IMLebanon

تطبيقات حجب الاعلانات تؤرّق سوق الاعلان الالكتروني

adblock

حسن يحي

لا مهرب أمام أي متصفح لشبكة الانترنت من مشاهدة الاعلانات الالكترونية، خصوصاً وأن الشركات أصبحت تعتمد على هذا النوع من الاعلانات بصورة رئيسية عوضاً عن الاعلانات المطبوعة.
ومع تطور شبكة الانترنت، تطورت معها طرق الاعلانات والترويج للمنتجات. فاذا أخذنا “يوتيوب” مثالاً، نجد أن مشاهدة الاعلانات أمر لا مفر منه تقريباً عند مشاهدة أي فيديو. حال “يوتيوب” يلخص حال معظم المواقع الالكترونية التي تعتمد على اعلانات “غوغل” أو الاعلانات الخاصة في تحقيق أرباحها وايصال منتجاتها الى المستهلك.
ومع تعاظم هذه الصناعة في السنوات الأخيرة، أصبحت التجربة الاعلانية تُشكل مصدر ازعاج للمستخدم خصوصاً مع كثرتها واعتماد بعضها على اجبار المستخدم على المشاهدة من دون ترك خيار له. وأظهر استبيان أعدته شركة “أدوبي” على 28 ألف مستخدم نشط من 28 دولة حول العالم، أن 80 في المئة من المستخدمين منزعجون من الاعلانات الالكترونية، وأنهم مستعدون لدفع “مساهمة بسيطة” للتخلص من هذه الاعلانات.
ولهذه الغاية، بدأت بعض التطبيقات التي تحظر الاعلانات بالرواج في اوساط المستخدمين الالكترونيين، وخصوصاً أنها تقدم لهم تصفحاً خالياً من أي اعلانات.
ولم تتنبه شركات الاعلانات سريعاً إلى خطورة هذه التطبيقات وتأثيرها على هذه الصناعة، ما أدى الى خسارتها بلايين الدولارات في السنوات الثلاث الماضية. ووصل عدد مستخدمي التطبيقات الحاجبة للاعلانات إلى 198 مليون مستخدم نشط حول العالم. وتقدر الدراسات أن استعمال هذه التطبيقات ارتفع بنسبة 41 في المئة حول العالم في السنة الماضية فقط. ما يؤشر إلى تذمر واضح من الاعلانات الالكترونية وخصوصاً الاعلانات الذكية، أي التي تراقب معلومات المستخدم الخاصة وطريقة تصفحه الانترنت لتصميم الاعلان المناسب له.
هذا التطور في التطبيقات سبب خسارة لقطاع الاعلانات الالكترونية قُدر بـ 22 بليون دولار في العام 2015 وحده، وتقدر الدراسات بأن خسارة الناشرين جراء استعمال هذه التطبيقات ستصل إلى 41.4 بليون دولار مع نهاية العام 2016. وستستأثر الولايات المتحدة بالنسبة الأكبر من هذه الخسارة خصوصاً مع الاستخدام المكثف لهذه التطبيقات فيها. وسجلت الخسارة الاعلانية في العام 2014 في الولايات المتحدة حصراً 5.8 بليون دولار أميركي، لترتفع في 2015 الى 10.7 بليون دولار مع توقعات بوصولها الى 20.3 بليون دولار نهاية العام الجاري.

أبرز الخاسرين:
أظهرت الدراسة التي أعدتها شركة “ادوبي” أن قطاع الألعاب كان المتضرر الأبرز جراء استخدام هذه التطبيقات، اذ استخدم 26.5 في المئة من متصفحي مواقع الألعاب تطبيقات تحجب الاعلانات، لتحتل مواقع التواصل الاجتماعي المركز الثاني بنسبة وصلت الى 19.1 في المئة. واستخدم متصفحو مواقع التربية والتعليم والتكنولوجيا والرياضة نسبة 15.5 في المئة لكل فئة كمعدل وسطي، لتسجل المواقع الحكومية والمنظمات الحكومية أدنى نسبة لاستعمال هذه التطبيقات بنسبة وصلت الى 2.5 في المئة من عدد المتصفحين الاجمالي.
كيف حاربت الشركات هذه التطبيقات:
وتنبهت شركة “غوغل” التي تصل ارباحها السنوية من الاعلانات الى 60 بليون دولار أميركي، إلى خطورة هذه التطبيقات. وأفاد تقرير أعدته صحيفة “فاينانشيال تايمز” الاميركية، أن أهم الشركات الرائدة التي تعتمد على الاعلانات الالكترونية كـ”غوغل” و”امازون” و”مايكروسوفت” دفعت للشركة الالمانية التي انتجت أحد أكثر تطبيقات حجب الاعلانات رواجاً، “أد بلوكر بلاس” لعدم ادراج اعلاناتها ضمن “اللائحة السوداء” مما يؤدي الى السماح لهذه الاعلانات بالظهور.
واستعملت شركات اخرى طرقاً أكثر “دموية” في التعامل مع هذه التطبيقات في محاولة لمنع استعمالها، اذ وصل بعض المواقع الى منع المستخدمين من الدخول الى مواقعها في حال استعمالهم لأحد هذه التطبيقات. وتعتبر مجلة “فوربز” الاميركية مثالاً حياً عما سبق، اذ لا يمكن الدخول الى موقعها الالكتروني في حال ثبت اعتماد المستخدم تطبيقاً يحجب الاعلانات على متصفحه. أما شبكة “وايرد” العالمية، فعمدت الى استخدام طريقة أكثر “واقعية”، اذ اعلنت مؤخراً عن اطلاق خدماتها من دون اعلانات مقابل دولار واحد شهرياً.
وعلى رغم أن عدد مستخدمي هذه التطبيقات الاجمالي لا يتعدى 6 في المئة من مجمل مستخدمي شبكة الانترنت، الا أن الضرر الذي أحدثته شكل عامل ضغط على الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال الأمر الذي دفعها الى محاربته أو الالتفاف عليه بطريقة أو باخرى. ولكن المتضرر الأكبر من هذه التطبيقات هو المواقع الالكترونية الصغيرة والمتوسطة، اذ تفتقر هذه المواقع الى الخدمات والمعرفة التكنولوجية اللازمة لمنع هذه التطبيقات الأمر الذي يؤدي الى خسارتها سوق الاعلانات الذي يعد مصدر أرباحها الأهم.