IMLebanon

الرجل العنكبوت يصنع السيارات بالحرير الاصطناعي

Spiber-Japan
كانا أناجاكي

مع مساحاتها المفتوحة، والموظفين الشباب والكراسي الأرجوانية الأنيقة، تبدو مكاتب سبايبر كأنها شركة ناشئة في سليكون فالي. في الواقع، تطل على حقول الأرز في مدينة تسوروكا الشمالية الغربية، موطن واحد من معاهد التكنولوجيا الحيوية الرائدة في اليابان، الذي هو جزء من جامعة كيو.

لقد تم فصل الشركة أول مرة عن معهد العلوم البيولوجية المتقدمة في عام 2007 من قِبل كازوهيدي سيكياما، الذي كان طالبا هناك.

عند المدخل، تعرض نموذجا أوليا لسترة نورث فيس. نسيجها الخارجي مصنوع من حرير العنكبوت الاصطناعي، مادة جعلت سبايبر شركة ناشئة واعدة، في جيل جديد من أحدث شركات إنتاج الألياف الاصطناعية في اليابان.

الرئيس التنفيذي البالغ من العمر 33 عاما، يرتدي سترة داكنة وسروال جينز، لا يزال يبدو كأنه طالب لكن حلمه كبير.

يقول سيكياما: “أنا أريد إيجاد مجتمع لا يوجد فيه صراع. الشركة هي مجرد أداة لتعظيم مساهمة كل فرد في العالم”.

تقوم سبايبر بإعادة تصميم الحمض النووي للعناكب لإنتاج مواد اصطناعية لا تعتمد على النفط كالألياف الاصطناعية الأخرى مثل البوليستر والنايلون. حققت شركة سبايبر، التي تم تأسيسها بالمشاركة مع شركتي هيديا ميزوتاني وجونيشي سوجاهارا، اللذين درسا مع سيكياما في الجامعة، العام الماضي إيرادات بقيمة 292 مليون ين (2.6 مليون دولار) وفيها أكثر من 100 موظف بدوام كامل في جميع أنحاء العالم، الذين يشاركون في الأبحاث وتطوير الأعمال.

العام الماضي، جمعت تمويلا بقيمة 10.5 مليار ين، في الغالب من شركة صناعة الملابس جولدوين، التي تعمل على تسويق العلامة التجارية نورث فيس في اليابان.

مثل عديد من أصحاب المشاريع في اليابان، كافح سيكياما للحصول على الدعم في الأيام الأولى، حيث اتصل مع الشركات الغنية بالسيولة التي لديها مصلحة محتملة في تكنولوجيا المواد، لكنها رفضت الاستثمار في شركة ناشئة.

وتكثف النفور من اتخاذ المخاطر مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وفي النهاية، اقترض المؤسِسون الأموال من عائلاتهم.

يقول سيكياما “إن بيئة التمويل ليست بتلك الروعة هنا”.

على رأس ذلك، واجه المعارضة من أستاذه في الجامعة، ومن والديه حتى أصدقائه الداعمين خلافا لذلك حول إنشاء شركة، حيث أشاروا بضرورة البقاء في الجامعة حتى تكون تكنولوجيا الهندسة الوراثية جاهزة لابتكار حرير العناكب الاصطناعي.

وكان قد حصل على درجة الماجستير في المعلوماتية الحيوية، لكنه تخلى عن دراسات الدكتوراة.

سوجاهارا، الذي أكمل دراسة الدكتوراة، كان أيضا متشككا في البداية لكنه يذكر كيف تغلب سيكياما على اعتراضاته. أخبرني سيكياما: “هناك فرصة لانتصار أي شركة ناشئة تماما، في لحظة مثل الآن بينما يعتقد الجميع أن الأمر مستحيل”.

في البداية، حافظ المؤسِسون على وظائفهم بدوام جزئي في تصميم المواقع الإلكترونية والمحاسبة لدعم أبحاثهم. بعد ذلك تغيرت حظوظ شركة سبايبر في عام 2009 بمجرد أن حققت إنجازا تكنولوجيا من خلال إنتاج سنتمترين من خيوط العنكبوت الاصطناعية، التي ساعدت على جلب رأسمال استثماري بقيمة 300 مليون ين للمرة الأولى.

بإمكان المؤسِسين الآن التركيز بدوام كامل على الأبحاث وعلى تعيين فريق عمل لبناء الأعمال.

