IMLebanon

تنديد بخطة النفايات لمساهمتها في تلويث البحر: المماطلة في المعالجة تحقّق أهدافاً تعود إلى 2010

waste-5

ميليسا لوكية

لم تجرِ الرياح المحمّلة برائحة النفايات كما تشتهي الحكومة التي أعادت إحياء فكرة المطامر بخطتها المعلنة السبت الماضي، إذ علت الأصوات المندّدة بها وعبثاً قُطعت الطرق من ناشطي حملة “طلعت ريحتكم”. ففي حين يُخيّل للبعض أنَّ المخرج الذي وُضع سينقذ الناس من أمر واقع فُرض عليهم فرضاً، يرى الخبراء أنَّ هذه الخطة مجبولة بالأخطاء، معتبرين أنّها استكمال لأهداف كانت الحكومة قد وضعتها نصب عينيها منذ البداية، ولكن تحت ستار المماطلة.

تنص خطة الحكومة التي كشف وزير الإعلام رمزي جريج النقاب عنها، على إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة شهرين لضمّ النفايات المتراكمة، وإنشاء مركزين موقّتين للمعالجة والطمر الصحي في مناطق برج حمود والبوشرية، فضلاً عن تقديم حوافز مالية للبلديات التي يقع المطمرين ضمن نطاقها.
وبما أنَّ المواطن الذي يعيش بين أكوام النفايات منذ 8 أشهر كان يأمل في أن يكون الحل مثالياً، خصوصاً أنَّ هذه الفترة كادت تكفي لوضع حلول مستدامة وليس موقّتة، يعتبر رئيس “الحركة البيئية اللبنانية” بول أبي راشد أنَّ هذا المخرج لا يشكّل عودة إلى نقطة الصفر، لأنَّه “يجسّد رغبات الحكومة التي تعود إلى العام 2010″، مشيراً لـ”النهار” إلى أنَّ “بعض الأفرقاء في الحكومة يريدون أن تُوزّع الأرباح المترتّبة عن هذا الملف على الجميع، منعاً لنشوب أي مشكلة جديدة في هذا الشأن”.
وضرب أبي راشد مثل المافيات في إيطاليا التي تجني الأموال الطائلة بفضل ملف النفايات، مشيراً في الوقت عينه إلى أنَّ الكادر السياسي لم يتعلّم من الأخطاء الماضية، “بدليل أنَّ الخطة السابقة الرامية إلى تقسيم لبنان إلى 6 مناطق خدماتية، بما معناه خصخصة النفايات، تعتبر تعميماً لتجربة “سوكلين” على كل المناطق”.
وقد فهم المواطنون خلال الأشهر الثمانية المنصرمة أهمية الفرز من المصدر والتدوير، لكن “الحكومة ماطلت في معالجة الملف وسيلة لدفع الناس نحو القبول بأي حل سينقذهم من القمامة، وغضّت الطرف عن المخالفات والحرق الذي لجأ إليه عدد من البلديات”. ويضيف أبي راشد أنَّه خلال الفترة الماضية، “انشغل مجلس الإنمار والإعمار في كتابة دفتر الشروط لاستدراج عروض لشراء المحارق وبنائها، علماً أنَّ الصفقة الواردة تكلّف ملياراً و200 مليون دولار لأربع محارق: في الزهراني ودير عمار والجيّة والكرنتينا”. ويشدّد على أنَّ العمل بهذه الأخيرة سيبدأ بعد مرور 4 سنوات، “مع اعتبار البعض أنَّه خلال هذه الفترة لا يمكن إيجاد حل مستدام كي لا ينفي الحاجة إلى المحارق”.
ويلفت الى أن “المطامر المقترحة ستساهم في تغذية المخالفات في حق اتفاق برشلونة وتلويث البحر المتوسط، باعتبار أنَّ أماكنها ليست مناسبة”. ويختم أبي راشد بأنَّ المخرج يتمثل في “رفض كل حلّ يتخذ في غياب لرئيس الجمهورية القادر على ضبط الفلتان الحاصل ضمن الحكومة، ومجلس النواب الذي يفترض أن يدافع عن حقوق الناس ومصالحهم”.
وفي سياق هذه النكبة البيئية التي يعيشها لبنان من جراء مصيبة أكياس نفايات، بيّن تقرير جامعتي “ييل” و”كولومبيا” أنَّ لبنان حل في المرتبة 94 في مجموعة من 180 دولة مصنّفة، بعدما سجّل مؤشر الأداء البيئي في لبنان 69.14، ليتموضع تالياً في المرتبة 9 من بين 19 دولة إقليمية تم تصنيفها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويسلّط المؤشر الضوء على الأداء في البلاد في شأن القضايا ذات الأولوية العالية في مجالات حماية صحة الإنسان والنظم الإيكولوجيّة.
وبحسب المؤشر، وبناء على بيانات من العام 2014 مستمدة من صور للأقمار الصناعية بالاقتران مع نماذج النقل الكيميائي للملوّثات، فإنَّ الشعب اللبناني يتعرض إلى نوعية هواء سيئة، وكذلك إلى مستويات عالية من ثنائي أوكسيد النيتروجين NO2 والجسيمات الدقيقة PM2.5. وقد تمت مقارنة هذه الأخيرة مع العتبة التي تبلغ 10 ميكروغرامات/ م3 والتي حددتها منظمة الصحة العالمية. وسجّل لبنان معدل 62,22 في معدل تعرّض السكان لثنائي اوكسيد النيتروجين و83,27 لجسيمات الدقيقة PM2.5، مما يدل على خطر صحي جسيم.
في المقابل، أظهر المؤشر أنَّ أداء لبنان هو الأفضل في مجال المياه ومرافق الصرف الصحي من خلال تقييم إمكان وصول السكان إلى خدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب. وقد سَجَّل في مجال مرافق الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب معدلي 75,73 و95,84 توالياً. أما التعرض لأخطار الصحة المحتسب باستخدام بيانات عن نسبة الأسر التي تتمتع بالنفاذ إلى مختلف مصادر مياه الشرب مع إدماج عامل معالجة المياه المنزلية، فيبلغ 52,25 مسلطاً الضوء على إمكان التعرّض للأخطار المعتدلة إلى الشديدة.