IMLebanon

تحديات تواجه نقل الغاز الروسي عبر إيران

RussiaGas
فرح الزمان شوقي

تواجه كل من موسكو وطهران تحديات عديدة تهدّد المشروع المرتقب لنقل الغاز الروسي إلى إيران، بهدف الحصول على مكاسب اقتصادية تساعد الحليفين على تجاوز الآثار السلبية الاقتصادية التي يعانيان منها بسبب العقوبات والحظر الغربي خلال السنوات الماضية.
وتتواصل المفاوضات بين طهران وموسكو حول مقترح إيران بنقل الغاز الطبيعي الروسي عبر أراضيها، وهي المفاوضات التي أعلنت وزارة النفط الإيرانية عنها، أخيرا، إذ أعربت طهران عن استعدادها لنقل الغاز الروسي عبر تسلمه من الحدود الشمالية للبلاد وتسليمه لروسيا في جنوبها.
وبدأت المفاوضات منذ مدة بين المعنيين في إيران والمسؤولين في شركة بروم للغاز الروسي، وقام وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، بزيارة إلى طهران قبل مدة، وبعد زيارات مكررة قام بها المعنيون في وزارة النفط الإيرانية وفي الشركات المعنية بقطاع الطاقة إلى موسكو مؤخراً، لكن يبدو أن الاجتماعات التي تم التأكيد خلالها على نية الطرفين رفع مستوى التعاون بينهما في كافة القطاعات، لم يحصد أي طرف نتائجها حتى الآن، ولا سيما بخصوص المقترح الإيراني المرتبط بنقل الغاز الروسي.
وفي حديثه لـ “العربي الجديد”، يرى الخبير في شؤون الطاقة حسين أنصاري فرد، أن روسيا وإيران خضعتا لعقوبات اقتصادية غربية لأسباب مختلفة، وتعاونهما في قطاع الطاقة بالذات قد يخرج كليهما ولو نسبيا من أزمة اقتصادية تسبب بها الحظر، فوجهة النظر الإيرانية تعتبر أن التقارب في هذا الوقت بالذات قد يعني التخفيف من الضغوط، لذا تسعى البلاد لطرح سيناريوهات تعاون مختلفة.
وعن سبب عدم وصول المفاوضات لنتائج محدّدة رغم التقارب، اعتبر أنصاري فرد أن إنجاز أمر كهذا يتطلب وقتا طويلا، وعن إصرار طهران على تنفيذ المشروع، قال إن المصالح المشتركة بينهما لا تعني أن يستغني كل طرف عن الفوائد التي يحققها من علاقاته مع الآخرين لأجل الطرف الآخر، وخاصة أن روسيا تصدر غازها لأوروبا، وستفكر جليا قبل أن تقبل العرض الإيراني حسب رأيه، مضيفا أنه في حال التوصل لاتفاق حول نقل الغاز الروسي عبر إيران يتوجب على الطرفين أن يتفقا أيضا على ضرورة ألا يضرب أي طرف مصالح الطرف الآخر.

لكن هذا الخبير اعتبر أن تركيز إيران على قطاع الطاقة يأتي بهدف دعم وتقوية الجبهة التي يوجد فيها الطرفان والتي تقف مقابل جبهة أخرى توجد فيها السعودية والولايات المتحدة الأميركية، فقد بدا الخلاف واضحا بين الجبهتين خلال الأشهر السابقة في ما يتعلق بآليات إنتاج النفط وقضية تدهور أسعاره في السوق الدولية، مؤكدا أيضا أن طهران تريد الحضور بشكل أقوى في سوق الطاقة الدولية رغم كل الضغوط التي ما زالت تواجهها إقليميا، خاصة أنها تريد جني مكاسب إلغاء الحظر الغربي المفروض عليها بعد التوصل للاتفاق النووي مع دول 5+1 شهر يوليو/تموز من العام الماضي، وقد تفتح لها روسيا الطريق لعودة أقوى، حسب قوله.
لكن من نواح أخرى، يتحدث بعضهم عن تفاصيل عديدة تتعلق بالمفاوضات بين الطرفين وتكلفة وآليات تنفيذ هذا المشروع.

وفي هذا السياق، يقول الباحث في مركز دراسات إيران وآسيا المركزية والقوقاز، شعيب بهمني، لـ”العربي الجديد”، إن لدى البلدين مخزونا هائلا من مصادر الطاقة، ولا سيما الغاز الطبيعي، ورغم عدم نشر تفاصيل المفاوضات التي دارت بينهما خلال الأشهر الماضية والمتعلقة بالمقترح الإيراني حول نقل الغاز الروسي عبر أراضي البلاد، لكن يبدو من وجهة نظر هذا الباحث أن الطرفين يعملان على تطوير مشاريعهما الاستثمارية المشتركة في حقول النفط والغاز، على حد سواء.
وأضاف بهمني، أن البلدين تباحثا في وقت سابق حول إمكانية التعاون لمد أنابيب خط غاز السلام، فضلا عن عقدهما مفاوضات أخرى تتعلق بتطوير التعاون في القطاع النفطي، معتبرا أن نقل الغاز الروسي عبر إيران يحتاج لبنى تحتية ضخمة مازالت غير متوفرة حتى الآن.

ويعتبر بهمني، أن التأخر في التوصل لنتيجة يتعلق بعملية التفاهم المرتبطة بكيفية إنشاء بنى تحتية لنقل الغاز الذي يحتاج لخط أنابيب طويل، فضلا عن حاجته إلى موازنات وتكاليف عالية، مشيرا إلى إمكانية تحقق المشروع بشكل عملي، لكن في المستقبل البعيد، وسيكون هذا بعد إيجاد حلول للتفاصيل العالقة حسب تعبيره.
أما عن التحدي الثاني الذي يواجه هذا المشروع، فهو تحد دولي، حيث تعترض أميركا على تطور علاقات من هذا النوع بين إيران وروسيا، قائلا إن واشنطن ستسعى بشتى الوسائل للضغط بغاية عرقلة المشروع، بذات الوقت، تحاول دول الاتحاد الأوروبي تقليص اعتمادها على الغاز الروسي المصدر إليها، ونقله عبر إيران التي تشهد انفتاحا في علاقاتها التجارية والاقتصادية على الغرب قد يزيد من هذا الارتباط مع روسيا، ما يجعل فكرة التقارب في قطاع الطاقة بين الطرفين غير مغرية للأوروبيين، حسب رأيه.