IMLebanon

البترون: تربية الأبقار إلى تراجع

cows....

 

لميا شديد

يواجه القطاع الحيواني في منطقة البترون مشكلات عدة أدت الى تراجع تربية الأبقار عما كانت عليه في السابق، حيث لم يكن يخلو منزل بتروني من بقرة أو بقرتين للحليب والحراثة، وكان إنتاجها قليلاً لا يتجاوز الـ10 ليترات من الحليب في اليوم الواحد.
لطالما شكلت تربية الأبقار ركيزة أساسية لدى ابناء منطقة البترون الذين كانوا يعتمدون على القمح والتبن والذرة والنخالة وفضلات البساتين لتغذية أبقارهم. أما اليوم ففي منطقة البترون 80 مربي أبقار، فيما هناك 400 بقرة من الأصناف المستوردة وبقرتان فقط من الصنف المحلي البلدي.
منذ أكثر من 30 عاماً بدأت عملية استيراد الابقار العالية الانتاج والإدرار الى منطقة البترون من هولندا والدنمارك وإلمانيا وفرنسا واميركا وبدأ معها مربو الابقار بالتخلص من الصنف المحلي وذبحه، يوم كان معدل إنتاج البقرة حوالي 22 كيلو من الحليب يومياً. يومها سعى مربو الأبقار لزيادة معدل إنتاجهم في الموسم ما دفعهم للتخلص من الصنف المحلي وتربية الاصناف المهجنة والمؤصلة، الا أنهم حافظوا على الطريقة نفسها في التربية والتغذية، فكانت المشكلة الكبرى لأن احتياجات البقرة العالية الإدرار تختلف كلياً بطريقة الرعاية والتغذية والتربية عن الصنف المحلي، حيث ان احتياجاتها الغذائية تختلف كمّاً ونوعاً، عما كان يعطى او يقدم للأبقار المحلية، علماً أن الأبقار المستوردة، وهي من نوع Fresian Holstein ، غير متأقلمة بشكل جيد مع مناخ وبيئة وطبيعة أرضنا. وحتى يومنا هذا لا يزال المزارع بعيداً عن الطرق السليمة في تربية الأبقار وتغذيتها.
غياب الإرشاد
قد يكون الخطأ الأكبر هو غياب الدولة والإرشاد وطرق التأصيل، والتهجين الصحيح الذي يُعتمد للوصول الى أبقار عالية الإنتاج، يتم عبر التلقيح من «طلوقات» مؤصلة مهجنة للأبقار المحلية، وهذه عملية قد تستغرق أعواماً عدة وقد تصل الى 15 عاماً، لكي تنتج صنفاً عالي الإدرار والإنتاج ومتأقلماً مع بيئتنا المحلية لجهة الأمراض والطقس والحرارة والبيئة والرطوبة.
وفي سبيل إرشاد المربّين، نظم المركز الزراعي في البترون برئاسة المهندس داني باسيل، محاضرة عن «مبادئ تربية الأبقار»، ألقاها المساعد الفني البيطري في الوزارة فرنسوا الشدياق حضرها أكثر من أربعين شخصاً من مربي الأبقار.
معاناة المربين
يحاول المزارعون تعزيز إنتاجهم من جهة، ويرفضون ان يتثقفوا ويتطوّروا ويفضلوا تربية الابقار على طريقة أجدادهم، في حين ان الاحتياجات تغيّرت، إضافة الى أن الشباب لا يرغب في تربية الأبقار و1 في المئة من المربين هم شباب، لأسباب عدة، منها النظرة للمزارع على أنه دون المستوى الاجتماعي اللائق. كل ذلك يؤدي الى تراجع عدد مربي الأبقار لأن لا طموح للتطور ولا قابلية للتطوير، علماً أن القطاع بحاجة لدم شباب، ولكن في ظل دعم كامل من الدولة.
يمر القطاع الزراعي من إنتاج حيواني وزراعي بالكثير من الأزمات جراء التصريف والتسويق، بحيث لم يعد يغطي الاحتياجات، ما اضطر ابناء الجبل للنزوح القسري الى الساحل بغية تأمين عيشهم، في ظل صعوبات أخرى من المواصلات وغياب المدارس والاحتياجات اليومية في المناطق الجبلية. يضاف الى ذلك أن لا تصنيف للأراضي الزراعية ولا حماية لها ولا قيمة للزراعة والتربية الحيوانية وهناك صعوبة للاستحصال على تراخيص لأن شروطها قاسية، وإذا حصل المربون على ترخيص يكون مشروطاً بمراعاة الامتداد العمراني وتعطى لـ 5 سنوات فقط قابلة للتجديد إذا لم يكن هناك أي اعتراض.
ويعاني المزارع من سوء التصريف وتحكم المعامل بالإنتاج، أما من لديه إنتاج محدود فيحتفظ به للإنتاج البيتي والبيع المحلي.
ويقول إيلي منصور ولديه 16 بقرة إن «هناك مشكلات عديدة يواجهها قطاع تربية الأبقار، ونحن كمربين نفتقد لوجود تعاونيات تقدم لنا الدعم وتكون لنا السند، لاسيما على مستوى التسويق والتصريف. نحن اليوم ندفع ثمن العلف بكلفة لا يغطيها مردود بيع انتاجنا من الحليب ومشتقاته، بالإضافة الى أن اسعار الحليب تتفاوت بين مزارع وآخر ووزارة الزراعة لا تهتم لهذا القطاع ويقتصر دعمها على تقديم الادوية». ويسأل عن «سبب وجود كلفة التلقيح التي تتراوح بين 50 و60 ألف ليرة، في حين تتم العملية مجاناً في المناطق الأخرى».
ويوضح طوني شاهين أن «مشكلات فصل الشتاء لا تزال مقبولة ومحمولة، لكن هناك أزمة فصل الصيف التي نرزح تحت عبئها، بسبب شحّ المياه والأمراض التي تصيب الرؤوس وقد تأتي على عدد منها. لا مشكلة في التسويق لأنني أبيع إنتاجي محلياً، لكن العرض لا يكفي الطلب على المنتوجات».
لعل العمل التعاوني يكون الحل لمشكلات القطاع الحيواني، خصوصاً المرتبطة بالمزارعين من اصحاب الحيازات الصغيرة، مما يسهل عليهم التسويق والبيع والشراء وتخفيض كلفة الإنتاج.