IMLebanon

حكم إعدام ملياردير يكشف جبل الفساد في إيران

باباك زنجاني خلال محاكمته في طهران
باباك زنجاني خلال محاكمته في طهران

فجر الحكم بإعدام ملياردير إيراني الجدل في إيران بشأن حجم الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، وبدأ يكشف أبعاد الظاهرة، خاصة في ظل الغموض الذي أحاط بالمحاكمة، في محاولة لإخلاء ساحة مسؤولين مرتبطين بالقضية.

يقول الرئيس الإيراني واثنان من النواب، يتوليان كل على حدة إعداد تقرير عن القضية إن تنفيذ الحكم الذي صدر بإعدام الملياردير باباك زنجاني بسبب الفساد سيطمس هوية كبار المسؤولين الذين كانوا يؤيدونه.
وعبر الكثير من الإيرانيين عن استيائهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عما يشعرون به من استياء وإحباط بسبب ما أحاط الإجراءات القضائية ضد رجل الأعمال من غموض وما انتهت إليه المحاكمة.

ويقول زنجاني إن مسؤولين من أصحاب النفوذ كانوا يدعمونه خلال فترة حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ذي التوجهات المتشددة، وإنه كان يساعد إيران في التحايل على العقوبات من خلال بيع نفطها في الخارج.

وألقت السلطات القبض على زنجاني في عام 2013 بتهمة سرقة أكثر من 2.7 مليار دولار من قيمة ما باعه من النفط لحساب الحكومة نجاد، وذلك بعد شهور من فوز حسن روحاني بالرئاسة بعد حملة انتخابية تركزت على محاربة الفساد في الحكومة.

ونفى زنجاني اقتطاع أي مبالغ من إيرادات النفط، وقال في المحكمة “بمجرد أن تغيرت الحكومة اعتبروني لصا”، وأكد أنه يعتزم استئناف حكم الإعدام الذي صدر عليه هذا الشهر. وسلطت القضية الضوء على تعقيدات نظام الحكم، الذي يجمع بين سلطة رجال الدين والنظام الجمهوري، حيث تكمن السلطة في أيدي مسؤولين منتخبين ومسؤولين معينين في الوقت نفسه.

ومازال الغموض يكتنف طبيعة تورط أي شخصيات حكومية في صفقات زنجاني المالية بسبب غموض النظامين السياسي والقضائي في إيران. وسبق لروحاني أن انتقد أسلوب معالجة القضية، مؤكدا أنه يريد القضاء على الفساد الذي انتشر خلال حكم سلفه.

وأثار الرئيس تساؤلات حول من مكن زنجاني من تنفيذ صفقاته التي انطوت على مبالغ طائلة، وما إذا كان من الممكن استرجاع الأموال إذا ما نفذ فيه حكم الإعدام.

وقال روحاني هذا الأسبوع إن “ما يريده الشعب هو معرفة كيف وبإذن من استطاع زنجاني بيع النفط وأين ذهبت كل تلك الأموال… الإعدام لن يحل أي مشكلة”.

ولا يتمتع روحاني بنفوذ يذكر بين أصحاب المواقف المتصلبة الذين يهيمنون على مؤسسات القضاء المستقلة عن الحكومة.

وقد اشتبك الرئيس، الذي تطغى على سلطته سلطة المرشد الأعلى علي خامنئي، مع السلطات القضائية في عدة مناسبات، في قضايا تراوحت بين الحفلات الموسيقية العامة واعتقال الصحفيين.

ولا يملك الرئيس حق إلغاء حكم الإعدام، وفقا لما قاله هادي غانم مدير الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، وأن ذلك في قبضة خامنئي ورئيس القضاء فقط.

وقال نائبان في لجنة برلمانية يتولى كل منهما بشكل منفصل التحقيق في القضية إن إعدام رجل الأعمال لن يحرز شيئا في معالجة الفساد، وإنه سيسمح بهروب المسؤولين الذين دعموه من العدالة من خلال إسكات زنجاني.

وقال حسين دهدشتي النائب المستقل بعد إصدار الحكم “إن إعدام المتهم سيسمح بنسيان الأيدي التي تقف خلف المشهد والتي كانت مسؤولة بدرجة أكبر من المتهم عن هذه القضية”.

وأكد أمير عباس سلطاني النائب الثاني المستقل في اللجنة “مازال مسؤولو الحكومة الفاسدون والمتربحون يلقون الحماية ولم يتم التصدي لهم”.

ونقلت رويترز عن سلطاني قوله إن الهدف من تشكيل لجنة تضم 10 أعضاء هو “تحديد المتورطين في الاحتيال والفساد والذين حموه والكشف عنهم”، إضافة إلى ضمان إعادة الأموال. ولا يكن الكثير من الإيرانيين العاديين أي ود لزنجاني الذي يعد من أغنى أغنياء إيران، والذي كون ثروته بينما كانوا هم يرزحون تحت وطأة العقوبات، لكنهم غاضبون من السرية التي أحاطت بواحدة من أكبر قضايا الفساد المالي في تاريخ إيران.

فعلى مدى 20 جلسة للمحكمة كانت التغطية الإعلامية محدودة واقتصرت على مقاطع فيديو قصيرة وصور فوتوغرافية ومقتطفات من أحاديث قصيرة متبادلة بين زنجاني ورئيس المحكمة.

وتباهى زنجاني في المحكمة ومقابلات إعلامية قبل القبض عليه بتعاقداته وصلاته مع شركات لها صلة بالحرس الثوري، أقوى قوة عسكرية واقتصادية في إيران.

وقال إن رستم قاسمي أحد كبار قادة الحرس والذي عمل وزيرا للنفط في عهد أحمدي نجاد طلب منه التحايل على العقوبات وأنه إبرم صفقات مع عدد من كبار المسؤولين في حكومة نجاد. وفي أكتوبر الماضي كتب قاسم مع خمسة آخرين من كبار المسؤولين خطابا إلى النائب العام طالبوا فيه بإعلان أي أدلة على وجود صلات مالية تربط رجل الأعمال بأي مسؤول حكومي، وبدا أن الخطاب محاولة من جانب المسؤولين للنأي بأنفسهم عن أي أنشطة جنائية ورد ذكرها في المحاكمة.

ولم يكشف القضاء عن أي صلات بين زنجاني وأي مسؤولين حكوميين أو توجيه أي اتهامات لهم. ولم يتضح سبب ذلك.

وقال عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد “إن حكم الإعدام محاولة لمنع زنجاني من الكشف عن المزيد من المعلومات”.