IMLebanon

لبنانيون يودعون “فايسبوك” خوفاً من الترحيل

 

facebook-hezbollah

 

ما إن دخل لبنان في الأزمة الدبلوماسية مع دول الخليج بعد قرار المملكة العربية السعودية بوقف المساعدات العسكرية إلى الجيش اللبناني، حتى ارتفع منسوب التوتر والقلق لدى المغتربين اللبنانيين في الخليج وسط أنباء تتحدث عن بعض المباشرات بإجراءات الترحيل في بعض الدول العربية.

هذا الأمر أثار ذعر وخوف المغتربين اللبنانيين وعائلاتهم، خاصةً بعدما أعلنت السعودية أنها ستعاقب وترحل أي مقيم ينتمي إلى “حزب الله” أو يؤيده أو يتعاطف معه أو يؤوي أي شخص تابع له. وبدأ الكثير منهم بأخذ الحيطة والحذر من خلال التحفظ في اتصالاته إلى لبنان، وعدم التحدث في السياسة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصل بهم الحال إلى حذف جميع منشوراتهم السابقة، وإقفال حساباتهم تحسبًا لأي تصعيد في الموقف الخليجي ضد لبنان.

المغتربون: نخاف من الخط الساخن

“بعد الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والمملكة دخلتُ إلى “فايسبوك” وبدأت بحذف العديد من المنشورات السياسية السابقة”، يقول المغترب اللبناني في السعودية “أ.ق.” في حديث مع “العربي الجديد”، ويضيف: “ما إن أطلقت المملكة خدمة الخط الساخن “990” للشكوى على أي شخص يشتبه به أنه يؤيد أو يتعاطف مع حزب الله، حتى بدأ العديد من اللبنانيين هنا بحذف جميع المنشورات المتعلقة بالشعارات الدينية والتي تدل على طائفتهم أو تعاطفهم مع حزب معين، وأنا منهم، فحذفت العديد من المنشورات التي قد تفهم خطأ، فيما قمتُ بعد أيام بإغلاق حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي نهائيًا. فلن أقطع عملي ورزقي بسبب منشورات لن تقدم ولن تؤخر”.

ويقول “أ.ق”: “عند الاشتباه بأي شخص يتكلم حول السياسة على فايسبوك أو تويتر تقوم السلطات السعودية بالدخول الى حساباته المصرفية للتأكد من التحويلات التي يرسلها إلى لبنان، وفي بعض الأحيان يُستدعى صاحب الحساب الى وزارة الخارجية للتحقيق معه عن طبيعة عمله وتسلط الأضواء الأمنية عليه”.

أما المغترب اللبناني في الكويت “ح.ع”، فيقول: “من يخرج من لبنان يخف تعاطيه في السياسة، فيصبح مراقبًا ومتابعًا للأخبار فقط، فعندما كنا في لبنان لم تأخذ الدولة برأينا فماذا إن كنا خارجه؟”. ويضيف: “نحن هنا نشعر بالاستقرار والأمان ونتابع عملنا بكل راحة دون مضايقات”. وعن الخوف من مراقبة مواقع التواصل يؤكد: “بعد القرار الخليجي بتصنيف “حزب الله” إرهابيًا وما تلاه من إجراءات وتدابير، توقفت عن التكلم في السياسة على فايسبوك وتويتر تحسبًا من أي تصعيد في الموقف أو من أن يفهم موقفي خطأ لأن الرقابة هنا شديدة وحازمة”.

من جهته، يقول المغترب اللبناني في الإمارات، محمود غزيل: “كمواطن يعيش في الخارج، يجب أن أحترم التقاليد والأعراف وبالتحديد القوانين في البلاد التي مهّدت الطريق لي بالسفر والمجيء للعمل فيها بعيدًا عن الفوضى التي تعتري بلادي”.

وعن تخوفه من التكلم في السياسية على مواقع التواصل يؤكد: “لم أتوقف يومًا عن التحدث بالسياسية وبالمجاهرة بمواقفي تجاه أزمات المنطقة من منظاري الخاص، إن كان في ما يتعلق بالشأن اللبناني الداخلي أو بصراعات المنطقة. وإن انتقدت بعض الأمور هنا وهناك، يكون دائمًا في إطار احترام الآخر”. ويضيف: “إن مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات تمتاز بحريتها الواسعة، الأمر الذي يظهر عبر استخدام نائب رئيس الدولة محمد بن راشد لتويتر بشكل مكثف، أو حتى حكام الدولة الآخرين لتطبيقات عديدة مختلفة كانستاغرام وسناب تشات”.

وعن المراقبة الالكترونية في الإمارات يقول: “من الضروري الإشارة إلى العمل الدؤوب للإدارة القضائية في البلاد على حماية حقوق سكانها وصون عدالتها في أي مكان بما فيها مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي. فكما يسري القانون في الحياة اليومية، لا بد أن يسري أيضًا على الفضاء الالكتروني، من ناحية احترام الآخر وحقوقه”، ويضيف: “الدولة تعمل دائما على تثقيف الناس من ناحية استخدام التطبيقات والمواقع، من ناحية الأمن الشخصي وما يجب ولا يجب مشاركته على الانترنت وغيرها”.

