IMLebanon

مكبّ نفايات طرابلس يرتفع من دون حلول

WasteMountainTripoli

عبد الكافي الصمد

قبل نحو عشر سنوات، اقترح مجلس الإنماء والإعمار، في إطار مخطط شامل من أجل معالجة مشكلة مكبات النفايات، إقامة مكبين كبيرين في الشمال لمعالجة هذه المشكلة من جذورها، أحدهما يقع في خراج بلدتي مجدليا والفوار في قضاء زغرتا لمعالجة نفايات الأقضية الشمالية، باستثناء عكار، التي لحظ المخطط إقامة مكب نفايات خاص بها في بلدة سرار، حيث يقع الآن مكب النفايات الشهير.

لكن هذا الاقتراح بقي حبيس الأدراج ولم يبصر النور، واستمرت أزمة النفايات في التراكم، وخصوصاً مكب نفايات طرابلس، الذي صدرت توصيات عدة منذ عام 2010 بإقفاله بعدما بلغ حدّاً أقصى من الاستيعاب، وبات يشكل خطراً على البيئة والسلامة العامة والصحة في محيطه، لكن هذه التوصيات والدعوات بقيت بلا تنفيذ نظراً إلى عدم وجود بديل يمكنه استيعاب نفايات المدينة.
بعد عام 2010، كانت دعوات وتوصيات واقتراحات تصدر تباعاً، تحذّر من أن مكب النفايات الذي تحوّل إلى جبل تجاوز ارتفاعه 14 متراً، مهدد بالانهيار في عرض البحر المتاخم له وفي مصب نهر أبو علي المجاور له، وأن جدران الدعم المحيطة به “مهددة بالانهيار في أي لحظة، ما سيؤدي إلى كارثة بيئية كبيرة”، وفق قول رئيس لجنة البيئة والحدائق في بلدية طرابلس جلال حلواني.
في السنوات التالية، وبمبادرة ذاتية منه، قدّم حلواني اقتراحين لمعالجة مكب النفايات قبل وقوع الكارثة، لكنهما رُفضا وواجها اعتراضات عدة من قبل البلدية واتحاد بلديات الفيحاء ووزارة الداخلية، إلى أن قدّم منذ مدة اقتراحاً جديداً نال موافقة مبدئية من البلدية واتحاد البلديات ومجلس الإنماء والإعمار الذي حولت وزارة الداخلية الدراسة الجديدة إليه لإعطاء الرأي والمشورة.
يلخص حلواني لـ”الأخبار” مضمون اقتراح دراسته بأنه يلحظ “إنشاء مركز لإدارة النفايات فوق أرض مساحتها نحو 210 أمتار مربعة، بعد ردم جزء من البحر، تقع قرب مكب النفايات الحالي وبمحاذاة محطة تكرير الصرف الصحي، وهي منطقة لا تشكل أي خطر على التنوّع البيولوجي غير الموجود أصلاً، لأنها منطقة ملوثة وتنتشر فيها الأوبئة”.
ويرجح حلواني أن تلقى هذه الدراسة، التي أنجزها شخصياً ومجاناً، قبولاً وأن لا تواجهها اعتراضات، كما كان شأن الاقتراحين السابقين، لأن المشروع المقترح “لا يتطلب أي أموال للاستملاكات، وبعيد عن المناطق السكنية، وقريب من المناطق الصناعية، كما أن قربه من المكب الحالي سيساعد في تأهيله بنقل كميات البحص والرمل الموجودة فيه من أجل ردم نحو نصف مليون متر مربع في البحر، وإدارة أفضل للمكب الحالي الذي سيستوعب كمية نفايات إضافية قبل إنجاز المركز الجديد الذي سيستغرق أربع سنوات، على أن يُحوّل بعدها المكب الحالي إلى حديقة عامة”.

ويذهب حلواني بعيداً في تفاؤله ليشير إلى أن “السياسيين الذين عرض عليهم هذا المشروع لاقى منهم قبولاً”، مشيراً إلى أن ما “بين 15 ـ 20 في المئة من النفايات فقط سوف تطمر فيه، وهي من العوادم، أما النفايات العضوية فستستخرج الأسمدة والطاقة الكهربائية منها، بينما النفايات غير العضوية سيعاد تدويرها”.
غير أن تفاؤل حلواني هذا تقابله شكوك عدة. فمنسقة لجنة متابعة مشاريع طرابلس الناشطة ناريمان الشمعة توضح لـ”الأخبار” أنه “طالبنا بإنشاء مركز لمعالجة النفايات في طرابلس قبل أكثر من سنة، وراجعنا رئيس البلدية عامر الرافعي بحضور حلواني بهذا الأمر، وكان رد الرافعي أن لديه مشروعاً سيبدأ العمل به بعد نحو سنة ونصف سنة، إلا أنه لم يفصح عنه، ولا ندري إذا كان هذا هو المشروع الذي يجري الحديث عنه أخيراً أو لا”.
وأشارت الشمعة إلى أن “لدينا ولدى كثيرين ملاحظات على اقتراحات حلواني السابقة وتطرقه إلى معالجة الموضوع، أولاً لأنه ليس مختصاً بمعالجة النفايات، وثانياً لأن أفكاره سبق أن طرحها آخرون قبله ولم يتبنّاها أحد، برغم أنها كانت أفضل”.
ودعت الشمعة إلى “إيجاد حلول مؤقتة لمكب نفايات طرابلس، كإقامة جدران دعم لمنع انهياره في البحر، وتشغيل محارق الغازات ومصافي عصارة النفايات التي تتسرب إلى مياه البحر أو إلى المياه الجوفية، والمتوقفة عن العمل منذ عام 2013”.
ولفتت إلى أن وزير الزرعة أكرم شهيب، الذي “راجعناه بعد تسلمه ملف النفايات، رفض طلبنا بوضع طرابلس على خريطة الخطة الوطنية لمعالجة النفايات، بهدف إدخال مكب نفايات طرابلس ضمن الخطة، لأن مشكلة مكب نفايات طرابلس برأيه قديمة ومزمنة، بينما مهمته محصورة فقط بأزمة النفايات الحالية، وهو تبرير استغربناه لأنه يفترض أن ملف النفايات يجب أن يعالج بشكل كامل وفي كل المناطق، لأن الخطة المقترحة وطنية وشاملة، وليست مناطقية أو مجتزأة”.