IMLebanon

قراءة قانونية لتداعيات تطبيق القانون الأميركي: من يحمي زبائن المصارف؟

BanqueDULibanEmployee

المحامي علي حسين زبيب *

نحن أمام مأزق حقيقي يتمثل بتنازع قوانين وتضارب مصالح في تطبيق القانون الأميركي ضد حزب الله. المسألة لا تعني فقط مصرف لبنان والمصارف اللبنانية، بل تتعلق أساساً بحقوق زبائن المصارف والمتعاملين معها في لبنان من أفراد ومؤسسات، التي يجب أن تكون محمية بالقانون اللبناني وخاضعة لولايته. ومن هنا يرى بعض الخبراء القانونيين أن تعاميم حاكم مصرف لبنان لا تحول دون تطبيق القانون اللبناني، إذا تظلم المتضرر من الإجراءات أمام المحكمة اللبنانية المنعقدة الصلاحية. لا بد، إذاً، من أن تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولياتها الدستورية والقانونية، وتقوم بواجباتها تجاه مواطنيها في التعامل القانون الأميركي ضد حزب الله. وهناك نوافذ كثيرة يمكن الدخول منها. على سبيل المثال لا الحصر، فتح المشترع الأميركي نافذة قانونية ذات طابع دبلوماسي جداً، ربما لم يرها المعنيون لأنهم لم يلجأوا إليها لغاية اليوم.

فقد نص القانون الأميركي على أنه لن يُطلب من الرئيس فرض عقوبات على مؤسسة مالية أجنبية حُدِّدَت في المادة الفرعية (أ) إن أكد (الرئيس الأميركي) خطياً إلى اللجان المعنية في الكونغرس، أن: (1) المؤسسة المالية الأجنبية توقفت عن ممارسة النشاط الذي حُدِّد في المادة الفرعية (أ) أو اتخذت، ولا تزال تتخذ، خطوات مهمة، يمكن التأكد منها، نحو إنهاء النشاط المحدد في تلك المادة الفرعية؛ و(2) إذا حصل الرئيس على تأكيدات موثوق بها من الحكومة التي تخضع المؤسسة المالية الأجنبية لسلطتها القضائية أن هذه المؤسسة لن تمارس في المستقبل أي نشاط محدد في المادة الفرعية (أ).
يمكن الدولة اللبنانية اللجوء إلى هذه النافذة من أجل التواصل مع الرئاسة الأميركية، كجزء من واجباتها لحماية مواطنيها، عن طريق محاولة حصر تداعيات هذا القانون من خلال التعاون بين السلطات المالية اللبنانية والأميركية، بهدف الدفاع عن الأفراد والمؤسسات غير المعنيين، بغية التوضيح للأميركيين مدى امتثال لبنان للتشريعات الدولية، وفي الوقت نفسه إبداء كل الحرص على المحافظة على السيادة الوطنية والتقيد بالقوانين اللبنانية.
من الواضح أن القانون 2297 له حيِّز سياسي ضخم، وبالتالي من المتوقع أن يخضع مسار تنفيذه، في حالتي الصعود والنزول، للاعتبارات السياسية، إضافة إلى وجود تناقضات تشريعية ودستورية.
سوف تحمل الأشهر المقبلة تطورات وتحديات عديدة توجب على الدولة أن تكون على استعداد على كل الصعد، وتوجب على أهل القانون مواكبة أي تطورات قد تحدث خللاً أو شرخاً في النظام التشريعي اللبناني.

