IMLebanon

التعاون مع القطاع الخاص من أجل مكافحة تمويل الإرهاب

publicprivate

فؤاد زمكحل

لقد قضت آفة الإرهاب على عدد لا يحصى من الضحايا الأبرياء في العالم، اذ ان الارهاب يرفض التسامح ولا يدرك معنى ممارسة الحريات الأساسية وحقوق الإنسان العالمية، ويدمر التراث الثقافي ويتسبب في تشريد الملايين من الاشخاص الذين طردوا من منازلهم. يجب أن تكون مكافحة الإرهاب أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي والإقليمي ككل. اننا نتضامن مع جميع البلدان في جميع أنحاء العالم ومن جميع المناطق المتضررة من وحشية الإرهاب. يجب أن تقوم جميع البلدان وكل المجتمعات بمعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، بما في ذلك انتشار الكراهية والتعصب من خلال تعزيز الحوكمة الرشيدة واحترام حقوق الإنسان. من المهم والحاسم القيام بالإجراءات الضرورية لكشف ومنع أعمال الإرهاب وملاحقة مرتكبي تلك الأعمال وفقا للقوانين الدولية، وكذلك منع تمويل الإرهاب.
بالفعل، يجب أن تكون مكافحة وتمويل الإرهاب على رأس الأولويات في كل بلدان العالم، حيث من الضروري التصرف بسرعة وبشكل حاسم لا سيما تعزيز تنسيق الإجراءات الأمنية العامة وحتى الخاصة منها. لا بد من اتخاذ اجرءات إضافية لزيادة شفافية جميع التدفقات المالية، بما في ذلك وضع نظام مناسب خاص بالعملات الافتراضية ووسائل الدفع الجديدة. ومن الضروري أيضاً التأكيد على أهمية العمل المتواصل الذي تقوم به مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال (GAFI) والالتزام بالمساهمة الفعالة على هذا الصعيد، مع ضمان تنفيذ المعايير بشكل فعال، بما في ذلك من خلال عملية مراقبة قوية وحازمة.
ان الوسيلة الوحيدة للنجاح وتحقيق الأهداف المشتركة في مكافحة الإرهاب هي وضع نهج شامل في ما يخص الامن وكذلك تعزيز الحوار والتعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لدعم جهود الحوكمة الرشيدة، خاصة لمكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب في جميع دول العالم.
كذلك، من المهم إشراك القطاع الخاص في الجهود المبذولة لمكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة وتجنيده لمصلحة بيئة اقتصادية عادلة وشفافة. ان مثل هذا الالتزام من قبل بيئة الأعمال مهم جداً لتعزيز الاستقرار والأمن على الصعيدين الوطني والدولي. من اجل تحقيق هذه الاهداف في الشركات، نحن نأخذ بعين الاعتبار المبادئ التوجيهية المحدثة لمنظمة OECD الخاصة بالشركات المتعددة الجنسيات.
بالفعل، يجب تشجيع مجتمع الأعمال على الأخذ في عين الاعتبار ضمن أنشطته احتياجات الدول المشاركة على الصعيد الاجتماعي، والأمني والبيئي والإنساني. كما ويجب إعداد قائمة بالصعوبات التي يواجهها القطاع الخاص في تنفيذ الأحكام المتعلقة بتمويل الإرهاب لتعزيز التفاهم المتبادل وبناء الثقة بين القطاع الخاص والجهات المختصة.
لذلك، ينبغي على كل السلطات توجيه القطاع الخاص وتوضيح نوع المعلومات التي يمكن مشاركتها مع هذا القطاع وتلك التي لا يمكن مشاركتها معه، وتحديد كيفية استخدامها على الصعيدين الوطني والدولي. يجب اتخاذ التدابير اللازمة لتمكين بسهولة أكثر المؤسسات المالية من تبادل المعلومات حول نشاط مشبوه: في الوقت ذاته بين وضمن المؤسسات العاملة في ولاية قضائية معينة وأيضاً عبر الحدود بين قطاعات الأعمال الخاصة وفروعها. ينبغي أن يتم ذلك مع مراعاة التشريعات الوطنية، وإنفاذ القانون في الإجراءات المنصوص عليها والحق في الخصوصية.
يجب ان نعمل لكي يصبح القطاع الخاص أكثر انخراطا في المؤسسات العامة والمالية، وخاصة كشريك في مكافحة تمويل الإرهاب. تحديداً، يتعين على السلطات المختصة توفير المزيد من المعلومات ودعوة المزيد من ردود الفعل في ما يخص وضع تدابير ضد تمويل الإرهاب وفعاليتها وتنفيذها وملاحقتها.
