IMLebanon

وجهات جديدة وتخفيض للأسعار .. المعركة الجديدة لشركات الطيران العالمية

turkish-airlines
جون جابر

تعهدت شركات الطيران في أوروبا بخفض التكاليف وبتقليص تدريجي لوجهاتها ورحلاتها الممتدة في عموم القارة مع تلاشي زيادة أرباحها بسبب انخفاض أسعار النفط. شركة لوفتهانزا نقلت الأسبوع الماضي إلى مجموعة الخطوط الجوية الدولية، التي تملك شركة الخطوط الجوية البريطانية وايبيريا، وعدها بالحد من قدراتها الإنتاجية.

في حال صدَّقْنا أن هذه الشركات – وشركات الطيران الأمريكية التي تجني أعلى الأرباح في العالم – يمكن أن تغير طرقها وتتأكد من أن الصناعة تتصرف بطريقة أكثر انضباطا من ذي قبل؟ لنقل ذلك بعبارة أخرى: التاريخ ليس في مصلحتها.

حققت صناعة الطيران العالمية عملا فذا ملحوظا في العامين الماضيين. للمرة الأولى منذ تحرير أنظمة الطيران الأمريكية في عام 1978، وجنت أرباحا عالية بما فيه الكفاية ليكون من المفيد استثمارها. تعافيها من صدمتين مزدوجتين تتمثلان في الهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 والأزمة المالية في عام 2008 أدى إلى شيء غير مألوف – أرباح قوية.

أنت لن تعرف ذلك من رد فعل المساهمين: تراجعت أسعار أسهم شركات الطيران الأمريكية في عام 2016، على الرغم من أن هذا العام من المرجح أن يكون العام الأكثر مكافأة على الإطلاق بالنسبة إليها. مثل أمتعة الطيران، ما يسافر على أمل ربما لا يصل. المساهمون لن يصدقوا أن الشركات ستقاوم الغريزة القديمة لديها لإعادة توزيع كافة الأرباح على زبائنها من خلال إضافة رحلات جديدة وتخفيض الأسعار.

باعتباري واحدا من هؤلاء الزبائن، أرحب بذلك. ربما لا يكون السفر جوا تجربة ممتعة، لكنه أصبح رخيصا بشكل ملحوظ، ومرنا. وجدت في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، رحلة العودة من مطار مدينة لندن إلى روتردام – وكلاهما من المطارات الثانوية – على متن إحدى طائرات سيتي جت، شركة الطيران الإيرلندية، بقيمة 140 جنيها بما في ذلك الضرائب. من شأن ذلك أن يكون غريبا في الماضي، لكنه شائع الآن.

مثال آخر: عند حجز عطلة في تركيا “الأسعار مقبولة في أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة في إسطنبول وأنقرة”، رأيت أن شركة إيزي جيت تسمح لي باختيار الهبوط في ثلاثة مطارات مختلفة في جنوب تركيا. في بعض الأحيان، يبدو الأمر وكأن شركات الطيران منخفضة التكلفة مثل إيزي جيت وريان إير تعلمت الدروس من “ستاربكس”، حيث إنها تجعل وجهات السفر قريبة من بعضها إلى حد كبير مثل المقاهي.

ويمكنها أن تفعل ذلك بشكل مربح لأن تكاليفها منخفضة، ولكن النمو الحثيث في قدرة الطيران في العقود القليلة الماضية يصعب الأمر على منافسين مثل شركة إير فرانس كيه إل إم. ارتفع عدد الرحلات الجوية المباشرة التي من قبيل خط لندن – روتردام من ستة آلاف على مستوى العالم في عام 1980 إلى 17 ألفا هذا العام. توسع السفر الجوي للركاب عشرة أضعاف خلال 40 عاما في الوقت الذي يسافر فيه مزيد من الناس عبر الطائرات في كثير من الأحيان.

هذا الخلل المستمر بين العرض والطلب – المتفاقم بسبب حقيقة أن الداخلين الجدد يغلب عليهم إضافة الرحلات حتى عندما تحاول شركات النقل القديمة تخفيض النفقات – حوَّل شركات الطيران إلى ما سماه وارن بوفيت ذات مرة “فخ الموت للمساهمين”. رئيس شركة بيركشاير هاثاواي طبعا يدرك ذلك، بعد أن استثمر ما قيمته 358 مليون دولار في شركة يو إس إير “التي هي الآن جزء من شركة أمريكان إيرلاينز” في عام 1989 وتحسر على ما اقترفه من خطأ منذ ذلك الحين.

