IMLebanon

مسيحيون بالتبنّي (بقلم بسام أبو زيد)

aktab-4

 

كتب بسام أبو زيد

لا أدري ما إذا كان المسيحيون والموارنة بالتحديد يدركون خطورة أن ثمانية وثلاثين محاولة لانتخاب رئيس للجمهورية قد فشلت ولا أدري كم سينتظرون بعد ليدركوا أن التحكم بهذا الاستحقاق لم يعد بيدهم إن لم نقل أن رئاسة الجمهورية برمتها لم تعد بيدهم.

لا نقول هذا الكلام من منطلق طائفي ولكننا نقوله من واقع ممارسة الطوائف والمذاهب الأخرى لسياسات أقل ما يقال فيها إنها طائفية ومذهبية وفئوية.

فعندما الشيعة لا يمكن لأحد أن يتخطى ثنائية “حزب الله” وحركة “أمل” في اختيار رئيس لمجلس النواب وكل المناصب الشيعية في طول البلاد وعرضها والأهم أن هذه الثنائية لا تقبل المس بصلاحيات رئيس مجلس النواب أو تخطي صلاحيات اي من المناصب التي تشغلها.

كذلك هي حال الطائفة السنية، فبالرغم من الخلافات التي تسود بين قياداتها ورغم اختلاف الأحجام يتفق الجميع على عدم التفريط بالمواقع والصلاحيات وفي مقدمها رئاسة الحكومة.

ولا يختلف الأمر عند الدروز فحيث الموقع والمسؤول الدرزي يتكتل الجميع للدفاع عنه حتى لو اقتضى الأمر الهجوم على مسؤولين ومواقع من طوائف أخرى ما يدفع باتجاه تصحيح الخلل إذا وجد باعتبار أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم.

أمام هذا الواقع لم يبد المسيحيون وتحديدا الموارنة نزعة وحدوية للدفاع والحفاظ على موقع رئاسة الجمهورية بل أن الأمر انطلق من موقع رغبة وإصرار العماد ميشال عون في الوصول إلى سدة الرئاسة وهو حق مشروع له ولغيره أيضًا مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن رئيس الجمهورية تمتع بشعبية أم لا بكتلة نيابية أم لا، فهو ليس الحاكم المطلق في هذا البلد كي يقوده كما يرغب بل عليه أن يتمتع بدراية الأمور والعقل الراجح كي يتمكن في ظل اتفاق الطائف من الحفاظ على عمل وانتاجية المؤسسات.

إلا أنّه بين خيار الدراية والعقل الراجح والفراغ اختار المسيحيون وتحديدًا الموارنة الفراغ وليس بإمكان البعض من قادتهم التنصل من هذا الاتهام والدليل على ذلك أنهم يساهمون إلى جانب المعطلين في منع إجراء انتخابات رئاسية تحت عناوين متعددة ولا يذهب قسم أساسي منهم إلى البرلمان من أجل تأمين النصاب والحجة الأساس أن الانتخابات في هذا الظرف لا توصل من يمثل المسيحيين بالفعل وأن الفراغ في هذه الحالة هو أفضل من إيصال رئيس دمية.

هذا الكلام هو كلام حق ولكن هل يُراد به باطل؟

الوقائع تشير إلى أن الأمر هو كذلك فما هي الضمانة أن استمر الفراغ لفترة طويلة جدا أن تأتي التسوية فيما بعد برئيس قوي كما يحلو للبعض تسميته؟وهل العماد عون بالنسبة لـ”حزب الله” هو الرئيس القوي؟ وهل النائب سليمان فرنجية هو الرئيس الضعيف؟ وماذا ستفعل القوات اللبنانية وتيار المستقبل إن استمرّ “حزب الله” في عدم الحضور إلى مجلس النواب؟هل بإمكانهما التأثير على مرشحيهما للحضور؟ وهل فعلا أن التحالف القائم بين “القوات” و”التيار” و”المستقبل” و”المردة” يخرج عن إطار قرار “حزب الله”؟

كلها أسئلة تقع الإجابة عليها بالدرجة الأولى على عاتق القادة الموارنة إذ أنهم هم من ربطوا قرارهم بشكل مباشر أو غير مباشر بقرار “حزب الله”. قرار لن يفرج عن رئاسة الجمهورية إلا بالتوقيت الذي يراه هو مناسبًا وبالمرشح المناسب أيضًا وقد يكون كما يبدو من خارج نادي المرشحين بالتبني.