IMLebanon

أسعار تذاكر السفر في مطار بيروت .. انخفضت، لم تنخفض؟

beirut-international-airport-new

حنان حمدان

لم يلاحظ معظم المسافرين في لبنان، إنخفاض أسعار تذاكر السفر، مثلما إنخفضت في معظم دول العالم، نتيجة الإنخفاض الكبير في أسعار الوقود، حتى مع وصول سعر برميل النفط إلى نحو 30 دولاراً، وذلك بالرغم من تأكيد “شركة طيران الشرق الأوسط” لـ”المدن” إنخفاض أسعار التذاكر بعد تدنّي أسعار المحروقات.

تأكيد انخفاض أسعار تذاكر السفر في لبنان، يقتضي أولاً إجراء مقارنة بين أسعار التذاكر العائدة إلى شركات الطيران العاملة في مطار بيروت، والتي هي في الأصل مرتفعة جداً مقارنة مع تذاكر السفر في الدول الأخرى، ويستوجب ثانياً البحث في مدى إنعكاس إنخفاض أسعار المحروقات على أسعار التذاكر في لبنان والعالم. فعلى سبيل المثال، “يبلغ ثمن تذكرة السفر للرحلة على متن الطيران البريطاني بريتش أير وايز، من لندن الى فلسطين المحتلة 600 دولار، في حين يبلغ ثمن التذكرة من لندن على متن الطائرة نفسها الى لبنان 1200 دولار، أي بفارق يصل إلى الضعف تقريباً”، بحسب ما يؤكده الخبير النفطي ربيع ياغي في اتصال مع “المدن”، مشيراً إلى “الفارق الكبير بين أسعار رحلات الشركات الأجنبية في لبنان والشركات نفسها في دول أخرى، مثل شركة “لوفتهانزا” الألمانية مثلاً، فيما يجد أن “تذاكر السفر كان يفترض أن تنخفض أسعارها بنسبة 30 الى 35 في المئة في لبنان إسوة بغيرها من الدول، إلا أن ذلك لم يحدث واستمرت الأسعار على حالها”.
كلام ياغي، يؤكده رئيس نقابة السياحة والسفر في لبنان، جان عبود، لـ”المدن” بقوله إن انخفاض أسعار النفط أثّر بشكل محدود على اسعار تذاكر السفر، وبرز ذلك في أكثر الأحيان على شكل عروض تقدمها شركات الطيران العاملة في مطار بيروت الدولي في فترات محددة من العام، تحديداً في فترة تراجع الحجوزات، والتي تعرف بفترة الـ”low season”. وهذا ما حدث فعلاً في لبنان، إذ انخفضت أسعار التذاكر خلال هذه الفترة وبقيت على حالها خلال فترة الـ”high season” وهي فترة الأعياد والمناسبات.

عدم إنخفاض أسعار التذاكر تزامناً مع إنخفاض أسعار النفط عالمياً، أمر نفته الـ “ميديل إيست” عبر رئيس الدائرة التجارية للشركة، نزار خوري، الذي أكد لـ”المدن” أن “أسعار تذاكر السفر إنخفضت في لبنان على عكس ما قيل”، وهذا الانخفاض أتى بنتيجة المنافسة القوية بين الشركات العاملة في مطار “رفيق الحريري الدولي”، فمثلاً “إنخفض سعر تذكرة بيروت-باريس بنسبة 34 في المئة، بيروت- فرانكفورت بنسبة 33 في المئة، بيروت- جنيف بنسبة 46 في المئة، بيروت- الدوحة بنسبة 49 في المئة، وبيروت- أبوظبي بنسبة 28 في المئة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ضريبة الوقود التي “خفّضتها الشركة بنسبة 50 في المئة، بالتزامن مع تراجع أسعار المحروقات” وفق خوري.

تأكيد خوري انخفاض أسعار التذاكر، من دون تحديد فترة هذا الإنخفاض، يبقى تأكيداً قابلاً للنقاش، إذ إن الأسعار تتبدل بحسب الفترات والفصول، ويمكن أن تكون هذه الأسعار قد مُنحت للزبائن في فترة الـ”Low season”، أما بالنسبة الى الحديث عن خفض الشركة لضريبة الوقود بنسبة 50 في المئة، فإن ذلك يناقض تأكيد عبود “ثبات رسوم الوقود من سعر التذاكر، منذ نحو عام ونصف”، ما يعني ذلك أن ضريبة المحروقات لا تزال على حالها منذ بداية إنخفاض أسعار النفط في العالم!

عدم ملاحظة إنخفاض الأسعار، يرجعه البعض إلى غياب التأثير المباشر بين أسعار النفط وأسعار تذاكر السفر، على اعتبار ان الأخيرة ترتبط بحجم الضرائب التي تفرضها الدول في مطاراتها، فيما يعتبر آخرون أن أسعار التذاكر لم تنخفض بسبب سياسة إحتكار الأسعار والسوق التي تنتهجها الـ”ميديل إيست” منذ أعوام، والتي تلزم من خلالها جميع الطائرات الأجنبية بتسعيرة موّحدة منعاً للمنافسة.

والحال، أن نسبة الضرائب في المطارات جميعاً تتراوح بين 7 و15 في المئة من تذاكر السفر، وهي أصلاً لم ترتفع في لبنان، وفق ما أكده خوري. فيما تشكل الفاتورة النفطية “نسبة 40 في المئة من التكاليف التشغيلية للطائرة”، وفق ما يؤكده ياغي، ما يعني أن هذه النسبة تدنت كثيراً بعد الإنحدار الكبير في أسعار النفط، والدليل على ذلك، أن كلفة فاتورة الوقود لشركات الطيران بما فيها “ميديل إيست” قد “تراجعت بنحو 50 في المئة وأكثر في بعض الأحيان، بسبب إنخفاض أسعار النفط”، بحسب ما يؤكده رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط، مارون شماس، في اتصال مع “المدن”.

ولذلك، فإن العام 2015 لم يكن عاماً إعتيادياً بالنسبة لمعظم شركات الطيران العالمية، إذ كان عاماً “ذهبياً” بإمتياز حققت خلاله الشركات عائدات كبيرة من الأرباح، بشهادة الإتحاد الدولي للنقل الجوي “اياتا”، والذي توقّع في نهاية العام 2014 أن تصل أرباح قطاع الطيران العالمي في نهاية العام 2015 إلى نحو 25 مليار دولار.

وبالتالي، فإنّ انخفاض أسعار النفط معطوفاً على الأرباح المتوقعة لشركات الطيران، يؤكدان العائدات الكبيرة التي حصّلتها شركة الطيران اللبنانية “ميديل إيست” والشركات الأجنبية الأخرى التي تؤمن خدمات الطيران في لبنان هذا العام. ولكن ذلك، لم يُحدث تغييراً ملحوظاً في أسعار التذاكر، التي إنخفضت في فترات محددة من العام، لكنّها عادت وارتفعت في فترات أخرى!