IMLebanon

الـ11 مليار دولار.. مدخل لكسر دوامة الموازنة العامة

lebanese-parliament
عزة الحاج حسن

أحد عشر عاماً ولبنان يسيّر شؤونه المالية دون موازنات عامة، أحد عشر عاماً جعلت من قاعدة الصرف الإستثنائية التي تم اعتمادها في عملية الإنفاق، أي القاعدة “الإثني عشرية”، عُرفاً منزّها من أي تشكيك أو تدقيق.

منذ العام 2005، تاريخ إقرار الموازنة الأخيرة في مجلس النواب، حتى اليوم، لم يتوانَ سياسي واحد عن المطالبة بإقرار الموازنات العامة، في حين لم يسع أي منهم إلى إقرارها، لا بل ساهمت غالبيتهم أو ربما جميعهم بترسيخ الإنفاق “العشوائي” والخارج عن أي رقابة قانونية.

بعيداً من تفاصيل الخلافات السياسية بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” على خلفية اتهام الأخير رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة بإهدار 11 مليار دولار من المال العام، وبعيداً من حرب الإصدارات التي خاضها الطرفان، بإصدار “الوطني الحر” عام 2009 كتاب “الإبراء المستحيل”، الذي تناول فيه التجاوزات القانونية للسنيورة خلال توليه وزارة المال، ثم رد “المستقبل” بإصدار كتاب “الافتراء في كتاب الإبراء”، يبقى غياب الموازنات العامة هو الحقيقة الثابتة من دون أي أفق لحل علمي أو عملي للمالية العامة.

غياب الموازنات العامة منذ العام 2005 حتى اللحظة حوّل الحسابات الحكومية إلى كرة ثلج يتعاظم حجمها يومياً، ونظراً إلى “رجعية” طريقة الحسابات بات من الصعب جداً إجراء تدقيق شامل للسنوات الماضية في مدة قصيرة، حتى وإن قرّر المعنيون بعرقلة إقرار الموازنات ذلك، الأمر الذي أدخل ملف المالية العامة في دوّامة مُحكمة يتعذّر الخروج منها، وهنا رُب سؤال حول إمكانية وطريقة الحد من الإنزلاق إلى الفوضى المالية أكثر فأكثر، وكيف يمكن للبنان أن يخرج من هذه الحلقة المُفرغة؟

يرى البعض أن لا مفر من اعتماد “ساعة صفر” والبدء بإعداد موازنات عامة لتشريع الإنفاق في موازاة الإنصراف إلى التدقيق في حسابات السنوات الماضية، وذلك تجنباً لمزيد من تراكم السنوات المالية ولقوننة الإنفاق في الوقت عينه، ومن بين هؤلاء وزيرة المال السابقة ريا الحسن، التي ترى أن لا حلول لعقدة الموازنات إلا في وجود “شخص جريء” يبادر إلى إقرار العودة إلى العام 1992 وتسليم الحسابات إلى شركة تدقيق أجنبية تدقق بالحسابات وتحسم الأمور، على أن نباشر بإعداد موازنات بموازاة عملية التدقيق.

وإذ تصر الحسن، في حديثها الى “المدن”، على أن توضيح صرف 11 مليار دولار هو المدخل إلى كسر الحلقة المفرغة، التي ندور فيها بملف الموازنات العامة، تؤكد أن التمسّك بورقة هدر 11 مليار دولار “لم تعد إلا ذريعة يستخدمها البعض للتهرب من إقرار الموازنات لأن طريقة الحسابات اصبحت قديمة جداً وبات من الصعب إعادة التدقيق بآلاف الحسابات القديمة بشكل يدوي”.

وبغض النظر عن المطالبات المستمرة لفريق “الوطني الحر” بإقرار الموازنات العامة، يرى عضو التغيير والإصلاح النائب نعمة الله أبي نصر، في حديث إلى “المدن”، أنه رغم أهمية ملف الموازنات العامة إلا أنه يأتي بالدرجة الثالثة من حيث الأهمية بعد ملف الفراغ الرئاسي، وإقرار قانون انتخاب جديد، وينتقد عدم لجوء مجلس النواب إلى تشريع الضرورة في معالجة القضايا العالقة حتى اليوم ومنها الموازنة العامة.

وعن كيفية الخروج من الحلقة التي تدور فيها الموازنات العامة يرى أبي نصر أن لبنان لطالما أنفق في فترة ما بعد الطائف من دون التقيّد بالقوانين أو الدستور في ظل غياب أي رقابة على الموازنات العامة في تلك الفترة، “ما جعل الفساد أمراً مألوفاً واعتياديا”، “لذلك بات من الضرورة العمل على استئصال الفساد وإجراء حسابات شاملة لكامل الحقبة الماضية وصولاً إلى إقرار الموازنات في السنوات المقبلة”.

بين نظريتي إقرار الموازنات العامة بموازاة إجراء حسابات للأعوام الأحد عشر الماضية من جهة، وبين إجراء حسابات للسنوات الماضية قبل إقرار الموازنات العامة للسنوات السابقة، تبقى عملية الإنفاق العام تدور في حلقة مفرغة عنوانها “عشوائية الصرف”.