تطبيق القانون 2297 على النواب مخالف للدستور

نشأت عن تطبيق القانون الاميركي في لبنان إشكالية دستورية واضحة. فقد أتى الجزء المتعلق بتجميد وإقفال حسابات أعضاء في البرلمان الللبناني مخالفاً للدستور. بدايةً، يجدر التذكير بمبدأ سمو الدستور في هرمية النصوص القانونية في لبنان. تأتي بعده الإتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وَقّعها لبنان (والتي قد يعتبر البعض القانون 2297 جزءا منها). ثم تأتي القوانين الوضعية أو المحلية في المرتبة الثالثة، ومن ثم تلحقها المراسيم والقرارات والتعاميم من مختلف الجهات المحلية.
ان العقوبات الأميركية المالية من خلال القانون 2297 لم تقف عند حد التضييق على المؤسسات التجارية التابعة لحزب الله أو المتمولين المتصلين به، بل توسعت، ولا تزال، في ظل إجراءات عقابية طاولت حسابات نواب من حزب الله موجودة في المصارف اللبنانية. هنا تبرز إشكالية دستورية لا بد من إيضاحها، فقد نص الدستور اللبناني على ما يلي:
– المادة 27: «عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز أن تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه».
– المادة 39: «لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته».
– المادة 40: «لا يجوز أثناء دور الإنعقاد إتخاذ إجراءات جزائية نحو أي عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا إقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس ما خلا التلبس بالجريمة (الجرم المشهود)».
بناءً على ما تقدم، إن الطلب من المؤسسات المالية إقفال الحسابات المصرفية لأي نائب لبناني في لبنان تحت طائلة إعتبارها غير متعاونة، يعد بمثابة توجيه إتهام للنائب اللبناني المعني (مهما كان إنتماؤه السياسي) وتصنيفه كمرتكب لجرم جزائي، وذلك دون إثبات واضح، وفقط بناءً على تبعيته السياسية لفريق مستهدف بقانون أجنبي (وهو حال القانون رقم 2297)، وبالتالي يكون بمثابة إقامة دعوى جزائية وإتخاذ إجراءات جزائية تجاه هذا النائب أثناء دور إنعقاد المجلس وبسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته إنطلاقاً من موقعه السياسي. ومن هنا يأتي هذا الإجراء متعارضاً بوضوح مع المواد 27 و39 و40 من الدستور اللبناني بوصفه غير دستوري، في ظل أن مبدأ سمو الدستور هو فوق كل إعتبار في حال تعارض مواده مع أي معاهدات أو قوانين دولية أو محلية. وبالنتيجة وبناءً على ما تقدم يأتي تطبيق القانون الرقم 2297 تاريخ 2015/12/6 في جزئيته المتصلة بأعضاء البرلمان اللبناني مخالفاً للدستور ويكون تطبيق مفاعيل هذا القانون تجاه أي نائب غير دستوري، وبالتالي غير قابل للتطبيق داخل لبنان ومن قبل أي سلطة مصرفية أو رقابية أو ما شابه.