تصويب الأوضاع في أكبر ثلاث شركات طيران موجودة من قبل – أمريكان، ودلتا ويونايتد – مع خطوط ساوث ويست ذات التكلفة المنخفضة، يصبح العدد أربعة، أنعش الربحية الأمريكية. “انضباط القدرة الإنتاجية”، وهو المصطلح الذي تستخدمه الصناعة الأمريكية للدلالة على عدم التصرف بتساهل كالمعتاد، ساعد شركات الطيران العالمية على تحقيق عائد كبير على رأس المال في العام الماضي. وحتى مع ذلك، بوفيت محق في تفضيله السكك الحديدية على شركات الطيران الأمريكية من حيث الاستثمار فيها. عن طريق الصدفة، كان هناك تطابق بين شركتي دلتا وBNS، وشركة السكك الحديدية المملوكة من قبل شركة بيركشاير، بخصوص اثنين من المقاييس العام الماضي. كلتاهما تمتلك حصة نسبتها 17 في المائة في الصناعات التي تنتمي لها؛ وكلتاهما حققت أرباحا تشغيلية تبلغ نحو 7.8 مليار دولار.

التشابه ينتهي هناك. حتى في سنة استثنائية، كان هامش التشغيل في دلتا 19 في المائة مقارنة بـ BNSF البالغ 35 في المائة في السنة العادية “تطلب من شركة دلتا 41 مليار دولار من العائدات لتحقيق هذه الأرباح التشغيلية في حين إنه تطلب من BNSF فقط 22 مليار دولار”. BNSF التي تدير 32500 ميل من القضبان الحديدية، هي أيضا محمية بشكل أفضل بكثير من المنافسة – لأنه لا أحد سيبني مجموعة مطابقة من الخطوط الحديدية.

من الناحية النظرية، يجب على شركات الطيران ألا تخاطر بالتضحية بالأرباح التي جنتها بشق الأنفس عن طريق الإضافة إلى القدرة عند ذروة الدورة والعودة إلى إضاعة رأس المال. الشركات التي مثل مجموعة الطيران الدولية ولوفتهانزا تحاول تجنب ذلك من خلال تقديم تخفيضات على الوجهات هذا الأسبوع، على الرغم من أن سعر سهم شركة لوفتهانزا انخفض بعد نتائج الربع الأول من العام.

هناك عديد من العقبات لما يمكن أن يكون بمثابة شعور عام في الصناعات الأخرى. أحدها هو رد الفعل العنيف من الأجهزة المنظمة. وزارة العدل الأمريكية كادت أن تمنع اندماج الخطوط الجوية الأمريكية وأمريكان في عام 2013 بسبب المخاوف من خفض محتمل في المنافسة. وفي العام الماضي، أطلقت تحقيقا في احتمال التواطؤ بعد أن تحدث الرئيسان التنفيذيان علنا عن “انضباط القدرة الإنتاجية”.

وحتى لو لم تكن الأجهزة التنظيمية مصممة على استخدام قوتها للضغط على الربحية، فإن الخطوط الجوية على الأرجح ستفعل ذلك بنفسها. إن الاقتران بين التكاليف الثابتة العالية وبين أسعار التذاكر الرخيصة يجعل من الصعب التخلص من القدرة الإنتاجية – لاحظ أن إبقاء طائرة ما على أرض المطار يمكن أن يكون في نهاية المطاف مكلفا أكثر من ملء الطائرة بأشخاص يدفعون أسعارا رخيصة على التذاكر. وكما اكتشفت شركة إير فرانس من الطيارين المستائين، من الصعب على شركات الطيران العريقة تخفيض أجور العاملين لديها.

بعبارة أخرى، الصناعة التي كانت تدار لعقود مثل شركة منافع عامة يتم تمويلها من القطاع الخاص، وحيث عوائد المساهمين تتعرض للتقلص، وحيث الزبائن يحصدون العوائد، فإنها على الأرجح ستواصل هذا المسار. مع تمنياتي بالسفر السعيد للجميع.