IMLebanon

“تمديد” منع الإستيراد من سوريا .. الحل في الإدارة وليس الحدود

AgricultureExport
خضر حسان

تحتاج الزراعة في لبنان إلى أكثر من قرار يُتخذ على مستوى وزارة واحدة، أو في موسم واحد. فعملية حماية الإنتاج المحلي تتطلّب سلّة من الخطوات يتكامل ضمنها عمل الوزارات، لا بل عمل مجلس الوزراء مجتمعاً. فالخطوة التي أعلنها وزير الزراعة أكرم شهيب في النصف الثاني من شهر نيسان/ أبريل الماضي، المتعلقة بتوجيه كتاب إلى الجمارك اللبنانية يطلب منها “وقف إستيراد الخضار والفاكهة من منشأ سوري بشكل كامل حتى نهاية شهر نيسان/ أبريل، على أن يُعاد الإستيراد بعد هذا التاريخ بموجب إجازة مسبقة وذلك حماية للانتاج المحلي”، لا تصلح حتى لأن تكون خطوة أولى في اتجاه حماية الإنتاج المحلي، لأن “أهل البيت” أوْلَى بالخطاب. أي أنه كان على الوزير أن يتوجه إلى نظرائه لإيجاد خطة ملموسة وفعلية تستند إلى قوة قانونية، سواء بمرسوم أو بقانون. فالقرارات الموسمية على هذه الشاكلة لا تقدم ولا تؤخر.

إنتهت صلاحية قرار شهيب مع إنتهاء شهر نيسان/ أبريل، أما النتائج المحققة على درب حماية الزراعة المحلية ومنع التهريب، فهي سلبية، لأن التهريب مستمر، بل وتضاعف خلال السنوات الخمس الماضية مع إشتعال الأزمة السورية. ورغم غياب الأرقام في هذا الاطار، إلا أنه يمكن ملاحظة لجوء عدد من التجّار “الشرعيين” إلى تهريب جزء من البضائع، نظراً إلى كون التهريب يؤمن للتاجر أرباحاً أكبر، وطبعاً، الرقابة غائبة، مع كثير من “الواسطة” والرشى، وهذا ما تسجله شكاوى المواطنين من كثرة البضائع السورية التي ارتفع منسوب وجودها في السوق اللبنانية عمّا كانت عليه قبلاً، أو ما تسجله “سعادة” بعضهم، بإنخفاض أسعار البضائع السورية مقارنة بالبضائع اللبنانية.
لكن إنتهاء صلاحية القرار، حذا بالمزارعين إلى الطلب من شهيب تمديد فترة القرار حتى نهاية شهر أيار الحالي، مع “إمكانية التمديد مرة أخرى، إذا كان هناك حاجة إلى ذلك، أما إذا “ارتاحت” السوق، وبات بالإمكان الإستيراد، فسنتوجه إلى سوريا للإستيراد منها”، وذلك وفق ما يقوله لـ”المدن” رئيس اتحاد المزارعين في البقاع إبرهيم الترشيشي، الذي يشير إلى أن الإصرار على تنفيذ هكذا قرار يتضاعف في ظل بلوغ الإنتاج الزراعي اللبناني “ذروته” في هذا الوقت من السنة، وبالتالي “لا تحتاج السوق اللبنانية إلى استيراد الأصناف الزراعية من سوريا، لأن ما تنتجه سوريا ينتجه لبنان بكميات تفيض عن حاجته. فالمطلوب دعم التصدير وليس الاستيراد”.

أما شهيب، فقد أبلغ إلى المزارعين الذين زاروه الإثنين “استعداد وزارة الزراعة لإتخاذ الإجراءات الضامنة لحسن تصريف الإنتاج الزراعي اللبناني وفق الإتفاقات الإقليمية والدولية”.

خطوة شهيب التي تلاقي صدى إيجابياً في صفوف المزارعين، حتى الذين يؤمنون بأن واقع الزراعة لا يُصلحه إلا قرار على مستوى الدولة، تصطدم بواقع لا يمكن تجاهله، وهو قانوني- إداري، يتمثل بعدم “قانونية” إصدار وزير الزراعة قرار يخاطب فيه الجمارك التي تتبع لوزارة المال كسلطة وصاية عليها، أي أن المال هي من يصدر قرارات للجمارك وليس الزراعة، وبالتالي فإن مخاطبة شهيب للجمارك، ليس لها وزن قانوني. لكن الترشيشي يشير إلى أن شهيب أصدر قراره “لمكاتب الحجز وليس للجمارك بصورة مباشرة”، لكن في الممارسة العملية، فإن الجمارك مسؤولة عن توقيف أي شحنة أو سلعة لا تحمل شهادة صحية صادرة عن مكاتب الحجز، وبهذه الصورة يكون التواصل بين وزارة الزراعة والجمارك ذا قيمة، لأنه يأتي عن طريق المكاتب التي تخضع لوزارة الزراعة. ويوجه الترشيشي نداءً إلى الجمارك “بالتشدد في مراقبة وضبط الشاحنات، والتأكد من البضائع التي تحملها، ومصادرة كل منتج ليس لبنانياً”.

وبين القنوات القانونية والممارسة الفعلية، لا يمكن التعويل على القرارات الفردية، حتى وإن سلكت المنحى القانوني في وزارات الوصاية، لأن القطاع الزراعي يتضرر من إتفاقية التيسير العربية ومن الإتفاقيات الدولية ومن عدم معاملة لبنان للإنتاج الأجنبي بالمثل، كما يعامَل الإنتاج اللبناني في الخارج. فمعالجة “الإستقواء” على المنتج اللبناني عبر دعمه وإكسابه قدرة تنافسية، وتحرير المنتج اللبناني من قيود الإتفاقيات، يحمي السوق والمنتج والمستهلك اللبناني في ظل إستحالة منع التهريب. فمن السذاجة في ظل الوضع السياسي والأمني القائم بين لبنان وسوريا، القول بمحاربة التهريب، وهو ما كان مستحيلاً حتى في ظل وجود الإستقرار الأمني، لأن الخلل كان – وما زال- يبدأ من الإدارة قبل الحدود.