IMLebanon

افتتاح منتدى الاقتصاد العربي في بيروت: بحث عن النمو في لبنان

world-economic-forum

افتتح رئيس مجلس الوزراء تمام سلام اعمال “منتدى الاقتصاد العربي” في دورته ال 24 في فندق “فينيسيا” الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والاعمال، بالتعاون مع مصرف لبنان والمؤسسة العام لتشجيع الإستثمارات في لبنان (إيدال) وجمعية مصارف لبنان وإتحاد الغرف اللبنانية ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، بمشاركة أكثر من 500 مستثمر ورجل أعمال من 20 بلدا.

ووجه رئيس الحكومة تمام سلام تحية حارة الى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يخوض اليوم مع إخوانه، غمار تجربة تطويرية كبيرة، عنيت بها الخطة التي أطلق عليها إسم “الرؤية الاقتصادية 2030. إننا نتطلع بكثير من الاهتمام، إلى الخطوات الأولى في هذه المسيرة النوعية الطموحة، ونتمنى لها النجاح في تحقيق ما يعود بالخير على الشعب السعودي الشقيق”.

أضاف: “بعد أسبوعين، ننهي للأسف عامين كاملين من الشغور الرئاسي، الذي يشكل إساءة بالغة للبنان واللبنانيين، ويعكس عجزا مخجلا للطبقة السياسية عن الخروج من أسر المصالح الداخلية والارتباطات الخارجية، وعن حفظ الأمانة التي أعطاها إياها الناس، لتدبير شؤونهم ورعاية مصالحهم. إن هذا التقصير المتمادي، هو السبب الأساس لما تعاني منه المؤسسات من شلل وتعثر، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لعدد كبير من القضايا المتعلقة بحاجات اللبنانيين المباشرة والبعيدة الأمد”.

وتابع: “إنها أيضا تعكس أسوأ صورة ممكنة عن البلد، في وقت يحتاج لبنان – كما نعرف جميعا والاقتصاديون في مقدمتنا – إلى صورة توحي للمستثمر بالثقة التي لا وجود لها من دون استقرار سياسي. إن هذا الواقع، هو أحد الاسباب الرئيسية لغياب النمو والتراجع الكبير في النشاط الاقتصادي، بالاضافة طبعا الى الأسباب الخارجية الأخرى وأولها التطورات المأسوية الجارية في سوريا، والتي تركت تأثيرات سلبية هائلة على الاقتصاد اللبناني، لعل أبرزها الأعباء الكبيرة لملف النزوح السوري”.

كما تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامه عن بعض الأرقام التي يتطلع إليها البنك المركزي لتقييم الوضع الاقتصادي الحالي، فقال: “نتوقع أن يحقق الاقتصاد اللبناني نموا بنسب 2 في المئة في العام 2016، فيما اقتصاد المنطقة وبحسب صندوق النقد الدولي سينمو بنسبة 3 في المئة. لذلك نظرا للوضع الحالي في لبنان يعتبر مصرف لبنان أن هذا النمو مقبول نسبة لما يجري في المنطقة العربية من أحداث. كذلك نتوقع أن تنمو الودائع بنسبة تراوح ما بين 4.5 و5 في المئة أي ما يوازي 8 مليار دولار في العام 2016 وهذا المعدل يعتبر كافيا لتمويل القطاعين العام والخاص. أما على صعيد التسليفات فنتوقع أن تنمو بنحو 5.5 في المئة عن العام السابق”.

اضاف: “إن العجز في ميزان المدفوعات يشكل مكمن ضعف للاستقرار المالي في لبنان وحقق هذا الميزان في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي عجزا بلغ 644 مليون دولار ناتج عن مدفوعات الدولة بالعملة الأجنبية. إنما ما يطمئن السوق هو المستويات المرتفعة للاحتياط بالعملات الأجنبية لدى القطاع المصرفي ولدى مصرف لبنان، وأمام هذا الواقع نستطيع أن نؤكد استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية وقاعدة الفوائد وهو ما يسمح لمصرف لبنان بمتابعة المبادرات التحفيزية التي أطلقها في المرحلة السابقة لتفعيل الطلب الداخلي وتنمية الاقتصاد اللبناني وخلق فرص عمل”.

