IMLebanon

كيف تقرأ “8 آذار” قرار الوزراء العرب؟

leaders-khalije

 

كتبت صحيفة “السفير”: “لم يجد زعماء الخليج ولا معظم وزراء الداخلية العرب أي حرج في التماهي مع أدبيات الاحتلال الاسرائيلي وتوصيفه المعتمد لـ”حزب الله”. ولم يزعجهم أن يجدوا أنفسهم في خندق واحد، عن قصد أو غير قصد، مع العدو الذي انقلب صديقا نكاية بإيران.

وإذا كانت المواجهة بين السعودية و”حزب الله” قد بلغت حداً جعل الرياض تذهب بعيداً في الانتقام من دون التمييز بين الدولة اللبنانية والحزب، فإن ما ليس مفهوماً أو واضحاً هو تقيّد العرب الآخرين بـ”النوتة” السعودية، وبالتالي مسارعتهم الى الرقص فوق حافة الهاوية المذهبية على إيقاع غضب المملكة.

والمفارقة، أن الولايات المتحدة وأوروبا ظهرتا حتى الآن أكثر رأفة بلبنان من أشقائه المفترضين، وأحرص منهم على حماية استقراره الداخلي وعلى تسليح جيشه، ولو كان ذلك يأتي ربطاً بمصلحة أميركية ـ أوروبية في إبقاء الوضع الداخلي ممسوكاً، قدر الإمكان، حتى لا ينفجر ملف النازحين بين أيدي القارة العجوز والدولة العظمى.

والأغرب أن أوروبا بدت “معتدلة”، قياساً على العرب، عندما اكتفت بوضع الجناح العسكري في “حزب الله” على لائحة الإرهاب، بينما لم يتردد الأقربون في “التعميم” الذي لا يميز بين مستوى سياسي وآخر عسكري، ما يدفع الى التساؤل عما إذا كان الرئيس تمام سلام بات يترأس حكومة تتعاون مع الإرهاب، باعتبارها تضم في صفوفها وزيرين للحزب؟

وإذا كان القرار الخليجي يُدرج في أحسن الحالات في خانة التهور والانفعال، إلا أنه يسجل في المقابل أن الداخل اللبناني أظهر، في مواجهته، قدراً عالياً من المسؤولية والعقلانية، عكسه أساساً وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعترض على قرار مجلس وزراء الداخلية ونأى بنفسه عنه، “صوناً لما تبقى من مؤسسات دستورية”. كما أن الرئيس سعد الحريري أكد، قبل أن يجف حبر البيان الخليجي، استمراره في محاورة الحزب والتعاون معه لتحصين الداخل، وإن يكن قد انتقد في الوقت ذاته سلوك الحزب وخياراته في المنطقة.

وأغلب الظن، أن المدى الذي وصلت اليه المواجهة الخليجية مع “حزب الله” باتت تحرج الحريري أكثر مما تريحه، برغم أنه في موقع الخصومة الحادة للحزب، ذلك أن رئيس “تيار المستقبل” يعلم أنه لا يستطيع أن يجاري هذه الاندفاعة المحمومة، بمعزل عن عواطفه، وهو الذي يدرك أن التوازنات اللبنانية الدقيقة لا تطيق حمولة سياسية ثقيلة من النوع الذي يجري تصديره الى لبنان حاليا.

ولم يتأخر النائب وليد جنبلاط بدوره في التقاط هذه الحقيقة، قائلا: نحن في لبنان لا نستطيع أن نتحمل هذا التصنيف.

من جهتها، كتبت صحيفة “الأخبار”: ” لم تمضِ أيامٌ على إعلان القناة العاشرة الإسرائيلية زيارة وفد إسرائيلي “رفيع” للعاصمة السعودية الرياض قبل أسابيع، حتى رفعت السعودية من مستوى حربها على المقاومة في لبنان، بإعلان مجلس التعاون الخليجي الأربعاء 2/3/2016 ، تصنيف “حزب الله” منظمةً إرهابية “بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة منها”.

وجاء البيان الختامي لاجتماع وزراء الداخلية العرب الذي انعقد في تونس، ليكمّل العدوان السعودي على المقاومة اللبنانية، بعد تبنّي المجتمعين التصنيف الخليجي ــ السعودي لـ”حزب الله” منظمةً إرهابية، في ظلّ تحفّظ وزيري داخلية لبنان نهاد المشنوق والعراق محمد الغبان.

