IMLebanon

زيارة الوفد المصرفي اللبناني الى واشنطن لن تكون مُجرّد نزهة

associations-lebanese-banks
جوزف فرح

لن تكون زيارة وفد جمعية مصارف لبنان الى واشنطن ونيويورك في 18 الجاري للمشاركة في المنتدى المصرفي العربي – الاميركي ومقابلة المسؤولين الاميركيين مجرد نزهة، بل يمكن اعتبار ان التحديات التي تواجه القطاع المصرفي اللبناني كثيرة ومتشعبة لعل اهمها اليوم قرار الكونغرس الاميركي ضد المصارف التي تتعامل مع حزب الله، والقرارات الدولية المتعلقة بمحاربة تبييض الأموال ومكافحة الارهاب اضافة الى الحذر الذي بدأت تتعامل معه المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية، ناهيك باستمرار الدولة اللبنانية في الاستدانة واستبدال الاستحقاقات الجارية على هذا الدين وبطء الاقتصاد وغيرها من الامور.
عن التحديات التي تواجه القطاع المصرفي اللبناني قال نائب رئيس بنك لبنان والبلاد العربية القاضي عباس الحلبي: هناك نوعان من التحديات، التحديات الداخلية والتحديات الخارجية.
أبرز التحديات الداخلية وأهمها المالية العامة للدولة والدين العام والانفاق دون موازنات منذ ما يزيد عن العشر سنوات ولجوء الدولة اللبنانية الى القطاع المصرفي للاستدانة واستبدال الاستحقاقات الجارية على هذا الدين بحيث يشكل حالياً الدين على الدولة اللبنانية من المصارف ما يزيد عن 55 في المئة، وهذا يشكل تحدياً اساسياً لعمل المصارف.
والتحدي الثاني الداخلي هو بطء الاقتصاد واستنزاف عمليات الفساد والانفاق الجاري في قطاعات عديدة من الدولة وفيها روائح كثيرة من الهدر والفساد وهذا يؤدي الى تشكيل التحدي.
اما التحديات الخارجية فهي التنظيمات التي تصدر بصورة خاصة من السلطات النقدية ومن التشريعات التي تصدر من الولايات المتحدة الاميركية خصوصاً ان 60 الى 65% من الودائع المصرفية هي بالدولار الاميركي، وحيث هناك دولار اميركي يكون هناك سلطة للدولة الاميركية في ان تلزم كل من يتداول بعملتها بتنظيمات معينة.
هناك تشريع صادر عن الكونغرس الاميركي ويكلف الادارة الاميركية بتقديم تقرير شهري عن كيفية مواجهة الادارة الاميركية في تنفيذ هذا القرار وهذا التشريع، ما يطمئن لدى القطاع المصرفي اللبناني ان حزب الله نفسه قد صرح على لسان امينه العام بأن ليس لديه ودائع في القطاع المصرفي اللبناني وبالتالي ليس لديه تعاملات داخل القطاع، مما يعني انه بمنأى عن اي تأثير في ما يتعلق بالاجراءات المتخذة بالتشريع الاميركي ضد حزب الله.
من ناحية ثانية هناك تنظيمات وتشريعات اخرى صادرة في الولايات المتحدة والعالم التي تفرض على القطاع المصرفي ليس فقط في لبنان انما كل قطاع مصرفي في العالم الاحتياط في تجفيف موارد الارهاب ومنابعه ووقف التعاملات الجارية لتمويل الاعمال الارهابية، وبلمحة سريعة على تقرير هيئة التحقيق الخاصة التابعة لمصرف لبنان والمنظمة بقانون لبناني يظهر ان القطاع المصرفي اللبناني ملتزم بأدق المعايير التي تؤدي الى مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب وبصورة خاصة على ضوء التشريع الجديد الذي صدر في لبنان.