وأشار “إلى أن 67 في المئة من النمو في الاقتصاد ناتج عن رزم تحفيزية يطلقها مصرف لبنان”، لافتا “إلى أن هناك نظرة أوروبية تنصح القطاع المصرفي بدلا من استعمال ضخ السيولة بشكل غير منظم (helicopter money) بأن يصار إلى توجيه هذه السيولة إلى قطاعات معينة كما فعلنا في لبنان”.

وأضاف: “أطلق مصرف لبنان مبادرات عديدة حيث زاد إمكانيات المصارف في دعم اقتصاد المعرفة والذي استقطب ما لا يقل عن 250 مليون دولار استثمارات من القطاع المصرفي، وبفعل ذلك نشأت شركات تبلغ رسملتها أكثر من 600 مليون دولار وأدّى هذا القطاع إلى خلق فرص عمل”.

ثم تحدث رئيس مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية نائل الكباريتي، فقال: “يسعدني أن أتحدث أمامكم في هذا اللقاء المهم الذي يجمع خيرة الخيرة من رجالات الاستثمار والمال والاقتصاد والاعمال من دولنا العربية والدول الصديقة والشريكة، هنا في هذا البلد العربي الشقيق. فكل الشكر والعرفان للقائمين على تنظيمه، بخاصة انه يعقد تحت ظروف سياسية عميقة ومحورية لشعوبنا العربية، تتطلب منا جميعا رص الصفوف وتوحيد الكلمة والجهود لتجاوز هذه المحن والعودة باقطارنا التي اكتوت بنار عدم الاستقرار والاقتتال الداخلي، الى بر الامان والاستقرار لبناء مستقبل مشرق للاجيال المقبلة ومواجهة التحديات التي تعصف بنا”.

وتابع: “نجتمع اليوم لنتحدث عن الاقتصاد العربي، والحديث عن الاقتصاد العربي الموحد ضربا من الخيال، فلا يوجد ما يجمع الاقتصاديات العربية في كيان إقليمي سوى الإحصاءات المجمعة عن أداء الدول العربية للخروج برقم واحد يمثل تلك البقعة الجغرافية، للتعبير عن مؤشرات اقتصادية تعارف عليها العالم. وإلا لو كان هناك اقتصاد عربي، لما وجدنا تفاوتا كبيرا في متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بفجوة كبيرة مثلا بين دولة قطر مع جزر القمر”.

واشار الكباريتي الى “ان أولويتنا اليوم، هي أن ندفع باتجاه التعليم، ثم التعليم، فالتعليم المبني على المعرفة والعلوم الحديثة، وبناء جيل متعلم مواكب للتكنولوجيا وموفر له سبل البحث العلمي من جميع الامكانيات المادية والمعنوية والتجهيزات سيقود بالتأكيد اقتصادنا الى مضمار التقدم والنجاح، ويمكن مجتمعاتنا ويجعلها أكثر قدرة على الانتاجية، وسيحشد الطاقات الخلاقة التي ستزخر بها مجتمعاتنا العربية‏، وفق استراتيجية مستقبلية واعدة لبناء اقتصاد عربي مبني على الابتكار والمعرفة والنهضة الشاملة، اقتصاد منتج للأدمغة والعقول، لا يقوم على مصائب أمم تتغنى دول الجوار من إعادة إعمارها، أو ننظر الى مساعدات دول البترول، فلا ثروة تفوق ثروة الفكر والعقل”.

وألقى رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير كلمة قال فيها: “يطيب لي بداية ان أرحب بالاشقاء العرب في بلدهم الثاني لبنان، الذي لطالما فتح ذراعيه لإستقبال اشقائه ضيوفا أعزاء في دارهم وبين أهلهم. كما أتوجه بالشكر الى مجموعة الاقتصاد والاعمال لإصرارها على تنظيم هذا الملتقى سنويا، ايمانا منها بضرورة وضع رؤية موحدة للمسار الاقتصادي العربي، وكذلك لإبراز دور بلدنا كمركز اقتصادي في المنطقة”.

