IMLebanon

مؤتمر الاستثمار في وقت الازمات: تأكيد على دور لبنان في إعادة إعمار سوريا

OECD
نظمت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بالتعاون مع معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي التابع لوزارة المال، مؤتمرا إقليميا حول “الاستثمار والنمو الشامل في وقت الأزمات” في فندق فينيسيا برعاية وزير المال علي حسن خليل ممثلا بمدير المالية العام آلان بيفاني، وبمشاركة نخبة من كبار المسؤولين الحكوميين وممثلين عن القطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة لا سيما في لبنان وليبيا والأردن والعراق ومصر، والخبراء في مجال التنمية للاضاءة على التجارب الدولية الناجحة.

وهدف المؤتمر إلى “الإضاءة على دور القطاعين العام والخاص في توفير البيئة المؤاتية لتشجيع النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار، وتسهيل الوصول إلى الموارد المالية، وتمويل المشاريع، وخلق فرص العمل.

بيفاني
بداية توقع بيفاني في كلمته أن “يكون للبنان إسهام أساسي في أي ورشة إعادة إعمار في سوريا مستقبلا، ومحورا ونقطة التقاء وإنطلاق لجهود التعافي الاقتصادي في سوريا”، آملا في “أن تدرك كل الأطراف السياسية أن لبنان سيفوت مرة جديدة المزيد من الفرص في حال لم يكن في وضع مستقر سياسيا ومؤسساتيا”.

وقال: “لبنان من أكثر الدول في المنطقة والعالم تأثرا بالأزمة السورية وأزمات النازحين بشكل عام لأن عدد النازحين بالنسبة إلى كل ألف لبناني وصل إلى 233 نازحا وهو رقم لا يقارن بأي رقم آخر في العالم لا الآن ولا سابقا، وبالتالي فعلى المستوى الأمني والمستويين الاقتصادي والاجتماعي يتأثر لبنان بشكل قوي جدا بهذه التطورات وثمة أهمية كبيرة ليس فقط لدعم النازحين السوريين وغيرهم إليه ودعم البيئة التي تحتضن هذا النزوح، لكن ثمة حاجة أيضا لمساعدة المدن والبلدات اللبنانية ومجتمعاتها المحلية على تحمل العبء الكبير الذي يسببه هذا النزوح”.

أضاف: “على المستوى الأمني يقاتل الجيش اللبناني على الحدود الشمالية والشرقية ضد المنظمات الإرهابية، وهذا يتطلب من لبنان زيادة عديد القوى الموجودة بنحو 20% من القوى الموجودة، وعلى الصعيد الاقتصادي كان النمو العام الماضي بمستوى صفر ويتوقع أن يبقى كذلك هذه السنة، والبطالة وصلت إلى 25% وزادت لدى الشباب وزادت صلت بنسبة 30% في أقل من 4 سنوات. أما على الصعيد المالي، وصل العجز إلى الناتج المحلي إلى أكثر من 9% جراء النفقات الإضافية التي نحن بحاجة إليها وذلك رغم إنخفاض سعر النفط عالميا، كما أن نسبة الدين العام للناتج القومي عادت إلى الارتفاع ووصلت إلى 140% وهي عالية جدا لا سيما في الوضع الحالي”.

وتابع: “في ما خص الميزان الخارجي وميزان المدفوعات، يتكبد لبنان للسنة الثالثة على التوالي ميزان مدفوعات سلبيا، وهي حالة تاريخية أولى لم يعرفها البلد قبل ذلك. وأيضا العجز في الحساب الجاري تخطى 20% من الناتج المحلي. أما لجهة خط الفقر، فقد كان هناك مليون لبناني تحت خط الفقر فزاد هذا العدد بنسبة 30% أي هناك 300 ألف لبناني إضافي تحت خط الفقر في السنوات الأخيرة جراء النزوح.

ولاحظ بيفاني أن “لبنان بحكم موقعه الجغرافي وتكوينه الاقتصادي، مرشح ليكون نقطة إرتكاز لإي ورشة إعادة إعمار في سوريا مستقبلا، ونأمل أن يكون قريبا أو لجهود التعافي الاقتصادي في سوريا وهذا ما سيجعله بالتالي محورا ونقطة التقاء وإنطلاق لهذه الجهود”.

وإعتبر أن “هذا المؤتمر يكتسب أهميته إنطلاقا من هاتين النقطتين، فإذا كان جانب منه يتعلق بالتعاطي مع واقع النزوح ومع التأثيرات الحالية للنزاع في سوريا على المنطقة ككل وعلى الدول المجاورة لسوريا تحديدا، فهو أيضا وخصوصا محطة أساسية للتخطيط والتعاطي المستقبلي ما بعد النزاع ومرحلة إعادة الإعمار والبناء”.

