IMLebanon

سلام في «منتدى الاقتصاد العربي»: إمكانيّات لبنان البشرية تجعله منصة لإعمار سوريا

world-economic-forum
لا يمرّ الاقتصاد العربي بأيامٍ عادية، ويمكن القول إنّ كل يوم يحمل المزيد من المآسي والمتاعب الاجتماعية والسياسية التي تنصبّ بغزارة على واقع الاقتصادات العربية التي تعاني منذ خمس سنوات من الحروب والأزمات السياسية والأمنية، إضافةً إلى تدهور أسعار النفط الذي أثر على الاقتصادات الخليجية في شكلٍ خاص.
في المقابل، توقع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس، في افتتاح أعمال «منتدى الاقتصاد العربي» في دورته الـ 24، تحسّن النمو إلى 2 في المئة في الاقتصاد اللبناني، بثّ بعض الأمل، متوقعاً أن ترتفع نسبة الودائع أيضاً.
من جهته، يشدد رئيس الغرف العربية نائل الكباريتي لـ «السفير» على «أهمية التعليم والتثقيف في مجتمعنا العربي وصولاً إلى اقتصادٍ ومجتمع أفضل، مشيراً إلى أنّ تطوير الفكر هو أكبر لاعب للارتقاء بالاقتصادات». ويوجه نصيحةً إلى القيمين على الاقتصاد العربي، يقول: «آن الأوان للتفكير في وحدة واحدة وليس في وحدات منفردة، لأن التجربة أثبتت أنه لا يستطيع أي قطب العمل بمفرده». ويشير إلى «ضرورة أن يربطنا العامل الاقتصادي إذا لم تربطنا السياسة، وإلاّ سوف يكون مصير دولنا أكثر سوءاً».
بين الفراغ والاقتصاد
رعى المؤتمرالذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بالتعاون مع مصرف لبنان والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال) وجمعية مصارف لبنان واتحاد الغرف اللبنانية ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، بمشاركة أكثر من 500 مستثمر ورجل أعمال من 20 بلداً.
لم تنجُ كلمة سلام من بعض السياسة، إذ قال «بعد أسبوعين، ننهي للأسف عامين كاملين من الشغور الرئاسي، وهذا التقصير المتمادي، هو السبب الأساس لما تعاني منه المؤسسات من شلل وتعثر، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لعدد من القضايا المتعلقة بحاجات اللبنانيين المباشرة والبعيدة الأمد».
ورأى أنه «على رغم الأوضاع الداخلية الصعبة والظروف الخارجية الأصعب، فإن ما يمتلكه لبنان من خصائص، وبنى مؤسساتية راسخة، ونظم تشريعية محفزة للاستثمار، ووضع نقدي متين، وقطاع مصرفي متقدم، واستقرار أمني كبير، وما يختزنه من خبرات بشرية، أرى الكثير منها بينكم اليوم، تجعل منه مكاناً ملائماً للنشاط الاقتصادي والاستثماري بكل أشكاله. وهذه السمات نفسها، هي التي تؤهل لبنان ليكون منصة انطلاق لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا، حين تصمت المدافع».
وتوقع سلامة وفق الأرقام التي يتطلع إليها البنك المركزي أن يحقق الاقتصاد اللبناني نمواً بنسبة 2 في المئة في العام 2016، فيما اقتصاد المنطقة سينمو بنسبة 3 في المئة. ورأى أن هذا النمو مقبول نسبة لما يجري في المنطقة من أحداث. وتوقع أن تنمو الودائع بنسبة تراوح ما بين 4.5 و5 في المئة أي ما يوازي 8 مليارات دولار في العام 2016 وهذا المعدل يعتبر كافياً لتمويل القطاعين العام والخاص. أما على صعيد التسليفات فنتوقع أن تنمو بنحو 5.5 في المئة عن العام السابق».
أضاف: «إن العجز في ميزان المدفوعات يشكل مكمن ضعف للاستقرار المالي في لبنان وحقق هذا الميزان في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي عجزا بلغ 644 مليون دولار ناتج عن مدفوعات الدولة بالعملة الأجنبية. إنما ما يطمئن السوق هو المستويات المرتفعة للاحتياط بالعملات الأجنبية لدى القطاع المصرفي ولدى مصرف لبنان، وأمام هذا الواقع نستطيع أن نؤكد استقرار سعر صرف الليرة وقاعدة الفوائد».
وقال سلامة: «عزز لبنان وجوده بالشمولية المالية في الداخل والخارج، وفي الأمس أعلنت الـ oecd رسمياً أن لبنان أتم كل ما يلزم من شروط في انخراطه في مكافحة التهرب الضريبي وهذا التصريح يسقط كل ما كان يقال أن لبنان سيكون على اللائحة السوداء، كما حذف لبنان في اجتماع الـ «غافي» عن المراقبة المعززة وصار بلداً طبيعياً بمراقبة طبيعية».
ثم تحدث الكباريتي، مشيراً إلى أن «الاقتصاد المتين المبني على قدرة اكتساب المعرفة ومواكبة التكنولوجيا وتسخير الطاقات للتنمية هو الاقتصاد المنشود، والذي يغدو مستقراً وحاسماً للمستقبل ويجب ألا يكون مبني على الاستراتيجيات الاقتصادية المعتمدة على ثروات باطن الأرض، كون أسعار هذه الثروات قابلة للصعود والهبوط وبالتالي تصبح السياسة الاقتصادية هشة مبنية على المجهول. علماً أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات وصناعات تعتمد على التكنولوجيا العالية، على سبيل المثال شركة سامسونج حققت في عام واحد 327 مليار دولار وشركة مايكروسوفت تحقق ربحاً ما قيمته 226 دولار في الثانية الواحدة».
ودعا رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير الحكومات العربية لإطلاق ورشة اقتصادية شاملة، تستهدف تنويع اقتصادات دولنا.
أضاف: «نحن في لبنان، هذا البلد الصغير في حجمه والكبير في قدراته ودوره وطاقاته، فإنه لا يزال يعاني جراء الصراعات الدائرة من حوله وانعكاساتها الحادة على الساحة اللبنانية سياسياً واقتصــادياً واجتماعياً».
وتطرّق رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه إلى تحديات القطاع المصرفي والمالي في ظل الظروف القائمة محلياً وخارجياً. وقال «كثر اللغط أخيراً في شأن القانون الأميركي الهادف الى منع ولوج «حزب الله الى المؤسسات المالية، وكيفية التعامل المصرفي مع هذا الاستحقاق. وضعاً للأمور في نصابها الصحيح، مشيراً إلى أن القانون موجه وملزم لكل المؤسسات المصرفية حول العالم تحت طائلة عقوبات متدرجة، لا قدرة لأي مؤسسة على تحملها كونها تصل الى حد الخروج التلقائي من السوق. وأوضح أن «البنك المركزي بادر الى تعميم آلية تطبيقية واضحة ومرنة، بحيث يتم التزام مقتضيات القانون لجهة لوائح العقوبات، والحؤول، في المقابل، دون أي استنسابية محلية قد تضر بمصالح أو حقوق للغير، حيث سبق للمصارف خوض تجربة التزام قانون «فاتكا» الأميركي أيضا، من دون ضجيج ولا انعكاسات على الزبائن وأصحاب الحقوق».
ورأى الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي أن «أهم ما نخسره في هذه «الفوضى الخلاقة» وهذه الحروب والنزاعات التي نعيشها ليس فقط فرص التنــمية والعيش الآمن المزدهر بل وفرص التواصل بين الدول العربية وتحقيق طموحات شعوبنا التنموية».