فكر سيكياما أول مرة بشركة سبايبر خلال محادثة أثناء تناول المشروبات في الجامعة، حيث كانوا يتحدثون بتعجب حول ما إذا كانت شباك العنكبوت ستكون قوية بما فيه الكفاية لوقف طائرة جامبو وهي تطير. لقد درس الباحثون حرير العناكب على مدى عقود من الزمن، لكن تكلفة إنتاجه بكميات كبيرة قد منعت استخدامه على نطاق صناعي.

حرير العناكب، المرن والقوي، يعادل الصلب في قوة الشد وأكثر صرامة بكثير من ألياف الكربون – مادة تعتبر ذات قيمة لكونها أقوى من الصلب وأخف من الألمنيوم – على الرغم من كونها مرنة أيضا، وذلك وفقا لشركة سبايبر.

ويدرس الباحثون في الشركة التركيب الجزيئي لبروتينات حرير العناكب. وتستخدم البيانات لإعادة ابتكار تصاميم الحمض النووي الذي يمكن إدراجه في الكائنات الحية الدقيقة من خلال تغذيتها بالسكر، الكائنات الحية الدقيقة تنمو لإنتاج بروتينات تتحول إلى ألياف من خلال عملية غزل خاصة.

هناك منافسون يعملون على عمليات مماثلة، لكن سيكياما يقول إن ابتكار سنايبر يكمن في عملية التخمير الخاصة بها. وهذه ستسمح لها بخفض تكاليف الإنتاج الكبير من حرير العناكب الاصطناعي، الذي تدعوه كومونوس، استنادا إلى الكلمة اليابانية كومونوسو التي تعني شبكة العنكبوت.

فضلا عن مشروع نورث فيس الخاص بها، سبايبر تتحالف مع شركة كوجيما للصناعات، التي توفر قطع غيار السيارات لشركة تويوتا. وتجادل شركة سبايبر إن حرير العناكب الاصطناعي سيجعل السيارات ليس فقط أخف، بل أيضا أكثر متانة ومقاومة للصدمات. كما تعمل أيضا على تطبيق المواد على الأجهزة الطبية.

بالنسبة لسيكياما، هناك مصدر جذب آخر لحرير العناكب هو طبيعته الصديقة للبيئة. يقول “النفط هو مورد متناقص. إذا كان بإمكاننا ابتكار مادة تعتبر صديقة للبيئة وذات أداء عال على حد سواء، هذا من شأنه إيجاد ابتكار هائل في صناعة المواد”.

لطالما كانت اليابان في طليعة تكنولوجيا المواد، مع ثلاث شركات – توراي وتيجان وميتسوبيشي رايون – تهيمن على سوق ألياف الكربون، التي كانت تستخدم في طائرة دريملاينر 787 من بوينج، لكن الشركات في كل أنحاء العالم تتنافس لابتكار الجيل التالي من المواد ذات الإنتاج غير المكلف والمستدامة بيئيا على حد سواء.

بالحديث عن هدفه بأن يكون قوة للخير، يشير سيكياما إلى كيف أن الصراعات غالبا ما تكون لها جذور في النزاعات على الموارد الطبيعية المحدودة، مشيرا إلى نظام سبايبر للموظفين الذين يختارون أجرهم علنا، “التحدي الاجتماعي الرئيسي هو كيفية توزيع الثروة والموارد. كل فرد يجب أن يكون مسؤولا – وهذا أيضا ينطبق على الرواتب”.

تقول الشركة إنه يتم مشاركة المعلومات في كل أنحاء المجموعة، مع إرسال معظم رسائل البريد الإلكتروني لكل الموظفين حتى إن كانوا يشاركون بمشاريع مختلفة.

مع ذلك، الشركة تدعو للتساؤل حول ما إذا كانت مثل هذه الثقافة المؤسسية يمكن أن تستمر مع نمو الشركة. كذلك، فإن شركة سبايبر، تواجه منافسة شديدة مع قيام الشركات الناشئة في الولايات المتحدة وأوروبا أيضا بتطوير مواد مماثلة.

بولت ثريدز، الشركة القائمة في كاليفورونيا، على سبيل المثال، تزعم أنها طورت طريقة لإنتاج حرير العناكب الاصطناعي بكميات كبيرة.

يقول سيكياما: “إن حاجز الدخول مرتفع للغاية لأن المعرفة والتكنولوجيا تعزز فريق العمل الذي جاء في المرتبة الأولى. إذا كان بإمكاننا أخذ المبادرة بحزم، أنا متأكد أن بإمكاننا بناء موقع قوي في هذا المجال”.

الاختبار الأول سيأتي مع إطلاق مون باركا للعلامة التجارية نورث فيس، المقرر أن يكون هذا العام، والذي سيمثل خطوة كبيرة نحو الإنتاج الكبير لمنتج كومونوس.