IMLebanon

الشقق السكنية جنوباً.. ارتفاع في الأسعار برغم الكساد

real-estate

هبة دنش

هل هذا هو الوقت المناسب لشراء شقة في الجنوب؛ بعد تراجع اسعار مواد البناء، وفائض المعروض من الشقق السكنية بسبب الوضع الاقتصادي؟ هل ينطبق المرسوم الاشتراعي رقم 73 تاريخ 9 أيلول 1983 الذي ينص على استحالة بيع المنتج بأكثر من ضعف سعر الكلفة بالحد الأقصى على القطاع العقاري جنوبا، فتحاسب الدولة التجار والمستثمرين الطامعين بجمع الأموال على حساب المواطن الفقير الطامح إلى امتلاك شقة بالتقسيط؟
«في الجنوب، كلفة بناء الشقق لا تزال كما هي، ولم تنخفض أسعار مواد البناء بشكل حقيقي، الا الحديد، لا يزال سعر العقار مرتفعا هنا، وكذلك اليد العاملة، ونقلة البحص والرمل، يقول المستثمر في قطاع البناء يحيى حجازي، مستبعدا أن «تنخفض أسعارها، وإن انخفضت فإن سعر الشقق سينخفض نحو 2 في المئة فقط، لأن سعر العقار وموقع البناء هو الذي يفرض نفسه على تحديد سعر المتر للشقة».
في ساحل الزهراني، يتراوح سعر المتر المبني في الشقق السكنية بين 600 و1200 دولار بحسب المنطقة وموقع العقار، وتبعاً لمواصفات الشقة ومساحتها.
لا يعول تاجر مواد البناء في الجنوب احمد بهيج، على انخفاض أسعار الشقق في الجنوب، ويجيب: «ما يرفع من سعر الشقق هو الأرض وليس مواد البناء فقط، وأسعار الأراضي في الجنوب الى ارتفاع، ما يدعم أسعار الشقق صعودا، وهناك قناعة عند التاجر أو المستثمر بأن أسعار مواد البناء ستعود وترتفع، كما أن أجرة اليد العاملة لا تزال مرتفعة، ومعظم مشاريع البناء اليوم في الجنوب أصبحت جاهزة، ما يعني أن مواد البناء تم شراؤها سابقا بسعر غير الذي وصلت إليه اليوم».
يتابع: «في هذا البلد كل أسعار المنتجات التي ترتفع لا تعود وتنزل، هذا وأن كلفة النقل والشحن لا تسمح بتطبيق ما يسمى انخفاض الأسعار، الشحن الخارجي البحري هو المكلف، وكان سعر طن الحديد منذ 3 سنوات حوالي 900 دولار، اليوم، يسجل سعر طن الحديد تراجعا في السوق حوالي 470 دولارا، صحيح أن سعر طن الحديد سجل هبوطا، لكن، استمر سعر الشحن البحري على حاله».
وعن مواد البناء الأخرى، يشرح بهيج: «على سبيل المثال؛ أصبحت نقلة البحص حوالى 35 دولارا، لكن هذا لا يعني أنه يؤثر على انخفاض سعر الشقق، نذهب إلى البقاع، لتحميل نقلة البحص باتجاه مناطق الجنوب، تقطع الآلية 170 كيلومترا لتحميل حمولتها، ما يعني مضاعفة أجرة اليد العاملة والمازوت والأعطال وغيرها، وجميعها محسوبة ضمن أسعار مواد البناء».
يرجع عبدالله إبراهيم تراجع الإقبال على شراء الشقق السكنية وقلة المشاريع في ساحل الزهراني خاصة في مناطق عدلون والخرايب، الصرفند والبيسارية إلى «فورة البناء في أراضي المشاع منذ أربع سنوات يوم انفلت الوضع إثر السماح لأهالي يارين بالبناء في مشاعات البيسارية فامتد البناء إلى كل القرى، فيما لا يتجاوز سعر المتر الواحد للشقة في هذه المناطق 800 دولار «. أما المقاول يوسف عبدو فيعتبر انه «لم يُشهَد انخفاضٌ لاسعار مواد البناء الا سعر الحديد؛ الشقة ليست من حديد فقط، في الجنوب ارتفع سعر الأرض، نظرا لقلة الأراضي المعروضة للبيع، ويعود للكثافة السكانية تأثيرها ما جعل المستثمرين يشترون على أطراف بلداتهم كما حصل في صيدا، وانتقال البناء الى منطقة الشرحبيل وكفرجرة. مناطق نائية أخرى تبعد عن المدينة، وعن الاكتظاظ السكاني، أو في مناطق شعبية فعمدوا الا تصغير مساحة الشقق لتتلاءم مع مقدرة الشباب لتملك شقة العمر».
بلدة الغازية في قضاء الزهراني، شهدت وتشهد حركة بناء كبيرة لمشاريع سكنية داخل البلدة وعلى الأطراف، بسعر يتراوح بين 800 و1200 دولار للمتر الواحد، وفي خطوة غير مسبوقة أقدم عليها رجل الأعمال محمد دنش في البلدة، بإطلاق مشروع سكني مجاني للشباب وزع على ذوي الدخل المحدود، وبلغ عدد الشقق نحو 38 شقة، وعلى الطريقة ذاتها، هناك تسويق في البلدة ذاتها عن إطلاق مشروع سكاني مجاني آخر من قبل رئيس البلدية السابق، مشروع مؤلف من 100 شقة سكنية، و50 شقة سكنية أخرى سيتم بيعها بسعر الكلفة، يقول مصطفى: «مثل هذه المشاريع وبرغم الحاجة الشديدة إليها إلا أنها ستؤثر سلبا على حجم الطلب في البلدة».
سجلت دائرة التنظيم المدني في قضاء الزهراني تراجعا في معاملات رخص البناء في منطقة ساحل الزهراني. وكانت وصلت معاملات ورخص البناء في شهر آذار 2015 الى نحو أكثر من 190 رخصة بناء، لتتراجع في شهر آذار الحالي إلى حوالي 125 رخصة بناء، أي بنسبة تراجع تتراوح بين 25 و30 في المئة. ويحمل أحد الموظفين في الدائرة ذلك إلى «تراجع الطلب على شراء الشقق بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي، وضعف القدرة الشرائية للموظف مقارنة مع مدخوله الشهري، وأن هذا القطاع يعتمد باكثر من 50 في المئة في عملية البيع على التمويل الذي يعطيه مصرف «الإسكان». فمن يريد الشراء من ذوي الدخل المحدود، هو غالبا الموظف، الذي عليه تأمين الأوراق والمتطلبات التي يطلبها «الإسكان» وعليه سداد القرض السكني خلال 30 سنة، ما يحمّله عناء التقسيط لسن متقدم من عمره، ويرهقه، على حساب تأمين لقمة عيشه اليومية، بقرض يصل الى 120 ألف دولار، وغالبا ما يكون عليه تأمين دفعة أولى كبيرة. وهذا سبب تراجع الطلب على رخص ومعاملات البناء، ففاق المعروض من الشقق السكنية للبيع حجم الطلب».