الحريري:لشراكة مع القطاع الخاص

وكانت الكلمة الختامية مساء أمس، للرئيس سعد الحريري الذي بدأ بتهنئة اللبنانيين على الانتخابات البلدية كتعبير عن الديموقراطية، على رغم الأزمات الدائرة في المنطقة. ثمّ انتقل إلى حديثٍ انمائيّ بامتياز مشيراً إلى نسب النمو المنخفضة مقابل نسبة البطالة المرتفعة لا سيما في صفوف الشباب. وأوضح أنّ «تيار المستقبل وضع خطّة متعددة الجوانب، تبدأ بإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لا سيما الكهرباء والاتصالات، لأنّ القطاع الخاص قادر على تأمين الكهرباء للبنانيين 24 ساعة يومياً، وتحسين خدمات الانترنت، عبر تشغيل معامل لا تقل عن 1000 غيغاوات. كذلك أكّد أنّ الخطة تشمل شبكة النقل العام ووجوب تحسينها، إضافةً إلى العمل على تحسين مداخل العاصمة الجنوبية والشمالية، مشيراً أيضاً إلى «العمل على موضوع التنقيب واستخراج النفط والغاز وإقرار قانون الصندوق السيادي لحفظ حقوق الأجيال المقبلة، وسد جزء من الدين العام».