صلاحية هيئة التحقيق الخاصة: آلية حل ملتبسة

في خضمّ الجدل السياسي حول ماهية القانون الأميركي ضد حزب الله وضرورة تطبيقه وقانونيته، أصدر مصرف لبنان التعميم رقم 137 بتاريخ 3 أيار 2016. بدا هذا التعميم مهمّشاً لدور هيئة التحقيق الخاصة، إذ أوجب على المصارف اللبنانية تنفيذ عملياتها بما يتناسب مع مضمون القانون الأميركي المذكور والأنظمة الصادرة، أو سوف تصدر، عن السلطة التنفيذية في الحكومة الأميركية. كذلك أوجب على هذه المصارف إبلاغ هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان فوراً بالإجراءات والتدابير التي تتخذها ضد أي شخص تنفيذاً للقانون الأميركي المنوَّه عنه وأنظمته التطبيقية مع توضيح أسباب اتخاذ تلك الإجراءات والتدابير. جرى ربط التعميم المذكور بضمان الاستقرار التسليفي وتفادي الإجراءات التعسفية ضد المصارف، ولا سيما لناحية مقاطعة المصارف المراسلة للمصارف اللبنانية، وبالتالي الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا. رحبت جمعية المصارف بالتعميم وأيدت تطبيقه، وهو الأمر الذي خلق جدلاً واسعاً على المستوى المحلي وهدد بضرب القطاع المصرفي والاستقرار النقدي، وهو ما دفع حاكم مصرف لبنان إلى إصدار بيان توضيحي للتعميم 137 (الذي سيتحول إلى تعميم بحد ذاته) أورد فيه أن التعميم 137 يريح المصارف المراسلة ويؤكد ملاءمة العمل المصرفي في لبنان للمعايير الدولية، بما يفضي إلى تفادي إمكان تطبيق المصارف المراسلة سياسة التقليص من المخاطر (de-risking) التي قد تعزل لبنان مصرفياً عن العالم، وهو الأمر الخطر، لكون لبنان يستقطب تحويلات مغتربين بقيمة 8 مليارات دولار سنوياً. في المقابل، عدّل الحاكم آلية تطبيق التعميم 137 لناحية توسيع صلاحية هيئة التحقيق الخاصة، إذ أعلن حاكم مصرف لبنان أنه جرى التوافق، في اجتماعها الأخير، على المبادئ الأساسية التي ستتابع بموجبها تصرفات المصارف مع زبائنها في سياق تطبيق التعميم رقم 137، إذ يحق قانوناً لهذه الهيئة، دون سواها، الاطلاع على الحسابات الدائنة والمدينة من دون الاعتداد تجاهها بالسرية المصرفية.
تبعاً لما أعلنه حاكم مصرف لبنان في بيانه التوضيحي، ستُستثنى الحسابات العائدة إلى أشخاص أو مؤسسات مدرجة أسماؤهم على اللائحة السوداء الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية OFAC من تطبيق هذه المبادئ، أي إن المصارف لن تكون ملزمة بتقديم التبرير لهيئة التحقيق الخاصة قبل إقفال الحساب. كذلك لن تكون ملزمة بانتظار رد الهيئة ضمن مهلة 30 يوماً، ويمكنها عندها أن تتصرف على مسؤوليتها.
هذا البيان التوضيحي للتعميم 137 أتى ملتبساً لأن المصارف اللبنانية ليست ملزمة بتطبيق أي تعميم يصدر عن مصرف لبنان، إذا أتى مخالفاً لقانون النقد والتسليف اللبناني. هذا القانون يعطي الحق المطلق لأي مصرف بإقفال حساب أو رفض فتح حساب لأي شخص معنوي أو طبيعي. واستطراداً، وفي حال موافقة المصارف طوعياً على تطبيق التعميم المتوقع إصداره، تبقى المشكلة عالقة بسبب الاستثناء الوارد أعلاه الذي يسحب أي صلاحية من هيئة التحقيق الخاصة في ما يتعلق بحسابات الأشخاص أو المؤسسات المدرجة أسماؤهم على اللائحة السوداء الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية OFAC، وبالتالي يمكن السلطات الأميركية، بكل بساطة، وإذا أرادت أن يكون قرارها ملزماً وغير خاضع لأي جهة لبنانية، ومنها هيئة التحقيق الخاصة، أن تضع اسم الشخص أو المؤسسة المطلوب استهدافها على هذه اللوائح، وبالتالي تصبح المصارف اللبنانية، بموجب الاستثناء الوارد، قادرة على التطبيق الفوري دون الأخذ بالاعتبار أي أمر آخر.

ملخص «قانون منع التمويل الدولي عن حزب الله»