ـ زيارة وفد المصارف الى واشنطن ـ

وحول الزيارة التي سيقوم بها وفد جمعية المصارف الى واشنطن ونيويورك في 18 الجاري وامكانية نجاحها على صعيد القرار الاميركي الاخير قال الحلبي: تبين لنا قبل الذهاب الى الولايات المتحدة الاميركية، للمشاركة في المنتدى المصرفي العربي الاميركي الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك الاحتياطي الفدرالي، ان هناك مواعيد مصرفية في واشنطن لمقابلة بعض المرجعيات الاميركية (وزارة الخزانة الاميركية) ضمن سلوك دأبت عليه المصارف اللبنانية بأن لا تبقى بعيدة عن مجريات التفكير لدى وزارة الخزانة الاميركية، بمعنى التنسيق الدائم وتبادل المعلومات والاستماع الى وجهات النظر الاميركية وتقديم الشروحات المناسبة حتى لا يتعرض القطاع المصرفي لأي مشكلة غير مدركة ولم تسمع بها.
لذلك هناك تأكيد اميركي بتقدير الاجراءات التي يتخذها القطاع المصرفي اللبناني وكذلك مصرف لبنان، ولكن الاميركيين عازمون على ضرورة الالتزام بالتشريع الاميركي ان كان بالنسبة لحزب الله او تجاه اي مجموعة اخرى من الاجراءات التي يتخذونها، اي لا تهاون بنظرهم في تخفيف من وقع هذه الاجراءات علينا، وهناك تأكيد من لبنان بالمقابل بأن القطاع المصرفي اللبناني سيلتزم لما هو مطلوب من متطلبات.
ان قرار الكونغرس الاميركي يطال حزب الله وكل الشركات او الجمعيات وبالتالي يمكن ان يطال شريحة كبيرة من الناس.

ـ اقرار القوانين المالية ـ

وحول اقرار لبنان للقوانين المالية مؤخراً ومنها القانون الذي يتعلق بتبادل المعلومات خصوصاً بعد اكتشاف وثائق «بنما» وتأثير ذلك على السرية المصرفية قال الحلبي: اوراق وثائق بنما هي بملايين الصفحات وبرأيي لم تتكشف جميعها، قد يكون هناك اسرار كبيرة لها علاقة بشخصيات سياسية او غير سياسية او شخصيات تقوم بخدمة عامة او بشركات «أوف شور» ولذلك لم يتبين بعد اي شيء في لبنان قد يكون لنا علاقة بهذه الاوراق، ولكن عندما تتحدث عن 11 مليون وثيقة فإنه يلزمك المزيد من الوقت لتتكشف كل مضامين هذه الوثائق و برأيي فإن القانون اللبناني الجديد الذي صدر منظرا وله علاقة بالتهرب الضريبي ووضع آلية محددة في كيفية تقديم الطلب الى السلطات اللبنانية واعطاء وزير المالية صلاحية معينة بالتنسق مع هيئة التحقيق الخاصة سيضيع المجال امام اي لبناني كي يتهرب ضرائبيا في المستقبل وهذا بشكل نوع من الاستثناء المنظم في القانون على قانون السرية المصرفية لان لبنان محكوم بتطبيق هذا القانون.
في الولايات المتحدة الاميركية ودول الغرب لم يعد مسموحا اطلاقا التهرب الضريبي ويعتبر ذلك جناية كبيرة وبالتالي اتى القانون اللبناني ليقونن هذه العملية ويضع لها آلية في كيفية التوجه الى السلطات اللبنانية لمعرفة عما اذا كان هناك تهرب ضريبي ام لا والقانون اصبح نافذا وسيطبق.
اما بالنسبة لقانون اعادة صياغة مكافحة تبييض الاموال، فقد توسع في تعداد عدد الجرائم او الاعمال التي تعتبر بمثابة جريمة تبييض للاموال، كان القانون الاساس يتحدث عن 6 او 7 مواد او اكثر من الحالات التي تعتبر عملية تبييض اموال.
وهذا التوسع جعل من لبنان دولة متعاونة ووضع حد لامكانية اعتبار لبنان دولة غير متعاونة وبالتالي دولة منبوذة على الصعيد الدولي واعتقد انه حسنا فعل مجلس النواب باقراره هذه التشريعات لكي يبقى لبنان داخل القطاع المصرفي العالمي.
وردا على سؤال حول اعتبار النظام المصرفي اللبناني جزءا من النظام المصرفي الاميركي خصوصا ان 65% من ودائعه المصرفية مدولرة قال الحلبي، طالما يتداول القطاع المصرفي اللبناني بالعملة الاميركية طالما للسلطة الاميركية الحق في ان تلزم لبنان بمعاييرها ومتطلباتها اي ساعة يتخلى لبنان عن العملة الاميركية لا يصبح للاميركيان علاقة بأي شيء تجاه القطاع المصرفي اللبناني ولكن لبنان غير قادر على ذلك لان اقتصاده مدولر وعندما تضع دولاراً في جيبتك يعني ان السلطة الاميركية لها الحق في ان تلتزم كحامل للعملة الاميركية بمتطلباتها. ولذلك اعتبر ان النظام المصرفي اللبناني ليس ملزما بالقطاع المصرفي الاميركي بل بالنظام المصرفي العالمي.