IMLebanon

هل تعيد المملكة النظر بقرارها؟

saudi-lebanon

أوضح مسؤول لبناني مقرب جداً من السعودية لصحيفة “السفير” أن مقابلة الرئيس تمام سلام التلفزيونية الأخيرة، أثارت حفيظة المسؤولين السعوديين، خصوصاً أنه دافع فيها عن الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في القاهرة، وهنا بات السؤال المطروح “إذا كانت الحكومة اللبنانية عاجزة عن السيطرة على حدودها مع سوريا وفي الداخل، فهل باتت عاجزة، وهي محسوبة برئاستها وثلثي مكوناتها على السعودية، عن اتخاذ موقف سياسي متضامن مع المملكة، وكيف يمكن لنا أن نفسر أن مسؤولاً حزبياً لبنانياً يتجرأ على القول إنه “جندي في ولاية الفقيه” بينما يخجل كل حلفاء سعد الحريري بعلاقتهم بالمملكة، بل يوجهون انتقادات قاسية لها كما حصل في أكثر من مناسبة”؟

لا أحد يملك تفسيراً نهائياً أو محدداً للتوقيت السعودي، برغم أن عقود الهبة السعودية بلغت مرحلة متقدمة من الالتزامات المالية والعقدية مع الشركات الفرنسية المصنّعة للأسلحة والمعدات العسكرية. إذ بدأت نهاية العام الماضي شركة “اوداس “الوسيطة المشرفة على تنفيذ الصفقة، بالتوقيع على اتفاقات تصنيع المعدات المطلوبة مع هذه الشركات، ما يعني أن الالتزامات المالية التي رافقتها، ستملي على السعودية إيداع المزيد من المبالغ، عندما تبدأ عمليات تسليم الدفعة الأولى من المعدات في نيسان المقبل.

ولم يصدر أي إعلان رسمي سياسي فرنسي، لكن شركة “اوداس” الوسيطة، لا تزال تعتبر الهبة قائمة. وبحسب مصدر معني فيها، فقد ابلغت الشركة الوسيطة الشركات المصنعة، بعد ساعة فقط من الإعلان السعودي، أن شيئاً لم يتغير بالنسبة اليها، وأن عليهم مواصلة برامج التصنيع المتفق عليها، قبل شهرين، وإنهاء الأقسام المقررة من الصفقة هذا العام، وإبقاءها في المستودعات، وعدم تسليمها، وأن الشركة تفكر في طريقة التسليم. إذ ينص بند واضح في الاتفاق المعقود مع السعوديين، أنه في حال تجميد او إلغاء الصفقة، تدفع السعودية، ما يتم تصنيعه وتسليمه.

والأغلب أن شركة “اوداس”، تنتظر تدخلاً حكومياً فرنسياً، يحيي الصفقة التي شهدت في الماضي تعرجات كثيرة سواء أكان لمصلحة الجيش اللبناني أو تحويل وجهتها الى بلد آخر (مصر على سبيل المثال لا الحصر)، ذلك أنه لم يحدث أن ألغت السعودية صفقة من هذا النوع من قبل، “ولو ألغوا العقد، فإن ذلك سينال من هيبتهم، وسيكون لذلك نتائج سياسية وديبلوماسية كبيرة”، كما قال مسؤول فرنسي لـ “السفير” في وقت سابق.

أما هبة المليار الواحد التي حملها الرئيس سعد الحريري، من الرياض الى السرايا الحكومية في بيروت، مطلع آب 2014، فكانت ملغاة منذ ان اعترض ورثة الملك الراحل عبدالله على استمرار تمويلها من التركة الملكية لعبدالله، بعدما تبين ان المليار دولار، التي تسلم المشرفون عليها 350 مليون دولار في مصرف لبناني خاص، وليس في حسابات المالية العامة، هي هبة من المال الخاص للملك عبدالله، وليس من المالية السعودية العامة. وهناك فضيحة حقيقية، واكبت هبة المليار، قبل إلغائها، إذ تفيد معلومات فرنسية أن مرجعاً حكومياً لبنانياً سابقاً (على الأرجح بالتفاهم مع مرجع سابق ونائب حالي)، حصل على عمولة 47 مليون دولار، لقاء إيداع المبالغ الأولى من هبة المليار الواحد، في مصرف لبناني في بيروت، كمقدم على الفوائد التي توفرها هذه المبالغ!

ويجيب مسؤول لبناني معني أن لا خوف على الاستقرار “لأن مظلته ليست قائمة لأسباب لبنانية وحسب بل لأن لبنان يشكل في هذه اللحظة حاضنة لكتلة بشرية تضم مليوناً ونصف المليون لاجئ سوري، وليس خافياً أن هاجس الغرب وتحديداً الاتحاد الأوروبي يتمحور حول كيفية الحفاظ على هذه الكتلة المليونية في لبنان، مخافة أن يؤدي مس الاستقرار الى فتح أبواب هجرتها نحو أوروبا”.

ولم يستبعد المسؤول اللبناني أن يكون القرار مجرد مناورة، بحيث يبادر الحريري الى استثماره بالتدخل لدى قيادة المملكة فتتراجع عنه، إلا إذا كان هناك من لا يقيم وزناً للحريري في السعودية، والدليل هو أن مبادرة الحريري بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، باتت مهددة بالسقوط بالضربة القاضية، من دون إغفال أن كل محاولات الرابية الهادفة إلى طرق أبواب المملكة قد بلغت الحائط المسدود، لا بل إن أحد المقربين من الحريري قال لـ “السفير” إن القرار السعودي “يصيب سياسياً بالدرجة الأولى ترشيح العماد ميشال عون.. ومواقف وزير الخارجية جبران باسيل”.

هل قرار السعودية “أوّل الغيث.. والآتي أعظم” حسب وزير الداخلية نهاد المشنوق؟

الأجوبة متعددة ومتناقضة.. من موضوع الودائع السعودية في مصرف لبنان الى قضية اللبنانيين العاملين في الخليج.

هل يمكن للجهود الديبلوماسية أن تجعل المملكة تعيد النظر بقرارها؟

الجواب عند وزير لبناني سيادي معني بالملف هو بالتعامل جدياً مع المبادرة الإيرانية الهادفة إلى تسليح الجيش اللبناني، إذ يقول لـ “السفير” إن ما كان يمنع التعامل معها بجدية سابقاً “هو عنصر العقوبات الدولية التي رُفعت بمعظمها حالياً عن إيران، وبالتالي، على الحكومة أن تتخذ قراراً سياسياً بعدم تفويت أي فرصة لتسليح الجيش والقوى الأمنية في مواجهة التحديات الإرهابية القائمة”.

ونقلت صحيفة “السفير” عن مصدر متابع للموقف السعودي بوقف المساعدات العسكرية، “إن أكثر المنزعجين من خروج لبنان عن الإجماع العربي في مؤتمر جدة الأخير هو ولي العهد الثاني الأمير محمد بن سلمان”!