أضاف: “ينعقد مؤتمرنا اليوم، والاوضاع في منطقتنا العربية تزداد تعقيدا، وهي تتدهور من سيء الى أسوأ مع تصاعد الصراعات وتوسع الدمار والتخريب الممنهج، في ظل عدم وجود آمال تلوح باقتراب اسدال الستار على المآسي التي تضرب بالعمق دولنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا. في كل الاحوال، الوطن العربي ليس بخير، واقتصاده يعاني، واعتقد إذا أردنا ان نصف الوضع اليوم فإننا سنكرر انفسنا مع بعض الإضافات السلبية، وهذا ما دأبنا عليه منذ سنوات وسنوات، من دون اي قدرة على تحقيق خطوات فعلية للتقدم على مسار التكامل الاقتصادي العربي. فبالاضافة الى ضعف النمو الاقتصادي، وتراجع الانفاق الاستثماري، وضعف التجارة البينية، وارتفاع معدلات البطالة، وهي سمات اساسية تطبع الاقتصاد العربي بشكل عام، كان لهبوط اسعار النفط، انعكاسات حادة ليس فقط على الدول المنتجة للنفط انما ايضا على مختلف الدول العربية، لما للدول النفطية وخصوصا دول الخليج من دور اقتصادي رائد داخل حدودها وخارجها”.

وتابع: “مع كل ذلك، اعتقد اننا اليوم على عتبة تحول في مشهد الاقتصاد العربي، والحدث الذي يجب ان يركز عليه منتدانا هو اطلاق ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “رؤية المملكة العربية السعودية 2030″، التي تتيح للمملكة تحقيق نهضة اقتصادية وتنموية واجتماعية شاملة. ولا شك في أن الخطوات والاجراءات والعناونين الطموحة والرائدة والجريئة التي تضمنتها الرؤية، لن ينحصر مردودها الايجابي على المملكة فحسب، انما سيطال معظم الدول العربية بشكل مباشر وغير مباشر. لذا، يجب ان تشكل هذه الرؤية صدمة ايجابية ومثالا يحتذى لكل الدول العربية، لأننا فعلا بحاجة الى رؤية عربية اقتصادية متجددة، وإعداد العدة للمرحلة المقبلة، ومما لا شك فيه انه من رحم الأزمات تولد المعجزات”.

وكانت كلمة لرئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه قال فيها: “بين الشروع في الانتخابات البلدية دون تأخير أو تمديد، وبين توالي مبادرات القطاع الخاص دون كلل أو إحباط، تحفظ بيروت بريقها وتحافظ على موقعها المنفتح والجامع. عل قبس النور يشع مجددا في لبنان والمنطقة، ونخرج جميعنا، شعوبا ودولاً، من دوامات القتل والتهجير والتدمير وانهيارات الاقتصادات الوطنية والمجتمعات”.

وأضاف: “لأن رصيد الآمال لم ينضب بعد في بلدنا وفي قواه السياسية والمجتمعية الناشطة، فإن رهاننا كبير على انتقال عدوى إنجاز الاستحقاق البلدي إلى استحقاقات إعادة تكوين السلطات الوطنية كافة، واستعادة انتظام المؤسسات الحيوية للدولة، بعدما بلغنا الخطوط الخطرة للتشرذم والتخبط والفساد والإهمال وتنامي الدين العام. هذا في وقت أحوج ما يكون فيه الاقتصاد والمجتمع الى الدولة وحضورها، كمرجعية ومسؤولية ومهام. في الحقيقة أنه على الرغم من شواذات الأوضاع الداخلية، والمتمثلة خصوصا بما نشهده من تحلل لكيان الدولة ومؤسساتها وانكفاء للاقتصاد وتكاثر مقلق للعوامل المحبطة، فإننا، كقطاع خاص، بذلنا وما زلنا نبذل كل جهد ممكن لحفظ الاقتصاد الوطني وركائز أنشطته. هفنا الاستراتيجي: إستيعاب الانكماش وتمكين القطاعات الحيوية من التعامل بمرونة مع التحول الدراماتيكي في نمو الناتج المحلي من متوسط يراوح بين 7 و 8 في المئة الى متوسط يراوح بين 1 و 2 في المئة”.

وتابع: “يشهد لنا العالم والمؤسسات الدولية، وفي المقدمة صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات التصنيف، بأننا نجحنا في اعتماد سياسات وقائية ملائمة، وفي ادارة مؤسساتنا الانتاجية بمهنية وكفاءة في كل هذه السنوات العجاف المتتالية، وفي ظل صعوبات إقليمية ودولية صاعدة في وتيرتها وفي حدتها. وما زلنا نبتكر الآليات والوسائل الأنسب في جبه أو الحد من تأثير الارباكات الداخلية والعواصف الاقليمية والعوامل الخارجية. لكن، لا يمكن الطيران بجناح واحد، ولا يمكن التصفيق بيد واحدة. المخاطر التي تهدد اقتصادنا ومجتمعنا تزيد قربا وتأثيرا، والحاجة صارت أكثر إلحاحا لجهود جامعة تنجز الاستحقاقات المؤجلة وتنتج سلسلة تطورات ملائمة، من خلال إعادة تصويب المسارات الدستورية والسياسية والمالية العامة. نحن نتطلع الى معالجة الشغور في سدة الرئاسة ألأولى، وإستتباعا إعادة تشكيل السلطات كافة، وتخفيف جزء من الأعباء الثقيلة الملقاة على الجيش والقوى الأمنية بحيث تركز جهودها المشكورة على حماية البلد وحماية الاستقرار الداخلي”.

