الاستهلاكية التي بلغت 4.6 مليارات دولار أميركي”.

ودعا المعنيين في المصارف العربية الى “تعزيز نصيب الصيرفة بالتجزئة من محفظة التسليف وتوسيع شريحة المستفيدين من هذا النوع من التسهيلات الائتمانية، ومواكبة تطورات التكنولوجيا المتسارعة من صيرفة الكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية وغيرها بهدف تسخيرها للوصول السريع الى المستهلكين بأقل كلفة ممكنة وأسرع وسيلة وأعلى درجات الأمان لخدمتهم وتحقيق تطلعاتهم”.

من جهته، قال حكيم: “يطيب لي أن أكون بينكم اليوم في ملتقى رؤساء الصيرفة بالتجزئة في المصارف العربية الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية، خاصة وأنه يشكل أهمية كبيرة لما تلعبه المصارف والأسواق المالية في دولنا العربية من دور مساند وهام في عملية النمو إن لجهة توفير التمويل أو تحديث عمليات الإنتاج. إلا أن قطاعاتنا المصرفية تواجه اليوم وخاصة قطاع الصيرفة بالتجزئة تحديات من نوع آخر نتيجة التغيرات والأزمات الراهنة في المنطقة التي دفعت إلى تدهور أداء العديد من الاقتصادات العربية وإلى تراجع في معدلات نموها وإعاقة نشاطها الاقتصادي بشكل عام جراء تراجع الاستثمارات وحركة التجارة والسياحة فيها. هذا إلى جانب عدة عوامل من أهمها كيفية إدارة الفرق بين مدة القروض ومدة الودائع في ظل تراجع الاقتصادات ومداخيل المستهلكين، بالإضافة إلى إنخفاض أسعار النفط واستمرار الأزمة الاقتصادية العالمية. لذلك، يحتل ملتقانا اليوم مكانة كبيرة حيث يشارك فيه نخبة مميزة من الخبراء المتخصصين والمسؤولين من القطاع المصرفي العربي لتبادل الخبرات فيما بينهم والبحث في سبل تنميتها، بما يساهم في دفع عجلة التنمية العربية والرقي باقتصاداتنا إلى مستويات أعلى من النمو والاستقرار”.

اضاف: “تلعب القطاعات المصرفية والمالية دورا اساسيا في عملية التنمية من خلال دورها في تمويل الاقتصاد وفي تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي وفي توجيه آليات التمويل للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، مما يصب في مصلحة عالمنا العربي ويساهم في تحفيز النمو وخلق فرص العمل ودعم التكامل الاقتصادي العربي. إلا أنه ومع تزايد الانفتاح المالي والتحرير المصرفي، بات هناك ضرورة تحتم على المصارف الارتقاء بالخدمات المصرفية إلى فوق المعدل لتتفادي أي مضاربة خارجية. وفي هذا السياق، يستفيد عالمنا العربي من خبرته العريقة في هذا المجال ومن أكثر من 300 مليون مواطن عربي، مع العلم بأن هناك قسما كبيرا من هؤلاء نحن بحاجة إلى إيصال هذه الخدمات لهم. ولكنني على ثقة بأن اتحاد المصارف العربية برئاسة الصديق العزيز الدكتور جوزف طربيه وبإدارته الحكيمة والرشيدة، سيساهم في مجابهة المصارف العربية لكافة التحديات والارتقاء بالخدمات المصرفية بما يعود بالفائدة على اقتصاداتنا العربية جمعاء”.

وتابع: “إن المصارف هي المحرك الأساسي لعجلة الاقتصاد والتنمية فهي تعكس قوتها في صلابة اقتصادها. في الواقع، يجسد القطاع المصرفي في لبنان خير مثال على أنه حجر الأساس في الاقتصاد لأنه على الرغم من كافة التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي عصفت بلبنان، بقي القطاع المصرفي يشكل الدعامة الأساسية لبقاء الدولة اللبنانية بقطاعاتها الانتاجية والاقتصادية كافة وبقي يشكل الضمانة الحقيقية لها. لقد استطاع هذا القطاع أن يحافظ على موقعه في القطاع المصرفي العربي وأن يكون في طليعة القطاعات المصرفية العربية خلال العام 2015 حيث ارتفعت موجوداته الى نحو 181 مليار دولار وحقق ارباحا جيدة”.

وأردف: “وفقا لكل ما تقدم، ولوجود مقومات إضافية تتعلق بطبيعة النظام الاقتصادي القائم في لبنان، نحن نعتقد ان الهوية الاقليمية والدولية للمصارف اللبنانية إلى جانب ما لديها من المهنية والكفاءة والخبرة، قد أكسبتها مزايا تنافسية مقارنة بالقطاعات المصرفية الأخرى في المنطقة. في هذا السياق، إننا نعول على عمل اتحاد المصارف العربية لخلق قيمة مضافة لسوق المصارف العربية الذي يضم القطاع المصرفي اللبناني وتعزيز انتاجه وتوسيع نشاطه لخلق قوة توازي الاقتصادات المجاورة اقليميا وعالميا”.

وختم: “أتمنى أن نستطيع الحد من تحمل قطاع المصارف في الدول العربية لنتائج السياسات التي تنتهجها الحكومات. إلا أنه وللأسف، لا نستطيع أن نغير هذا الواقع إلا بتغيير طريقة عمل المصارف للتخفيف من الضرر الناتج عن القطاع السياسي. لطالما شددنا على ضرورة عزل السياسة عن القطاعات الاقتصادية المنتجة لأن التدخل السياسي في هذه المجالات لا يؤدي سوى إلى مزيد من التدهور على هذه الصعد”.