نظام المقايضة
يشكو تاجر العقارات في منطقة النبطية علي فرحات من تراجع الطلب على شراء الشقق السكنية، إلى الركود الاقتصادي الذي أدى إلى تراجع الطلب نحو 25 في المئة، فيما بلغ المعروض من الشقق السكنية غير المباعة في منطقة كفرمان والتي تعتبر الأكثر عمرانا نحو 430 شقة، ويلجأ المستثمرون في القطاع العقاري إلى خيارين، حسب قدرتهم كمتمولين، «فمن لا يتجاوز رأسماله 2 مليون دولار، لا يحتمل تجميد رأسماله فيعمد إلى بيع الشقق السكنية بالتقسيط المريح وتقديم العروض، فيقبل بدفعة أولى بحوالي عشرين ألف دولار، وتقسيط شهري يصل إلى 500 دولار، وأحيانا يلجأ إلى اعتماد نظام المقايضة في هذا القطاع، كمقايضة شغل متعهد الألمنيوم أو النجار بالحصول على شقة في المشروع السكني، أو حتى المقايضة على سيارة كدفعة أولى. أما المتمولون الكبار فهم من يصمدون في وجه هذا التراجع في الطلب ريثما تتبدل الأحوال الاقتصادية، مراهنين بذلك على بيع الشقق بالسعر الذي يريدونه».
كان اتكال المستثمرين على قرض المغترب، وليس على ذوي الدخل المحدود في البلد، اليوم تغيرت الأمور، «ما في مصاري من برا» يتابع فرحات، مؤكدا أن «السعر دائما مرتبط بنوعية ومواصفات الشقق، إذا كانت شغلا من الباب الأول، أو شغلا تجاريا، وحسب المنطقة؛ على الشارع العام، أو في الضواحي، جميع هذه التفاصيل تدخل في تحديد سعر المتر الذي يتراوح اليوم في منطقة النبطية بين 600 و1200 دولار».