أضاف: “إذا كان التعامل مع التأثيرات الحالية للنزاع شأن الحكومات والمجتمع المدني بالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع الدولي، لكن التعويل في مرحلة إعادة الإعمار المأمولة هو أيضا يقع على عاتق القطاع الخاص. والتعويل في مرحلة الإعمار هو أيضا على القطاع الخاص، ونحن مقبلون على ورشة كبيرة في سوريا ومن الطبيعي أن يكون للبنان إسهام أساسي فيها بفعل التداخل الجغرافي والإنساني الطبيعي بين البلدين وبفضل قوة القطاع الخاص اللبناني ودوره الرائد وقدراته البشرية المميزة” آملا أن “تساهم هذه الورشة في لبنان والمنطقة كلها أيضا في تحريك العجلة الاقتصادية وفي إعادة النمو في المنطقة إلى إتجاه تصاعدي”.

وتابع: “ما نخسره في المنطقة العربية منذ عشرات السنين، يفسر حجم البطالة التي عرفناها وقلة الاستقرار التي نتجت منها، ومن هنا نحن مدركون لأهمية دورنا وضرورة الاستعداد له على كل المستويات وتأمين الأرضية الصالحة للقيام بهذا الدور على أكمل وجه”.

ورأى أن ذلك “يتطلب من لبنان متابعة توفير الأطر والمتطلبات لتسهيل الإعمار وتيسير الاستثمار إن لجهة توفير الأطر القانونية المحفزة والمشجعة أو على مستوى تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريعها أو على مستوى إتاحة التمويل وتعزيز العمل القضائي لطمأنة المستثمرين إلى أن حقوقهم مضمونة وذلك لجهة حاجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم بشكل خاص”.

وإعتبر أن “كل هذا العمل المطلوب لتحسين المناخ الاستثماري يستلزم أيضا وقبل أي شيء تحسين المناخ السياسي والدستوري من خلال إعادة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية والسياسية والإجرائية والإدارية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، ونحن نأمل اليوم أن يتمكن مجلس النواب من تحقيق خرق في جدار الأزمة السياسية من خلال التوصل إلى إقرار قانون جديد للانتخابات يكون منطلقا لكسر حلقة الفراغ”.

وأمل ب”إنتهاء الحرب في سوريا في أسرع وقت، أولا لوقف مسلسل الموت والدم والدمار، وثانيا لإطلاق مرحلة جديدة نأمل أن تعي كل الأطراف السياسية أهمية ذلك وأن تدرك بأننا في حال لم نكن في وضع مستقر سياسيا ومؤسساتيا سنفوت مرة جديدة المزيد من الفرص كما فعلت منطقتنا مرات عدة في السنوات الماضية”.

وختم بيفاني: “أخيرا نحن مهتمون جدا بمبادرات الOECD لجهة الدعم والاستقرار والنمو وأيضا لجهة إعتماد معايير الشفافية التي بدأنا بجدية بتدعيمها عبر إقرار القوانين والنصوص اللازمة وذلك في تشرين الثاني من العام 2015 ونحن مستمرون في هذا المنحى إلى أقصى الحدود”.

كونديه
بدوره رأى رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الأمانة العامة للعلاقات الدولية في المنظمة كارلوس كونديه، في ذلك الدليل على إهتمام الحكومة بإيجاد حلول للتنمية في ظل ما يحصل في المنطقة والأزمة التي تعانيها”.

ولاحظ أن “الأزمة في سوريا أثرت على لبنان نظرا لاعتماده على سوريا في كثير من الأنشطة، وقد أدت إلى تراجع ثقة المستثمرين وزادت التضخم وفاقمت أوضاع البنى التحتية كالكهرباء وقطاع الأعمال فيه الذي كان يعاني أصلا من مشاكل”، معتبرا أن “الأزمة يمكن أن تكون حافزا لإطلاق عملية الإصلاح”، كما دعا إلى “الاستفادة من الأزمة لتحسين التكامل في المنطقة”.

وشدد كونديه على أن “للقطاع الخاص دورا أساسيا في المنطقة ولا بد من إشراكه”، كما أبرز “أهمية توافر بيئة مسهلة للاستثمارات”.

وقال أن “تحويل المنطقة إلى وجهة إستثمارية يتطلب العمل على مستوى إقليمي لا المحلي فحسب”. مشيرا إلى “ضرورة إنشاء شبكات ومنظمات تجمع القطاعين العام والخاص”، والى “الحاجة الى مشاريع صغيرة ومتوسطة وإلى الابتكار على مستوى هذه المشاريع، كما وأنه لا بد من تطوير القطاع الخاص ومطلوب من دول المنطقة تأمين السياسات وفي المنظمة نحن ملتزمون للتعاون مع الدول والمنظمات”.