IMLebanon

من يفرط رابطة موظفي الإدارة العامة؟

lepal
يشكك بعض موظفي الإدارة العامة بأن يكون 15 تموز موعداً نهائياً لانتخاب الهيئة الإدارية لرابطتهم. بالنسبة إلى هؤلاء، فإن مبررات التأجيل واهية منذ البداية ولم يتغيّر شيء اليوم. ما يعيق إجراء الانتخابات هو مطلب ممثلي الموظفين في وزارة المال، الذين يريدون حصة كبيرة من الهيئة الإدارية، في حين أن أطرافاً أخرى تصرّ على تمثيل أكبر عدد من الوزارات

فاتن الحاج

أكثر من عام مرّ على تمديد ولاية الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة. التأجيل المتكرر لأول انتخابات فعلية للهيئة أفقد جزءاً من قاعدتها الثقة بها، وذلك في أعقاب نقلة نوعية خطاها هؤلاء الموظفون بمشاركتهم في حراك سلسلة الرتب والرواتب.

يومها، كسر الموظفون، لبعض الوقت، رهان المسؤولين في الحكومة والقوى السياسية على عدم مشاركتهم في الإضرابات والاعتصامات والتظاهرات التي نظمتها هيئة التنسيق النقابية، بالنظر إلى العقوبات المسلكية والإدارية والأغلال القانونية التي تقيدهم، ولا سيما المادة 15 من قانون الموظفين التي تمنعهم من الإضراب والاعتصام. الموظفون اختبروا العمل النقابي على الأرض وإن بدرجات متفاوتة بين الوزارات. في ذلك الوقت، وجدوا في التحرك فرصة لتحسين رواتبهم التي تدنت بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، وإن لم يكونوا مقتنعين بما اصطلح على تسميته فوارق تاريخية بين القطاعات الوظيفية المكوّنة لهيئة التنسيق، على خلفية أن «التمييز ضدنا بني على قواعد غير علمية». اليوم، يشعر بعض الموظفين بأن هناك سبباً داخلياً سيفرط الرابطة، لا يقل أهمية، برأيهم، عن الاحتواء الحزبي للقرار النقابي. هم ليسوا مقتنعين بالمبررات التي قدمتها الهيئة الإدارية الحالية لتأجيل الانتخابات طوال أكثر من عام، ويشككون في أن موعد 15 تموز المقبل، وهو آخر تاريخ حددته الهيئة لإجراء الاستحقاق، سيكون موعداً نهائياً.
يقول عضو مجلس المندوبين ورئيس دائرة التعليم الرسمي في وزارة التربية هادي زلزلي إنّ «التواصل بين الموظفين والهيئة الإدارية مقطوع منذ أكثر من عام، لدرجة أننا نفاجأ بالقرارات في وسائل الإعلام، بل إن من أصبح يقرر في الآونة الأخيرة أعضاء في الهيئة لم نلمح وجوههم طوال الفترة السابقة ولم يشاركوا في أي من التحركات ومنهم من خرج إلى التقاعد». لم يُعقد، بحسب زلزلي، اجتماع واحد للمندوبين يقارب الانتخابات ويناقش المسائل الخلافية قبل انتهاء ولاية الهيئة الإدارية، علماً بأن الأعضاء الحاليين اختيروا في عام 2012 على أساس النظام الداخلي نفسه، وكان هناك أكثر من ممثل لوزارة واحدة. ويستغرب زلزلي الكلام على أن «حراك هيئة التنسيق كان يعيق المسألة التنظيمية، في وقت كان يجب ألا نغفل فيه هذه الناحية بالذات لكونها جزءاً أساسياً من المعركة النقابية، وخصوصاً بالنسبة إلى رابطة طرية العود كرابطتنا». لا يحمّل زلزلي «مسؤولية ضعف التواصل بين القيادة والقاعدة للهيئة الإدارية وحدها، بل إن الجميع مسؤولون عن ذلك، وإن كانت الهيئة قد أخطأت في التمديد لنفسها وأوقعتنا في التباس: هل لديها صفة؟ هل يحق لها تنظيم الانتخابات؟». مع ذلك، يسجل زلزلي للرابطة إنجاز تنسيب جميع الموظفين من كل الفئات، بعدما كانت رابطة متخرجي ومتدربي المعهد الوطني للإدارة التي تأسست في عام 1993 حكراً على موظفي الفئة الثانية.