فعلتها السعودية إذاً، كخطوة أولى لتدشين خروج العلاقات السعودية ــ الإسرائيلية إلى العلن، بعد عقود من التنسيق والتواصل السّري بين وزارتي الخارجية والدفاع والاستخبارات في الكيانين، والتآمر على حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية وسوريا والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

ولم يكن القرار الخليجي مفاجئاً بالنسبة إلى “حزب الله”. فالإجراء الأخير كان متوقّعاً منذ أسابيع، بعد فشل ضغوط سعودية وإسرائيلية لاستصدار قرار من مجلس الأمن بإدانة المقاومة، والمعلومات التي حصلت عليها المقاومة عن زيارة رئيس الموساد يوسي كوهين السعودية على رأس وفد، ولقائه مسؤولين سعوديين، والاتفاق على توحيد الجهود لضرب المقاومة في لبنان. وبالتالي، إن كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الأخير كان استباقاً لإجراءات معروفة سلفاً. ويأتي الإعلان مكمّلاً للإجراءات السعودية التي اشتدت في الآونة الأخيرة ضد لبنان واللبنانيين من خلال طرد لبنانيين يعملون منذ سنوات طويلة في الخليج، بذرائع واهية، والطلب من الرعايا الخليجيين مغادرة لبنان، وصولاً إلى إعلان وقف الهبتين السعوديتين (مليار وثلاثة مليارات) للجيش والقوى الأمنية، علماً بأن قرار وقف دفع الهبتين متخذ منذ مدّة بسبب الأزمة المالية التي تمرّ بها السعودية جراء عدوانها على اليمن، ولأنّ من غير المجدي دعم القوى المسلحة اللبنانية، ما دامت لا تعلن الحرب على المقاومة.

وبحسب مصادر بارزة في قوى 8 آذار، إن الإجراء السعودي هو “استكمال للحروب التي تشنّها السعودية على سوريا والعراق واليمن واحتلال البحرين”، وإن ما حصل “هو إعلان تحالف إسرائيلي ــ سعودي ضد المقاومة اللبنانية والشعب اللبناني، وانخراط السعودية بشكل علني في تصفية القضية الفلسطينية”.

وتقول المصادر: إن “السعودية حين تصل الأمور إلى العلاقة مع إسرائيل نراها تطرح السّلام ولا يهمّها حقوق الفلسطينيين من الملك فهد إلى الملك عبد الله إلى الملك سلمان، أمّا حين يتعلّق الأمر بالقوى المقاومة فإنها تعلن الحرب عليها، وتعلن تدخّلاً عسكرياً مباشراً في سوريا”. وأضافت: إن “الخطير في الأمر هو محاولة قَوْنَنَة عربية لقرار وسم المقاومة بالإرهاب، استكمالاً للقرارات الأميركية، والذهاب أبعد من الموقف الأوروبي الذي فصل بين الجناح العسكري والجناح السياسي لحزب الله”.

وفي ظلّ تصنيف أبرز التنظيمات المسلّحة التي تديرها وتسلّحها وتوجّهها السعودية في سوريا والعراق ولبنان كتنظيمات إرهابية، بحسب اللوائح التي يعمل عليها الأردن وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، “تجد السعودية نفسها من دون أذرع عسكرية شرعية، وهي تحاول وضع خصومها على لوائح الإرهاب وشيطنتهم، تمهيداً للتفاوض مستقبلاً”، على ما تقول مصادر أخرى في قوى 8 آذار. وتضيف المصادر أن “السعودية لا تستطيع تصنيف أحد، وهي تدعم تنظيمات إرهابية كداعش والنصرة وتغذّي الأفكار الوهابية في العالم، والمقاومة تأخذ شرعيتها من قتالها إسرائيل وحاضنتها الشعبية، فيما السعودية هي أم الإرهاب في العالم”.

وتشير المصادر إلى أن “السعودية تعتقد بأن الإجراءات تزيد الضغط على اللبنانيين على بيئة المقاومة، وتدفع برجال الأعمال للابتعاد عن المقاومة، لكنها بذلك تعاقب كل اللبنانيين وتحاول تحميل “حزب الله” المسؤولية، لكن الغالبية باتت تعرف أن السعودية تشنّ حرباً على اللبنانيين باسم العروبة”. وحتى الآن لم يصدر “حزب الله” أي موقف رسمي ردّاً على الإعلان السعودي، إلّا أن عدداً كبيراً من قوى المقاومة أعلنت إدانتها للموقف الخليجي. وفور صدور البيان الخليجي، أدانت وزارة الخارجية السورية تصنيف “حزب الله” منظمةً إرهابية، معتبرةً القرار “انعكاساً للتخبط السعودي واستلاباً لإرادة الشعب العربي في الخليج الذي يرفض التطبيع أو إقامة علاقات مع إسرائيل كما رفض وما زال المسّ في سوريا أرضاً وشعباً وسيادة”، كذلك فعلت الخارجية الإيرانية، معتبرةً أن “حزب الله حزب مقاوم ضد الكيان الإسرائيلي، واعتباره إرهابياً يأتي في ظل المؤامرة على المقاومة ويخدم الكيان الإسرائيلي”.