أقر الكونغرس الأميركي القانون الرقم 2297، في جلسته الأولى المنعقدة في 6/12/2015 وصدَق عليه في 18/12/2015. يسعى هذا القانون إلى منع حزب الله والكيانات المرتبطة به من النفاذ إلى مؤسسات مالية دولية ومؤسسات أخرى لأهداف مختلفة. ويتعهد أشد العقوبات الأميركية على الحزب وأي منظمة أو فرد تابع لها، وأي مؤسسة مالية في أي مكان في العالم تسهل أعماله عن دراية. أما لناحية بيان السياسات فستتبع الولايات المتحدة الأميركية السياسات التالية:
1. منع شبكة حزب الله اللوجيستية والمالية العالمية من العمل، للحد من تمويل أنشطته المحلية والدولية؛
2. وإستخدام الطرق الدبلوماسية والتشريعية والتنفيذية كافة لمكافحة أنشطة حزب الله «الإجرامية العالمية»، كوسيلة للحد من قدرة هذا التنظيم على تمويل أنشطته «الإرهابية العالمية».
صدر القانون عن أعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة، ويبدو أنه متمم للإجراءات التي اتخذتها السلطات الاميركية منذ عام 1999 والمتمثلة في الاضبارة W8E، ثم «باتريوت آكت» اثر احداث ايلول عام ٢٠٠١.
اللافت في هذا القانون أنه يُلزم الرئيس الأميركي، خلال مهلة 90 يوما من تاريخ دخول القانون التنفيذ، تقديم تقرير إلى اللجان والمسؤولين المعنيين في الكونغرس حول فرض العقوبات على مزودي خدمة الاقمار الإصطناعية الخاصة بقناة المنار. كما على الرئيس، خلال مهلة لا تتخطى الـ120 يوما من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، فرض شروط صارمة ووضع إجراءات لحظر فتح أي حساب وسيط، أو الإبقاء عليه، في الولايات المتحدة، من قبل مؤسسة مالية أجنبية يجد الرئيس أنها تمارس أي من الأنشطة المحددة في الفقرة (2) (أي مؤسسة تسهل أو تعلم بتسهيل أي نشاط محدد لأشخاص مدرجين محظور التعامل معهم). وقد جرى هذا الأمر من خلال نشر لائحة تتألف من تسعة وتسعين إسماً ومؤسسة حول العالم على لائحة الـ OFAC «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية»، والتي تعد إحدى وسائل الإجراءات التطبيقية التي جرى نشرها بتاريخ بتاريخ 15/4/2016، والتي سعت إلى تحديد الاشخاص الطبيعيين والمعنويين المستهدفين من تطبيق القانون. ومن المتوقع أن تحمل الأيام المقبلة دفعة جديدة من الأسماء التي ستكون ضمن دائرة تطبيق القانون لناحية مراقبة وإغلاق الحسابات على الرغم من الإشكاليات والتداعيات القانونية والدستورية المتعلقة بتفسير وتطبيق القانون.
تجدر الاشارة أن القانون أعطى الرئيس الأميركي حق إرجاء او تأجيل تطبيق أي حظر أو شرط على مؤسسة مالية أجنبية (وهو أمر لم يفعله الرئيس لتاريخه) لفترة لا تتخطى الـ180 يوما قابلة للتجديد لفترة اضافية 180 يوما، منذ او بعد التاريخ الذي يقوم خلاله الرئيس بـ:
(أ) تحديد كيف يصب هذا التأجيل في مصلحة الأمن القومي؛ و(ب) تقديم تقرير يعلل أسباب هذا التأجيل إلى لجان الكونغرس المعنية.
أما بالنسبة لإنتهاء العمل بالقانون، فبحسب مواده يعمل بها حتى اليوم الثلاثين من التاريخ الذي يؤكد فيه الرئيس الأميركي للكونغرس أن حزب الله:
1. لم يعد مدرجا كمنظمة إرهابية أجنبية عملا بالمادة 219 من قانون الهجرة والجنسية؛ و
2. لم يعد مدرجا ليخضع للعقوبات عملا بالأمر التنفيذي رقم 13224 (والمتعلق بتجميد الممتلكات ومنع عقد الصفقات مع أشخاص يرتكبون الإرهاب أو يهددون بارتكابه أو يقومون بدعمه).