في الواقع، لم يخرج الصوت الاعتراضي على التمديد إلا من موظفي وزارة المال وقلّة من الموظفين في الوزارات الأخرى، فالضغط لم يرتق إلى مستوى المواجهة باتجاه تفعيل عمل الرابطة كأداة نقابية تمثل الموظفين وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم، استناداً إلى تجربتها في حراك هيئة التنسيق. الخلاف نشب تحديداً بين موظفي وزارة المال وبعض أعضاء الهيئة الإدارية على تمثيل الوزارات. وقد قدم كلا الطرفين تفسيراً مختلفاً للنص القانوني، ولا سيما للمادة 4 من النظام الداخلي، المتعلقة بمقاعد الهيئة الإدارية (9 مقاعد للإدارات العامة المركزية، 4 مقاعد للمحافظات، مقعدان لأجهزة الرقابة ومقعد واحد للسلك الفني في الإدارات العامة (مهندس، طبيب، صيدلي، فني). بالنسبة إلى موظفي وزارة المال، لا تحتمل هذه المادة أي اجتهاد، إذ يمكن للوزارة الواحدة أن تتمثل بأكثر من مقعد في الهيئة الإدارية، وبناءً عليه فقد تمسكوا بأن يتمثلوا وحدهم بـ 3 مقاعد في بيروت وبمقعدين في كل من البقاع وجبل لبنان على الأقل، علماً بأن هناك 23 وزارة. حجة هؤلاء أن وزارتهم تضم أكثر من نصف المنتسبين للرابطة (530 موظفاً من أصل 1000 منتسب). في المقابل، تمسكت الهيئة الإدارية برئاسة محمود حيدر بأن يُمثل المندوبون التسعة تسع وزارات، وإذا لم يترشح العدد المطلوب لإشغال أي مقعد من هذه المقاعد، يعتبر فائزاً عن المقعد الشاغر، المرشح الذي ينال أكبر عدد من الأصوات بعد الأعضاء الذين فازوا، مهما كانت الإدارة التي ينتمي إليها، بحسب ما تنص المادة 4 نفسها. وقال حيدر إننا «حسمنا مسألة التمثيل داخل الهيئة الإدارية وسنعتمدها في انتخابات 15 تموز، بعدما أتانا الجواب من وزارة الداخلية بأنها ليست المرجعية الصالحة لتفسير النصوص القانونية». وأكد حيدر أن لا تراجع عن هذا الموعد «حيث سنستكمل تنسيب الموظفين، فيما تجرى التحضيرات على قدم وساق». وفي السياق، قالت مصادر في الهيئة الإدارية تؤيد هذا الطرح إن «من لديه اعتراض على قرارنا، فليذهب إلى مجلس شورى الدولة». ويحذر هذا الفريق من استمرار انقضاض تحالف أحزاب السلطة السياسية على القرار النقابي وأن يصيب رابطة موظفي الإدارة العامة ما أصاب رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي.
الموظف في وزارة الصناعة ذيب هاشم لا يوافق على التفسير القانوني الذي يقدمه هذا الفريق على قاعدة: «لا اجتهاد بوجود النص»، مشيراً إلى أن «النص واضح، وما حصل كان هروباً من الانتخابات، وفي حال كانت هناك ملاحظات جدية وهناك حاجة فعلية للتعديل، فذلك يمكن أن يحصل بعد الانتخابات، فالرابطة منتهية الصلاحية، ولا يحق لها أن تدعو إلى جمعيات عمومية، فيما صحة التعديل تشترط موافقة الهيئة العامة، بحسب المادة 13 من النظام الأساسي». ويقول: «كان يجب إجراء الانتخابات في موعدها لتجديد ثقة القواعد بقيادتهم النقابية ومن ثم تشكل لجنة لتعديل النظام الداخلي وتتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة ربما». ويرى أنّ «هناك احتمالاً قوياً للتأجيل، طالما أن الخلاف لم يحسم». أما وليد الشعار، ممثل موظفي وزارة المال في الرابطة، فقد لوّح بخطوة تصعيدية لم يفصح عن تفاصيلها، قبل هذا التاريخ، بهدف قطع الطريق على أي تأجيل إضافي. هي المرة السابعة التي ترجأ فيها الانتخابات.
ويلفت إلى أن «لدينا شكوكاً بأن يكون هذا التأجيل هو الأخير»، سائلاً: «لماذا تموز ما دام تحضير اللوائح الاسمية لا يحتاج إلى أكثر من يومين؟». وكان الشعار قد عكف في وقت سابق على تأليف لائحة منافسة للائحة حيدر، عازياً سبب التأجيل إلى «تراجع حظوظ اللائحة الثانية، بما أن معظم الذين سددوا الاشتراكات يدعمون لائحتي (300 منتسب) وهؤلاء أثبتوا حضورهم في التحركات ويجب إعطاؤهم الفرصة لممارسة دورهم النقابي».