وعن تخوفه من ترحيله اذا استمر في التكلم بالسياسة يختم غزيل بالقول: “في حال أقدم أي شخص على خرق أي قانون في الدولة، لا بد من أن يكون هناك دلائل، وهذه الدلائل من الطبيعي أن يتم دراستها والبناء عليها”. ويضيف: “الأمر ليس بكل بساطة مثل عمل أغلب مواقع التواصل التي ترصد بعض الصور أو الكلمات وتبني عليها قراراتها، بل هناك أجهزة أمنية من الطبيعي أن تعمل على صون أمن الدولة وسكانها من مواطنين ووافدين، لذا لا أتخوف من شيء. خصوصاً أنني لا أنتمي إلى أي فريق سياسي في لبنان بسبب عدم قدرتهم على تطبيق أبسط الأسس لبناء دولة”.

محاصرة “حزب الله” إعلامياً

بعد وقف الهبة العسكرية السعودية وما تلاها من إجراءات وتدابير، وليس آخرها قرار وزراء الإعلام العرب بمحاصرة “حزب الله” إعلاميًا، بعد المواقف اللبنانية الرسمية التي اعتبرت مناهضة للعرب على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظلّ مصادرة “حزب الله” لإرادة الدولة بحسب تعبيرهم، تضامن العديد من الصحافيين مع هذه القرارات وقرروا المقاطعة الإعلامية لقناة “الميادين”.

ومن الصحافيين الذي قاطعوا “الميادين” الصحافي راشد فايد، الذي قال في حديث مع “العربي الجديد”: “في الميادين زملاء أكفاء لكن انتماءها السياسي يلزمهم ببعض الآراء يغلفونها بأسئلة صحافية تزعم الموضوعية، وتستنفر استعداء من يجيب عنها، وإن أي مقابلة تجريها وسيلة إعلامية في ظل الانقسام السياسي الحاد إقليميًا ومحليًا لا بد أن تستخدم، في شكل أو بآخر لخدمة نهج هذه الوسيلة”، مضيفًا: “خصوصًا إذا كان المقدم الذي يجري المقابلة متجردا من الموضوعية ويتخذ بوضوح موقف السند السياسي الذي يعمها ويغذيها، وبما أنه صاحب القرار في ادارة المقابلة فقد يورط الضيف في نقاش عقيم ليثبت وجهة نظره في شكل ما”.

أما عن ضغط المملكة على الصحافيين للتضامن معها يؤكد: “لا المملكة اعتادت الضغط علي أو على غيري، ولا أنا شخصيًا من الصحافيين الذين يعرضون خدمة سياسة ما، ولو كان المعني بها المملكة التي أفصل بين تقديري وتأييدي لسياستها وبين مهنيتي”، وعن الوسيط الذي يسعى للتدخل لحل هذه المقاطعة يختم فايد بالقول: “الوسيط بين الزملاء هم الزملاء أصحاب العلاقة، لكن التوجه السياسي هو الذي يتحكم بقرار كل زميل وإلا هناك صحافيون فلسطينيون يعملون في الإعلام الإسرائيلي فهل يعني ذلك قبول إجراء حوار معهم لمصلحة الوسيلة التي يعملون فيها؟”.

أيضا الصحافي نوفل ضو قاطع بدوره الظهور على قناة “الميادين”، وفي حديث مع “العربي الجديد” يقول: “مسألة المقاطعة مبدئية وخاصة عندما يتعلق الأمر بموقع لبنان تجاه الشرعيتين العربية والدولية. فأنا من الناحية السياسية أؤمن أن تكريس الشرعية اللبنانية لا يمكن أن يتحقق من دون احترام لبنان واللبنانيين للشرعيتين العربية والدولية”.

أما عن ضغط المملكة على الصحافيين للتضامن معها يؤكد: “أنا غير معني بتنفيذ القرارات السعودية ولكني معني بالانسجام مع نفسي وقناعاتي. وبالتالي فإن مقاطعتي للمحطات التي تهاجم الشرعية العربية تنبع من قناعتي بوجوب احترام الشرعيتين العربية والدولية وليس من قرارات يتخذها الغير أيا يكن هذا الغير”.

وعن أهداف الضغط الإعلامي والنتائج المتوقعة منها يشرح ضو: “أنا شخصيا اعتبر ان مقاطعتي لبعض وسائل الإعلام التي تدفع بلبنان الى مواجهة مع الشرعيتين العربية والدولية تشكل رسالة من مواطن لبناني إلى هذه الوسائل بعدم قبولي بما تقدم عليه في حق العرب ولبنان. بطبيعة الحال فإن مقاطعتي لن تقلب الأمور رأسًا على عقب ولكنها في حد ذاتها رسالة بأن هناك قسمًا من اللبنانيين غير راض عما تقوم به بعض وسائل الإعلام”.