IMLebanon

الانتخابات البلدية “الملعب الخلفي” للرئاسية

baabda

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لا شيء يعلو فوق صوت الانتخابات البلدية في لبنان التي تنطلق جولتها الاولى الأحد من بيروت والبقاع على ان تُستكمل تباعاً في 15 و 22 و 29 الجاري في المحافظات الأخرى.

وفيما بدأت الاستعدادات اللوجستية والأمنية لإنجاح اليوم الانتخابي الطويل في العاصمة والبقاع، بدا واضحاً ان هذا المسار الديموقراطي المستعاد يُعتبر بمثابة “الخرطوشة الأخيرة” لإنقاذ النظام اللبناني من حال “الموت السريري” التي دخلها تحت وطأة “إعصار النار” في المنطقة، مع فشله مرتين منذ العام 2013 في إجراء انتخابات نيابية، وصولاً الى عجزه لـ 38 مرة متتالية منذ ابريل 2014 عن انتخاب رئيس للجمهورية التي ما زالت “مقطوعة الرأس”، وهو ما استجرّ تعقيدات دستورية حوّلت مجلس النواب عملياً “عاطلاً عن العمل” فيما الحكومة تصارع لتمرير الحدّ الأدنى من قرارات الضرورة.

وعلى مشارف 3 أيام من فتْح صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية، صار جلياً ان هذا الاستحقاق بات بمثابة “الملعب الخلفي” للانتخابات الرئاسية، في ظل إشاراتٍ لم تعد مخفية الى ان نتائج “البلديات” سيتمّ إسقاطها على لعبة الأحجام الداخلية التي تتحكّم بجانب ضيّق من “رئاسية لبنان” التي أصبح “القفل والمفتاح” فيها متّصلاً بالصراع الاقليمي الكبير في المنطقة.

وعلى وقع تَراجُع الاهتمام بالملفات الداخلية على اختلافها، بما في ذلك الجلسة التي عقدتها الحكومة عصر امس كما بـ “تدليك” المساعي للتفاهم المستحيل في هذه المرحلة على قانونٍ للانتخابات النيابية، ترسم أوساط سياسية مطلعة صورة لا تخلو من التعقيد في معرض اضاءتها على الحسابات المتصلة بالجولة الاولى من الانتخابات البلدية التي تكاد ان تختصرها معركتا بيروت وزحلة (البقاع) اللتين يتم التعاطي معهما من منظار بالغ الأهمية.

ذلك انه في العاصمة، يخوض الرئيس سعد الحريري معركة مزدوجة، اولاً لإثبات ان “تيار المستقبل” ما زال القوة الأكبر شعبياً، وثانياً لتثبيت عُرف المناصفة المسيحية – الاسلامية في المجلس البلدي الذي يتألف من 24 عضواً. واذا كان الهدف الأوّل من شأنه تكريس زعامة الحريري وحسم عدم اهتزازها رغم الصعوبات التي واجهها في الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد، فإن الأوساط السياسية ترى ان النجاح في استيلاد بلدية “نص نص” طائفياً سيساعد على مستوييْن: اولاً في ترجمة رؤية زعيم “المستقبل” للبنان التعايش في زمن التطرّف المجنون الذي تفجّر في المنطقة وتتطاير شظاياه في اوروبا. وثانياً في توجيه رسالة بأن الخيار الرئاسي للحريري الذي يقوم على تأييد ترشيح النائب سليمان فرنجية لا خلفيات له تتّصل بضرب الشراكة المسيحية – الاسلامية.

وفي جانب موازٍ لمعركة بيروت، فإن الوصول الى الأحد بلائحة ائتلافية تضمّ الأحزاب الرئيسية ومعها “التيار الوطني الحر” سيشكّل أوّل إشارة عمليّة الى ان تَفاهُم “القوات اللبنانية” و”التيار الحر” بدأ يعطي ثماره لجهة الربط وإن غير المباشر بين الفريق العوني و”المستقبل” عبر “الجسر” الذي توفّره “القوات” من خلال تحالفها الذي استعاد زخمه مع تيار الحريري حيث يدعم الدكتور سمير جعجع العماد ميشال عون للرئاسة.

على ان مستوى آخر من المواجهة في بيروت التي تتنافس فيها لائحتان مكتملتان (“البيارتة” اي ائتلاف الاحزاب و”بيروت مدينتي” المؤلفة من نخب ثقافية وفنية وعلمية) ولائحتان غير مكتملتين، يتصل بمدى قدرة “القوات” و”التيار” على ترجمة تحالفهما الرئاسي في العاصمة وسط تعقيدات تتصل بالانتخابات الاختيارية التي أراد عبرها عون تعويض حضوره في المجلس البلدي الذي يقتصر على مرشحيْن، وهو ما يصطدم بالتنوع السياسي والعائلي في العاصمة.

وفي هذا السياق، شخصت الأنظار أمس الى القرار الذي سيتخذه “التيار الحر” في ما خص مشاركته في لائحة “البيارتة” بعدما أحدث ربْط نزاع بين الانتخابات البلدية والاختيارية محاولاً رفع سقف حصته ولا سيما في مخاتير الاشرفية على وقع شهره “سيف” الانسحاب، وهو ما استدعى اتصالات ماراثونية تفادياً لحصول شروخ يمكن ان تفتح الباب امام اختراق اللائحة الائتلافية وكسْر المناصفة فيها.

اما في البقاع، فتكاد منطقة زحلة تختصر كل المشهد الانتخابي، في ظل مخاوف من ان يفضي تكتل الأحزاب المسيحية الوازنة (القوات والتيار الحر والكتائب) في لائحة مقابل واحدة مدعومة من ارملة النائب السابق الياس سكاف السيدة ميرنا وثالثة يؤيدها النائب نقولا فتوش الى تلقي لائحة الأحزاب خسارة يتم استثمارها، من أكثر من طرف داخلي وخارجي، لضرب شعار 80 في المئة وأكثر من المسيحيين الذين يمثلّهم “التيار الحر” و”القوات” والذي يستظلّه عون في تمسُّكه بالرئاسة. علماً ان بعض المصادر يشير الى امكان ان تشكّل كتلة الأصوات الشيعية والسنية المقدّرة بما بين 5 آلاف الى 6 آلاف صوت القوة المرجّحة التي يمكن ان تفضي الى فوز اللائحة المدعومة من سكاف، الا اذا كان لقاء الحريري – جعجع قبل أيام وفّر ضمانة لتصويت السنّة لمصلحة لائحة الأحزاب المسيحية.