IMLebanon

وزير مالية ألمانيا يريد القضاء على غسيل الأموال

German-Finance-Minister-Wolfgang-Schaeuble

أويغين تايزه

غالبا ما تبقى العدالة الألمانية عاجزة أمام أعمال تبييض الأموال. وتكشف حالة بعض المقربين من الرئيس الأوكراني السابق يانوكوفيتش كيف أنه من السهل على متاجرين في الأموال، تحيط بهم شبهات كبيرة، تكديس الثروات.

سرهيج كورتشينكو كان عمره لا يتجاوز 27 عاما عندما ارتقى إلى أكبر ثري محتكر في أوكرانيا. ففي غضون أقل من سنتين تحول الرجل المجهول إلى مالك لبنك ومصفاة بترول ومجموعة إعلامية. بل إنه تمكن أيضا من شراء ناد متألق لكرة القدم. ولقبته وسائل إعلام أوكرانية بـ”الطفل المعجزة”، وكذلك “محفظة نقود يانوكوفيتش”. ويعتقد الكثيرون أن كورتشينكو ليس سوى وكيل للزمرة المحيطة بالرئيس الأوكراني السابق لتبييض المليارات التي تدرها أعمال مشبوهة.
كورتشينكو يعيش اليوم مثل يانوكوفيتش في روسيا. أما في وطنه فتتواصل التحقيقات ضد “الثري الشاب” بتهمة اختلاس المليارات والتهرب من دفع الضرائب. وتفيد النيابة العامة أنه اكتسب أمواله الطائلة من أعمال غير شرعية بالغاز السائل بإيعاز من الرئيس، ولذا وجب على العدالة والجمارك ومؤسسة الضرائب غض الطرف عن كورتشينكو.

تحقيقات في ألمانيا

وحتى في ألمانيا تجري تحقيقات على علاقة بأعمال كورتشينكو، إذ يبدو أنه اشترى في عام 2012 بالاشتراك مع ابن رئيس الوزراء الأوكراني السابق أوليخي أزاروف شبكة من محطات بيع الغاز السائل في ألمانيا. واعتمادا على شبهة تبييض الأموال تحاول النيابة العامة منذ أكثر من سنتين إماطة اللثام عن الجهة المديرة لمحطات الغاز وشركة Sparschwein Gas. وتوصلت إلى نتيجة مثيرة.

المحققون الألمان لا يعرفون إلى حد الآن من يقف خلف الشركة الهولندية المسجلة بالخارج، التي اشترت محطات بيع الغاز. وأكد المحقق المسئول لدى النيابة العامة لـ DW أنه “لم يتم إلى حد الآن ضبط شواهد تكشف المؤسستين القائمتين خلف العملية والخاضعتين للقوانين الهولندية ولا المسئولين الاقتصاديين”. وحتى المساعدة القانونية من قبل السلطات الأوكرانية والنمساوية والهولندية وحتى السويسرية لم تنفع في شيء. وقالت النيابة العامة “نتائج ملموسة تكشف تورطا واضحا لم تتحقق إلى حد الآن”. فالتحقيقات وصلت بعد مرور عامين من الوقت إلى مرحلة الجمود.

النمسا تتعرف على شركة كورتشينكو

وتمكنت السلطات النمساوية في الوقت نفسه في صيف 2014 من التعرف على شركة سرهيج كورتشينكو. وتم تجميد ملكية الشركة في إطار العقوبات الأوروبية المفروضة على يانوكوفيتش والمقربين منه. وتبين أن سرهيج كورتشينكو إلى جانب أوليخي أزاروف ابن رئيس الوزراء السابق يملكان الشركة. وهذه الشركة تابعة للشركة المسجلة بالخارج وتخضع للقانون الهولندي وتملك أيضا Sparschwein في ألمانيا. وتشهد النمسا كذلك إجراء تحقيقات بشبهة غسيل أموال ضد مقربين من يانوكوفيتش، ويبدو أنها لم تحرز نتائج ملموسة. لكن النمساويين على الأقل نجحوا في التعرف على سلسلة من الشركات والحسابات لأوكرانيين تم تجميدها ضمن لائحة العقوبات الأوروبية.

تحقيقات بائسة في ألمانيا

يقدر خبراء أن حجم غسيل الأموال في ألمانيا يصل إلى مائة مليار يورو سنويا. وتتلقى شرطة الجنايات الألمانية بين 10.000 و 13.000 خبرية للاشتباه في السنة الواحدة. ويحتل مواطنون من أوروبا الشرقية مرتبة متوسطية في تلك القائمة. فإلى جانب مواطنين من بولندا أو رومانيا يوجد أيضا أوكرانيون. أما رجال الأعمال الروس فإنهم يديرون أكثر من 500 عملية تحويل مالية مشبوهة في السنة الواحدة. وفي أكثر من نصف مجموع تلك الحالات تتأكد في التحريات الأولى شبهة غسيل الأموال ويتم إحالتها إلى سلطات الضرائب أو جهات الشرطة المختصة. ويتحدث خبراء عن أحكام قليلة تصدر ضد “أسماك صغيرة”. ويقول أحد الخبراء لـ DW بأنه “حتى 1 في المائة من مجموع عمليات غسيل الأموال في ألمانيا لا يخضع للملاحقة القضائية أو التجميد”

غالبا ما يُقبل الوكلاء

وغالبا ما لا يتم الإبلاغ عن شبهة غسيل الأموال، ففي 60 في المائة من مجموع الحالات تتستر البنوك أو موثقو العقود، كما يلاحظ البروفيسور كاي بوسمان في دراسة أصدرها في 2015، والسبب هو الخوف من خسران الزبون.

كيف يمكن الكشف عن الوكلاء؟

غالبا ما تؤدي التحقيقات في شبهات غسيل الأموال إلى ضبط وكلاء دون التعرف على أصحاب الملكية الحقيقيين الذين يلجئون إلى تسجيل شركاتهم بالخارج أو في إطار شركات مجهولة الاسم، وبالتالي فإن الخبراء يطالبون منذ مدة بإقامة سجل لأصحاب الملكية الاقتصادية. وذلك سيمكن السلطات أو حتى صحفيين من التعرف بسهولة على من يقف خلف كل شركة. ويجب على ألمانيا حتى عام 2017 إنشاء هذا النوع من السجلات لتنفيذ قانون صادر عن الاتحاد الأوروبي. “فإلى جانب ذلك السجل حول الملكية الاقتصادية الحقيقية يتم تنظيم تبادل المعلومات التلقائي بين إدارات الضرائب. وإذا أنجزت الحكومة هذه المهمة، فإننا سنكون قد قطعنا شوطا كبيرا”، كما يقول كاسبار فون هاونشيلد من مؤسسة الشفافية الدولية. وبعد فضيحة “وثائق بنما” الأخيرة التي كشفت عن امتلاك شخصيات سياسية واقتصادية من مختلف دول العالم لأموال مكدسة في سرية، يطالب وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله إلى جانب السجل الوطني باعتماد سجل أوروبي يمكن المحققين الألمان من التعرف بسرعة على البيانات الضرورية عوض البحث عنها لسنوات بدون نتيجة.