وألقى الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رووف أبو زكي كلمة قال فيها: “نرحب بكم في منتدى الاقتصاد العربي الذي يعتبر الأقدم عربيا، والذي سنحتفل بمرور ربع قرن على ولادته في بيروت العام المقبل إن شاء الله، ليستمر في تأدية رسالته كمنصة أساسية للحوار والتلاقي. وننوه بالمشاركة المميزة لجمهورية مصر العربية، التي تحقق بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي خطوات مهمة على طريق إعادة بناء مصر وعودتها إلى موقعها الطبيعي والمحوري في حماية المصالح العربية، ونرحب في هذا السياق بالاتفاق المصري السعودي الأخير، وما نجم عنه من مشاريع ومبادرات، وما يمثله من استجابة فاعلة للتحديات التي تواجه العالم العربي”.

أضاف: “لقد ولد المنتدى في مرحلة الازدهار والنهوض والإصلاح الاقتصادي وتعزيز العمل العربي المشترك، كما برز في وقت شهد قيامة لبنان من بين الأنقاض وتمكنه من إعادة إعمار ما دمرته الحرب واستعادة الاستقرار ووتائر النمو السريع. أما اليوم فإننا نلتقي في ظروف مختلفة يصح فيها قول أمير الشعراء أحمد شوقي: “كلنا في الهم شرق”. وكلنا، هنا، تشمل قطاع الأعمال والمستثمرين العرب الذين يعملون غالبا في ظروف استثنائية، فما إن ينهضوا من أزمة حتى يواجهوا أزمة جديدة، وهذا الاستنزاف الدائم لطاقاتنا يمثل أكبر قيد على النمو، ويحرمنا من ميزة التخطيط الطويل الأمد وتحقيق التنمية المستدامة، في ظل نمو اقتصادي متعثر وبطالة هي من بين الأعلى في العالم”.

وتابع:”إلى ذلك، فإن أهم ما نخسره في هذه “الفوضى الخلاقة” وهذه الحروب والنزاعات التي نعيشها ليس فقط فرص التنمية والعيش الآمن المزدهر بل وفرص التواصل بين الدول العربية وتحقيق طموحات شعوبنا التنموية. فالراهن أن التجارة البينية وكذلك تدفقات الاستثمارالخارجية تتراجع، كما تم توجيه ضربات قاصمة للنشاطات السياحية في أكثر بلدان المنطقة ولاسيما في مصر وتونس ولبنان، فضلاً عن الضغوطات المالية المتصاعدة على مصارفنا وتعاملاتنا المالية”.

وختم: “أخيرا، إن هذا المنتدى هو حلقة من سلسة مؤتمرات مجموعة الاقتصاد والأعمال. وندعوكم في28 الجاري إلى ملتقى مصر للاستثمار في القاهرة وإلى مؤتمر الاقتصاد الإغترابي في 21 تموز المقبل في بيروت. علما أنها نظمت في الأشهر الأولى من هذه السنة مؤتمرات عربية ودولية”.

وبعد كلمات الافتتاح، تم تكريم وزير الصناعة والتجارة في مصر المهندس طارق قابيل، رئيس الهيئة العربية للتصنيع عبد العزيز سيف الدين، الباحث الاقتصادي ورجل الاعمال السعودي عبد الله دحلان بتقليدهم دروعا تقديرية لجهودهم في المجالات الاقتصادية.

وقد منحت جائزة سعيد خوري للرواد والمبادرين حيث تم اختيار 4 مشاريع فاز كل من عبدالله رياض حنونة من فلسطين، ايمان حيلوز من الاردن، يسر صبرا وعماد شعبان من لبنان فادي عمروش من سوريا.

ثم جال المشاركون في المعرض الذي ضم الشركات والمؤسسات الداعمة للمؤتمر.