IMLebanon

فلنسقط هيمنة “حزب الله” (بقلم هيثم الطبش)

hezbollah-supporters-in-beirut-protesting

 

كتب هيثم الطبش

أما وأن الأمور في البلد وصلت إلى الحد الذي بلغته من تدهور إلى حيث لا عودة، فالبحث حالياً يجب أن يتركز على كيفية الخروج من الوضع الراهن، ولبلوغ هذه الغاية لا بد من تعديل موازين القوى الداخلية التي تميل لصالح “حزب الله” بالكامل. التكاذب لن يكون مفيداً بعد الآن، وأي جراحة تجميلية لعلاقة اللبنانيين بالحزب لن تكون ناجحة.

خرجت دول الخليج من لبنان، أو هي على الطريق، ولذلك فإن الاعتماد على أي دعم منها لن يكون مجدياً. التجربة منذ العام 2005 لم تعط النتائج المطلوبة علماً انها حصلت في حيته على الدعم الخليجي والدولي الكافي إلا أن القيمين على إدارة المواجهة مع الحزب لم يحسنوا اغتنام الفرص وارتكبوا الخطيئة تلو الأخرى.

والحق يُقال أن سقوط البلد رهينة في يد “حزب الله” ليس مسألة طارئة يمكن أن تحمّل قوى “14 آذار” وزرها بشكل منفرد، بل هو مسألة تراكم تتحمل الدول العربية أيضاً جزءاً منه خصوصاً في إطار تسليم إدارة البلد للنظام السوري، الحليف التاريخي لإيران، وانتهاج سياسة التطبيع مع الحزب طيلة الفترة التي تلت انتهاء الحرب اللبنانية تحت شعار المقاومة لتحرير الأرض. وفي هذا السياق أيضاً تأتي تسويات “س – س” واتفاق الدوحة في اتجاه تثبيت هيمنة الحزب على المسرح السياسي والرضوخ لمنطق القوة.

لكننا اليوم وصلنا إلى هنا، والأمور لم تعد تحتمل الانتظار والسكوت، بينما يتهاوى البلد في القبضة الإيرانية المطلقة. لذا فإن على الأحرار من أبنائه، وهم كثر، السعي إلى مراكمة أسسٍ تمهّد لواقع جديد من دون الاعتماد على دعم من هنا أو من هناك بل البناء على القدرات الذاتية.

وفي هذا التوجه محاكاة ضمنية لما تطلبه دول الخليج من لبنان بما يسمح بالتخلص من هيمنة الميليشيا بقدرات محلية لصالح منطق الدولة.

نحن في حاجة إلى تأسيس ثورة داخلية ضد هيمنة “حزب الله” بعيداً عن أي قوى تعتمد منطق المهادنة، تنطلق من كسر كل الممنوعات التي يفرضها الحزب على المجتمع كأعراف من خارج القوانين. لم يعد مممكناً أن يتناول قياديو “حزب الله” جميع الشخصيات والمقامات المحلية والعربية بالسوء من على منابرهم من دون أن يكون مسموحاً معاملتهم بالمثل، وعلى مَن يريد الاختباء وراء لقب ديني أن يُخرج نفسه كلياً من دائرة العمل السياسي أو اعتناق السياسة من دون الدين.

صار لزاماً على كل المؤمنين بخيار قلب الطاولة على “حزب الله” التجمع في جسم يتوزع المهمات، بدءاً بالإعلام والدبلوماسية وصولاً إلى الشق المالي، وذلك باتخاذ خطوات محلية من قبيل مقاطعة المؤسسات التابعة للحزب.

إن رفع الصوت والتواصل مع كل من له مصلحة في إنقاذ لبنان وتنسيق الخطوات، لا لاستمالة العطف والاستعطاء المالي، كلها خطوات تصب في خانة كبح الهجمة الشاملة التي ينفذها الحزب.

بات مطلوباً من اللبنانيين صحوة من نوع مختلف، فلا يجدر بنا بعد اليوم إنتظار اغتيال سياسي ليدفعنا إلى الشارع، أو دعوة من زعيم ينادينا إلى الساحة صباحاً، ويذهب إلى تسوية في ليل أسود. المطلوب هبّة لبنانية لاستنقاذ ما تبقى من بلد، ووضع أسس لانطلاقة سلمية ومدنية وحضارية، تعتمد على قدرات محلية كامنة ولا تكون مرتهنة لا مالياً ولا سياسياً إلى أي جهة، وتحصل بأسلوب التكامل بين مكوناتها، وتحديداً في الوسط المناهض للحزب في بيئته، بعيداً من منطق التنافسية التي تقضي على الجميع… فهل من يلبي النداء؟