ان للقطاع الخاص دورا رئيسيا في وضع الحلول لمكافحة الإرهاب اذ ينبغي أن يساهم في تحسين سلامة السلع والخدمات، كما وعليه ايضا مراقبة التدفقات المالية وتعزيز متانة البنى التحتية الأساسية والحاسمة.
علينا تكثيف المكافحة ضد الإرهاب من جميع جوانبه، بما في ذلك مكافحة تمويل الهجمات والشبكات الإرهابية. أقترح ثلاثة خطوط عمل الا وهي: زيادة تبادل المعلومات، مراقبة المعاملات المالية وزيادة الشفافية من قبل الكيانات القانونية.
من شأن الجزء الأول من هذا العمل تعزيز الشفافية في المعاملات المالية والكيانات القانونية لكي يصبح الأمر أكثر صعوبة في ما يتعلق بزيادة رأس المال بالنسبة للإرهابيين. وبالتالي، يجب علينا تعزيز التعاون وآليات تبادل المعلومات على الصعيدين الوطني والدولي، سواء داخل السلطات المختصة وبين هذه الأخيرة والقطاع الخاص.
في ما يتعلق بتبادل المعلومات بين السلطات المختصة، من المهم وضع بنية للتعاون تشمل السلطات المالية وهيئات الرقابة المالية، ووزارات العدل، والمالية، والاقتصاد، والمخابرات، وقوى الأمن. على جميع الإدارات المعنية تبادل المعلومات حول الجرائم الإرهابية على الصعيد الداخلي، والمحلي والإقليمي والدولي.
يلعب أيضا التعاون بين السلطات والقطاع الخاص دورا هاما في مكافحة تمويل الإرهاب. ويمكن أيضا وضع قنوات تواصل على مستوى عال والمحافظة عليها بين الخدمات المتخصصة في مكافحة الإرهاب وممثلين عن القطاع الخاص.
يجب على القطاعين الخاص والعام التحاور وتبادل وتنسيق أساليبهم في وجه الاحتياجات الأمنية.
من المهم أيضا إشراك المجتمع المدني في مكافحة الإرهاب حيث ينبغي إشراك البرلمانات الوطنية والفعاليات الاقتصادية والمنظمات والجامعات والمدارس وجميع المواطنين في بلداننا لتطوير أدوات فعالة لمكافحة الإرهاب.
من المهم تعزيز مساهمة الأوساط الأكاديمية وعالم الأعمال والمجتمع المدني من حيث توعية أوسع حول العقبات التي تعترض النمو الاقتصادي، بما في ذلك الحواجز التي تشكل عائقا أمام دخول السوق والتجارة والاستثمار، دون ان ننسى الحاجة إلى مزيد من الشفافية لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والحماية من الإرهاب.
على الجميع وضع نظام فعال للتواصل وتزويد المعلومات اللازمة لحماية الجمهور من أي تهديدات أو هجمات إرهابية. من شأن عملية كشف وتحليل التهديدات وتنبيه الجمهور بسرعة، التقليل من عواقب الهجوم الإرهابي.
للحفاظ على مساحة من الحرية والأمن والعدالة، لا بد من إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في مكافحة الإرهاب وتعزيز حمايته. وعلاوة على ذلك، هدفنا المشترك هو وضع نهج متكامل للوقاية من التهديدات الإرهابية.
من ناحية أخرى، من شأن حرية الحصول على المعلومات والوصول إليها تعزيز الشفافية والمساءلة في السياسات والقيام باتفاقات وتمكين المجتمع المدني، بما في ذلك وسائل الإعلام، والمساعدة في منع ومكافحة الفساد، وتمويل الإرهاب وتبييض الأموال وانتهاكاته الأساسية.
يجب حثّ كل حكومات دول العالم على أن تكون أكثر شفافية في تطوير العمليات والمؤسسات النامية من أجل توفير المعلومات في الوقت المناسب، خاصة في ما يتعلق بالإحصاءات الموثوق بها، لتعزيز الحوار المستنير والتعاوني.
ينبغي أن تشمل هذه الحرب الجديدة ضد الإرهاب جميع دول العالم، وجميع مؤسسات الدولة، وجميع الشركات، وكذلك المجتمع المدني، ونظام التعليم وخاصة القطاع الخاص… ولن يكون ممكنا إنشاء استراتجية شاملة ودولية ووطنية الّا بفضل تآزر كبير من الجهود المشتركة لجميع هذه الجهات، ومن خلال تنفيذ هذه الاستراتيجية بدقة وخاصة ضمان مراقبة مستمرة على المدى القصير والمتوسط والطويل.