IMLebanon

البنوك البرازيلية تساهم في أكبر ركود اقتصادي يضرب البلاد

central-bank-brazil
تشهد البرازيل في هذه الفترة كساداً كبيراً اعتبره الخبراء الاقتصاديون الأكبر منذ ثلاثينات القرن الماضي، ما دفع الأعمال التجارية في الدولة التي تعتبر بين أكبر الاقتصادات العالمية إلى مواجهة أكبر ركود في تاريخها الحديث في حجم الوظائف الجديدة والأعمال التجارية وانخفاض مداخيل العمالة.
على الرغم من هذا الكساد الذي يشهده الاقتصاد البرازيلي، فإن البنوك كانت لا تزال تقدم قروضاً كبيرة جداً رغم علمها بالأزمة التي تلوح في الأفق، في مشهد كان يبدو وكأنه عدم اكتراث ولامبالاة بالكارثة التي بدأت في وضع أغلالها حول مفاصل اقتصاد الدولة ومعاناتها للخروج من مستنقع الركود الذي يضرب أرجاءها.
وفي الوقت الراهن بدأت تلك البنوك في مراجعة مواقفها التساهلية تجاه القروض، حيث شهدت معدلات الإقراض هبوطاً كبيراً بسبب تزايد نسبة التعثر في سدادها من جانب المقترضين، إلى أن أضحت اليوم تبحث عن الخروج من عنق الزجاجة التي كان لها دور كبير فيها بعدم اكتراثها للآتي.
وحققت البنوك البرازيلية الخاصة العام الماضي خسائر هي الأكبر حجماً منذ أمد بعيد، حيث حققت 75% من البنوك والمؤسسات المالية الـ180 المدرجة ضمن قوانين وأحكام البنك المركزي البرازيلي خسائر كبرى، خلافاً لبنوك الاستثمار الحكومية التي كانت أوضاعها مستقرة بعض الشيء، والتي شهدت أرباحها ارتفاعاً في العام 2015 إلى 86 مليار دولار مقارنة بـ66 مليار دولار في 2014.
ومن بين التفسيرات التي يمكن الأخذ بها لتحليل دور البنوك البرازيلية فيما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية، هي حقيقة أن انخفاض معدلات القروض كانت بسبب معدلات الفائدة المرتفعة جداً على القروض، والتي ارتفعت بسبب قيام البنك المركزي البرازيلي برفع معدله القياسي للفائدة على القروض والودائع بـ7 درجات مئوية منذ العام 2013 لتصل إلى 14.25%، في خطوة تهدف في المقام الأول إلى السيطرة على معدلات الركود المرتفعة.
وشهد أيضاً معدل الفائدة على الائتمان ارتفاعاً بنسبة 32% سنوياً في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وعلى الرغم من ذلك فإن البنوك العالمية كانت تعاني في أرباحها من السندات الحكومية خلافاً للبنوك في البرازيل، والتي شهدت أرباحا بـ5% من تداولاتها في السندات الحكومية.
حصر الأزمة
رغماً عن الأزمة التي عانتها البنوك البرازيلية في بادئ الأمر، فإنها تنبهت للمسألة وكانت أيضاً محظوظة بعض الشيء في حصرها لآثار الأزمة التي تضرب الاقتصاد البرازيلي وقطاعه المالي، حيث يبدو أن تلك المؤسسات المالية فطنت إلى الدروس المستقاة من أزمتها المالية التي ضربتها بين العامين 1995-1998، حيث ألقت الديون المتعثرة لبعض من المؤسسات المالية الحكومية بظلالها على الوضع المالي العام في البرازيل، ما حدا ببعضها إلى إعلان إفلاسها مخلفة وراءها شرخاً كبيراً في النظام المالي في الدولة التي عانت كثيراً حتى يستعيد عافيته مرة أخرى.
وفي أعقاب تلك الأزمة، واصل اليسار البرازيلي الحكومي دعم التسهيلات الائتمانية من خلال عمالقتها «بانكو دي برازيل» و«بنك كايكسا إيكونوميكا الفيدرالي» و«بنك الاستثمار الوطني» وغيرها. وبدلاً من المنافسة والمضاربة في الأسعار، فقد ركز المنافسون المحليون لتلك البنوك على جودة ونوعية الأصول التي يمتلكونها. وبعد أن بدأت أسعار الفائدة على قروض السيارات في الارتفاع بداية من العام 2011، تحول المستهلكون إلى طرق إقراض أقل خطورة وأكثر أماناً مثل الرهن العقاري والاستقطاعات المباشرة من الرواتب. وفي سبيل الحفاظ على فوائدها، قامت المؤسسات المالية الخاصة في البرازيل بترك مجال محدود للبنوك الحكومية لجني بعض الأرباح.
وبغض النظر عن التأكيدات والتطمينات التي تبعث بها البنوك البرازيلية للأسواق باستقرار أوضاعها وحصانتها ضد التقلبات المالية بسبب تزايد عملياتها من التأمين والبطاقات الائتمانية، في الأوضاع الحقيقية لا تبدو مطمئنة، علاوة على أنها لا تبرئ البنوك من دورها الكبير فيما وصلت إليه الحال في القطاع المالي البرازيلي وحالة الركود التي يواجهها الاقتصاد البرازيلي بشكل عام.