IMLebanon

الانفتاح التركي على أفريقيا … الفرص والعوائق

erdogan-traoure
وصل الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، في ساعات متأخرة من ليلة أول أمس، 28 شباط/ فبراير 2016، إلى عاصمة ساحل العاج “أبيدجان” التي تُعد المحطة الأولى في إطار جولته الاقتصادية في القارة السوداء، التي تهدف لزيارة أربع دول أفريقية هي ساحل العاج، وغانا، ونيجيريا، وغينيا، والتي يرافقه فيها ما يقارب 150 رجل أعمال تركي.

ويغلب على الزيارة الطابع الاقتصادي والتجاري المتعلق بتطوير العلاقات الثنائية بين تركيا والدول المذكورة، وسترعى مؤسسة العلاقات الاقتصادية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد التركية تنظيم عدد من مؤتمرات العمل داخل سفارات تركيا الموجودة في الدول المعنية، لزيادة فعالية الزيارة وتقريب وجهات النظر بين رجال الأعمال الأتراك ورجال أعمال الدول الأخرى.

وأفادت مصادر دبلوماسية تابعة لوزارة الخارجية التركية، بأن زيارة أردوغان لساحل العاج وغينيا تشكل الزيارة الأولى لمسؤول تركي بهذا المستوى الرفيع، وهذا ما يشكل أهمية فائقة لهذه الزيارة.

وفي سياق متصل، أشار الخبير الاقتصادي “عبد الله كاراكوش”، المرافق لأردوغان في زيارته المذكورة، إلى أن الزيارة تحمل في طياتها أفق التعاون الاقتصادي بين تركيا وأفريقيا، بعد إصابة تركيا بحالة ركود ملموسة في حجم صادراتها، نتيجة لما تمر به منطقة الشرق الأوسط التي تشكل سوقًا استهلاكيًا مهمًا لها، من أزمات سياسية حادة، مبينًا أن أفريقيا تُعد الخيار الأمثل لتركيا من حيث نوعية السوق التي تعد سوقًا استهلاكية في المقام الأول.

وأوضح كاراكوش، في مقاله “انفتاح تركيا على أفريقيا”، المنشور عبر الموقع الإلكتروني لصحيفة “ميلييت”، بتاريخ 29 فبراير 2016، أن اقتصاد ساحل العاج يعتمد بشكل أساسي على الزراعة، ويحوي العديد من المعادن وكمًا هائلًا من احتياطي الغاز، وهذا ما يعني أن ساحل العاج بحاجة ماسة لاستيراد المواد الصناعية الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، كما أنها بحاجة إلى شركات ضخمة لتأسيس بنيتها التحتية التي ما زالت هشة وبحاجة إلى تطوير، منوّهًا إلى أن ساحل العاج تحتل المرتبة الرابعة والرابعين من بين 189 دولة، من حيث سهولة تأسيس شركة تجارية فيها.

وبيّن كاراكوش أن حجم مشاريع الإنشاءات في ساحل العاج قرابة 400 ألف مبنى، ولكن هناك عجزًا كبيرًا في إتمام هذه المباني، وهذا ما يُعد ساحة خصبة لشركات الإعمار التركية، مضيفًا أن مشاريع استخراج المعادن تُعد من أضخم المشاريع الموجودة في ساحل العاج والدول الأفريقية الأخرى، وهذه المشاريع تحتاج إلى أيدٍ عاملة محترفة ذات خبرة عالية ومعدات تقنية متطورة، وهذا ما يعرض فرصة استثمار أخرى لشركات الاستثمار التركية.

ووفقًا لتقييم كاراكوش، فإن الدول الأفريقية الأخرى تتشابه إلى حد كبير مع الفرص الاستثمارية التي تعرضها ساحل العاج، مؤكدًا أن هناك الكثير من المشاريع التي تقدمها هذه الدول، ولكنها تحتاج إلى من يتعاون معها، ويمدها بالخبرة والمعدات اللازمة، لتحقق نهضتها الداخلية وتعود على الشركات الأجنبية المستثمرة بمردود جيد.

وفي هذا الصدد، أفاد الخبير في السياسة الخارجية التركية “محمد أوزكان” بأن تركيا بدأت في سياسة الانفتاح على أفريقيا، مع تولي “أحمد داود أوغلو” لوزارة خارجيتها، وذلك بحلول عام 2009، موضحًا أن تركيا منذ ذلك العام وحتى الآن، وهي تحاول جاهدةً ترسيخ قواعدها السياسية والاقتصادية.

وتابع أوزكان مبينًا أن القاعدة السياسية الدبلوماسية يمكن لتركيا إرساؤها دون منافس، ولكنها ستواجه عددًا من المنافسين الاقتصاديين الذين سبقوها في القدوم إلى أفريقيا، بهدف العمل والاستثمار، مشيرًا إلى أن فرنسا والصين والمغرب هي الدول المنافسة لتركيا في القارة السوداء.

وألمح أوزكان، في مقاله “عصر جديد للعلاقات التركية الأفريقية”، المنشور في موقع “الجزيرة ترك”، إلى أن أفريقيا تحتوي كنزًا من المعادن والموارد الطبيعية، ولا يشكل تنافس تركيا الاقتصادي مع بعض الدول، عائقًا شديدًا أمام حصولها على العديد من الفرص هناك، ولكن العوائق الحقيقية التي تواجه تركيا في أفريقيا هي:

ـ عائق اللغة، حيث تعاني تركيا من عجز كبير في إعداد الدبلوماسيين الذين يتحدثون اللغة الفرنسية الدارجة في أغلب الدول الأفريقية، وهذا ما يفرض على تركيا إحداث تنمية قوية في مجال تعليم اللغات الأجنبية وخاصة لغات الدول الاستهلاكية؛ مثل العربية في الشرق الأوسط، والإسبانية في أمريكا اللاتينية، والفرنسية في أفريقيا.

ـ افتقار تركيا للخبرة الكافية في الأعراف والقوانين وطرق التجارة والتعاون الاقتصادي الموجودة في أفريقيا، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى عزوف رجال الأعمال الأتراك عن الاستثمار في أفريقيا، لعدم تمكن حكومتهم من تقديم الخدمة الاستشارية المرجوة تجاه طبيعة الاستثمار في أفريقيا، وهذا ما يستدعي تضافر الجهود التركية لتخطي هذا العجز.

ـ افتقار الدول الأفريقية للمقومات الخدماتية الخاصة بالاستثمار الخارجي؛ مثل عدم وجود شركات التأمين والمصارف وشركات النقل وشبكات الاتصال والتواصل.