IMLebanon

الليرة في أمان.. وسحب الودائع “مجرد تهويل”

lebanese-money
خضر حسان

لا يختلف اثنان على أن لبنان يمر اليوم بأزمة سياسية غير واضحة العواقب، تهدّد علاقاته السياسية والتعاونية بدول الخليج العربي، مع احتمال توسّع إطارها لتشمل العلاقات الإقتصادية والمالية، لاسيما أن مفاعيل الأزمة بدأت بتعليق المملكة العربية السعودية مساعداتها المالية للجيش اللبناني والقوى الأمنية.

ونظراً الى الأزمات السياسية والأمنية التي مرت بلبنان على مدى عشرات السنين، وما كان لها من آثار مباشرة على الوضعين النقدي والمالي، اتجهت أنظار اللبنانيين منذ بداية الأزمة اللبنانية – الخليجية الى الليرة اللبنانية ووضعها في المديين المنظور والمتوسط، وشاعت مخاوف من أن تعمد دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، الى سحب ودائعها المالية من لبنان، الأمر الذي عزّز التساؤلات وعلامات الإستفهام حول وضع الليرة. فما هي حقيقة وضع الليرة اليوم؟ وهل هي فعلاً في أمان؟ وماذا لو سحبت دول الخليج ودائعها المالية من المصارف اللبنانية؟
يرتبط ثبات الليرة اللبنانية بالعديد من العوامل وعلى رأسها حجم الإحتياطي المالي الموجود في مصرف لبنان المركزي من جهة، وحجم الودائع المالية الموجودة في المصارف الخاصة من جهة أخرى، ويلعب هذان العاملان دوراً بارزاً في دعم الإستقرار النقدي في البلد، ويرفعان مستوى الثقة المحلية والدولية بالقطاعين المالي والنقدي في لبنان.
من هنا يصبح الحديث عن احتياطات مصرف لبنان وحجم الودائع المالية فيه أمراً ملحاً في ظل بروز أزمات سياسية قد تنسحب إلى الإقتصاد، فاحتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية بات يشكل نحو 37.4 مليار دولار، وهو من أعلى الاحتياطات التي يتمتع بها لبنان منذ تسعينيات القرن الماضي، وهنا يؤكد رئيس مستشاري مجموعة بنك لبنان والمهجر، وعضو لجنة الرقابة على المصارف سابقاً، أمين عوّاد، أن السوق اللبنانية لم تعد تتأثر بشكل سريع بالتطورات السياسية، ما جعل من احتمال تدخل مصرف لبنان في السوق النقدية أمراً مستبعداً، على الرغم من أن الإحتياطيات لديه كبيرة جداً وكفيلة بمواجهة أي أزمة نقدية.

وعن أثر الخضة السياسية على الليرة ومستوى الثقة بها، يطمئن عوّاد في حديث لـ “المدن”، إلى أن المؤشر الأبرز لاستمرار الثقة بالليرة هو انعدام “الدولرة” (تحويل من الليرة اللبنانية الى الدولار الأميركي) منذ بداية الازمة الأسبوع الماضية، ويقول “إن الشارع اللبناني لم يعطِ ردة فعل سلبية على التحذيرات الخليجية، وقد اتسمت السوق المالية بالهدوء، ولم يحصل اي حركة غير اعتيادية”، وهو ما أكده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث تلفزيوني، الخميس، في سياق تطميناته على ثبات السوق النقدية والمالية وعدم القلق من مواجهة أزمة “دولرة”.

أما بالنسبة الى الودائع المصرفية البالغة نحو 152 مليار دولار، فإن معظمها تعود الى المقيمين في لبنان من أفراد ومؤسسات، في حين يقارب حجم ودائع غير المقيمين من الدول كافة، ومنها دول الخليج العربي، 16 مليار دولار فقط. ويعتبر عواد أن حجم الودائع الخليجية المتبقية في المصارف اللبنانية أقل من أن تؤثر على السوق المالية والنقدية، وتحديداً على استقرار الليرة اللبنانية في ظل احتياطات كبيرة وودائع ضخمة، “علماً أن أياً من دول الخليج لم يتطرق حتى اللحظة الى موضوع سحب الودائع من لبنان”.

وعن صحة المخاوف من أن تدفع الأزمة السياسية بالمودعين المقيمين الى العزوف عن الليرة في مقابل الدولار، أو إلى احتمال هروب أموال الى الخارج، يستبعد أحد المصرفيين الكبار في جمعية المصارف حدوث ذلك، ويقول في حديثه لـ”المدن”، إن المودعين يستهدفون الفوائد العالية على الليرة وجميعهم واثق في قرارة نفسه من استقرار الليرة وعدم تأثرها بالأزمة السياسية الأخيرة، واصفاً الحديث عن سحب ودائع بـ”مجرّد تهويل”.