IMLebanon

الكهرباء: التقنين مستمر .. رغم زيادة الإنتاج

electricite-lampe

عزة الحاج حسن

شُطب موضوع تأمين الكهرباء بنسبة 24/24 من بين أحلام اللبنانيين، ويبدو أنه سقط من حسابات وزارة الطاقة، إذ باتت الأحلام والمشاريع تدور حول خفض ساعات التقنين وليس رفع التغذية الكهربائية.

قد يظن البعض أن لخفض ساعات التقنين أو رفع التغذية الكهربائية، النتيجة ذاتها، لكن المشكلة أصبحت في تعميم ثقافة التقنين وتأقلم اللبنانيين معها، إذ إن “سعي” وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان إلى خفض ساعات التقنين، يشير إلى اعتبار التقنين بحد ذاته أمراً بديهياً ويبقى البحث في عدد الساعات التي من المفروض أن تُحرم فيها المناطق اللبنانية من التغذية الكهربائية. من هنا يصبح موضوع تأمين الكهرباء بنسبة 24/24 أمراً غير وارد على المدى المتوسط وربما على المدى البعيد أيضاً.

فأزمة الكهرباء ليست وليدة الساعة، بل تعود إلى عشرات السنين، وتتأرجح بين سوء الإدارة وانعدام التخطيط وغياب القرارات واهتراء المعامل، ناهيك بالهدر والفساد في إبرام العقود والمناقصات. ويمكن اختصار واقع الكهرباء ببعض الأرقام التي تؤكد “سقوط حلم التغذية 24/24”.

تفوق حاجة لبنان الفعلية من الكهرباء 3000 ميغاواط، في حين يقارب حجم الإنتاج من المعامل كلها، إضافة إلى الباخرتين التركيتين “فاطمة غول” و”أورهان بيه” نحو 1500 ميغاوات فقط. فمعملا دير عمار والزهراني ينتجان نحو 750 ميغاواتاً من أصل 900 ميغاوات. أما معملا الجية والزوق فلا ينتجان أكثر من 300 ميغاوات بأحسن الأحوال من أصل 900 ميغاوات. أما المعامل الصغيرة التي لا يتم تشغيلها إلا في حال الضرورة القصوى، وهي معامل الحريشة وبعلبك وصور، فلا تنتج أكثر من 60 ميغاواتاً من أصل نحو 170 ميغاواتاً، وبالنسبة إلى الباخرتين التركيتين فقد زادتا انتاجهما منذ أشهر نحو 100 ميغاوات ووصلتا إلى انتاج 380 ميغاواتاً.

إذاً، فالعجز في انتاج الكهرباء يصل إلى نحو 1500 ميغاوات، أي نحو نصف الحاجة الفعلية، ونظراً إلى عرقلة التدخلات السياسية خطة وزارة الطاقة لتأمين الكهرباء وهي تتضمن برنامج إنشاء معملي طاقة جديدين (محركات عكسية في الذوق، ومعامل إنتاج جديدة في دير عمار)، يصبح من الطبيعي أن يعاني اللبنانيون من التقنين الكهربائي، سواء ارتفعت ساعاته أو انخفضت. رغم الاستعانة ببواخر شركة “كارادينيز” التركية لإنتاج الكهرباء منذ شهر نيسان 2013 وحتى اللحظة.

ويشير وعد وزارة الطاقة بخفض ساعات التقنين الصيف الحالي، لاسيما أن ساعات التغذية الكهربائية في صيف العام الماضي 2015 لم تتجاوز معدل 10 الى 12 ساعة في المناطق، ولم تزد عن 18 ساعة في بيروت الإدارية، إلى تغذية أقل سوءاً من العام الماضي، لكنها “لن تُشبع ولن تغني من جوع”، أي إنها لن تغني المواطن اللبناني من تخصيص فاتورة للمولدات الكهربائية.

الأسوأ من عدم حدوث أي تغييرات ايجابية على مستوى ملف الكهرباء خلال عام، إن لجهة خطة إصلاح معامل الإنتاج أو استحداث أخرى، هو أن عقد البواخر التركية ينتهي في أيلول/ سبتمبر المقبل. إذاً، كيف يمكن لمؤسسة كهرباء لبنان أن تؤمن ساعات إضافية من التغذية؟ ويكشف مصدر من المؤسسة في حديث إلى “المدن” عن طلب المؤسسة إلى وزارتي الطاقة والمال لتجديد عقد شركتي “فاطمة غول” و”أورهان بيه” لمدة سنتين إضافيتين، ويعزو المصدر خفض ساعات التقنين إلى وضع المجموعة رقم 2 في معمل الذوق في الخدمة، بعد تصليح العطل الكبير الذي طرأ عليها في العام 2014 وأدى إلى وضعها خارج الخدمة منذ تاريخه، إضافة إلى سعي المؤسسة إلى تشغيل مجموعات الإنتاج في معملي الذوق والجية، رغم قِدمها والعمل على رفع إنتاجيتها قدر الإمكان.

هذه الحلول لا بد أنها مؤقتة إذ لا بد، وفق “معنيين” في قطاع الطاقة، من استقدام باخرة طاقة ثالثة إلى حين العمل على استحداث معامل إنتاج جديدة، ولكن تبقى الحلول والاقتراحات كلها في سياق الحفاظ على “مبدأ التقنين” مع اختلاف عدد ساعاته.

الحديث عن احتمال استقدام باخرة ثالثة أثار حفيظة رئيس لجنة الطاقة النائب محمد قباني، الذي يرى أن ملف البواخر بحد ذاته مجرّد هدر للمال العام، ويصف في حديث إلى “المدن” حلول مؤسسة كهرباء لبنان بالحلول غير المنطقية وغير الملائمة قانونياً، “إذ تستسهل المؤسسة اعتماد الحلول المؤقتة كبواخر الطاقة”.. فملف الكهرباء، عنده، “لا يحتاج سوى إلى التزام القوانين في تطبيق الخطط الإصلاحية. حينها يمكن أن يستفيد المواطن من تغذية كهربائية 24/24”.