عملية «سيدار»: من «منظمة إرهابية» إلى «منظمة إجرامية»

منذ صدور القانون، بدأت الولايات المتحدة إتخاذ الإجراءات الفعلية لتطبيقه، منها:
1. بتاريخ 2016/1/7 فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على رجل الأعمال اللبناني علي يوسف شرارة وشركة الاتصالات التي يديرها في لبنان (سبكتروم القابضة للاستثمار ش.م.ل) بحجة تقديم الدعم لحزب الله. ويعد هذا الإجراء هو الأول بموجب القانون رقم 2297.
2. عملية سيدار الأمنية (فرنسا)، التي جرت في شهر فبراير 2016، وتميزت بشكليات إجراءات التوقيف الإحتياطي التي خضع لها الموقوفون اللبنانيون الأربعة، وخاصة لناحية تحويل تصنيف حزب الله من «منظمة إرهابية» الى «منظمة إجرامية»، وهذه مفارقة أساسية كونها تميزت بإجراء جديد هو تدخَل ثلاث جهات أميركية رسمية، وهو الأمر المستحدث الذي سيكون له تداعيات جذرية على طريقة التعامل مع هذا الملف:
أ‌. اللجان ذات الإختصاص في الكونغرس الأميركي.
ب‌. جهاز الإستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأميركية
ت‌. جهاز الـ DEA الأميركي الخاص بمكافحة المخدرات وتبييض الأموال.
من الواضح أن المسوغات القانونية التي اتُبعت لتوقيف اللبنانيين الأربعة تبيَن أن القانون 2297 يعطي القضاء الأميركي في مجال مكافحة تمويل حزب الله، مفاعيل تطبيقية عالمية وليس فقط داخلية. فـ «سيدار» تُعد أول عملية توقيف تتم خارج لبنان بموجب مذكرات دولية صادرة عن القضاء الأميركي بحق لبنانيين متهمين بتمويل حزب الله. ويظهر الجانب القانوني المستندة اليه عملية التوقيف، أن هذه المذكرات يُعمّمها القضاء الأميركي إما عبر الإنتربول أو عبر إبلاغها من قبله لهيئات القضاء المماثلة له في الدول الأخرى. والمثير للجدل هنا أن هذه الآلية المتبعة من القضاء الأميركي لا توفر عبر كل دول العالم (بإستثناء سوريا وإيران وروسيا) للوزراء والنواب اللبنانيين أي نوع من الحصانة ضد توقيفهم في الخارج، بينما توفر فقط للدبلوماسيين المعتمدين من قبل لبنان في سفاراته في الخارج حصانة عدم توقيفهم. وعليه يكفي أن يُصدر القضاء الأميركي مذكرة توقيف بحق أي «مشتبه بعلاقة مع حزب الله» حتى يجري تنفيذها في أي دولة في العالم لديها إتفاقات تبادُل تطبيقات القرارات القضائية مع أميركا، وهو أمر إستنسابي ويعتبره القانونيين في غاية الخطورة.

مصرف لبنان يفرض «الامتثال»

عملت المصارف اللبنانية على الإمتثال سابقا، أولاً عبر إلتزامها تطبيق العقوبات على سوريا في سوريا ولبنان، وثانياً عبر إلتزامها تطبيق العقوبات على إيران ووقف التعامل مع بنك صادرات إيران.
في هذا السياق، أبدى مصرف لبنان، بعَيد صدور القانون 2297، المزيد من التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة عبر إيعازه للمصارف والمؤسسات المالية الخاضعة لرقابته بضرورة الإمتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة أساساً بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال. ظهر هذا الأمر جلياً من خلال التعميم الأساسي رقم 136 بتاريخ 2015/12/22 الذي إستند إلى عدد من القوانين ومنها (1) قانون النقد والتسليف، و(2) قانون 347 حول تنظيم مهنة الصرافة في لبنان، و(3) قانون 160 لتنظيم عمليات الإيجار التمويلي، و(4) قانون رقم 44 تاريخ 2015/11/24 حول مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب و(5) قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان تاريخ 2015/12/9.
فقد طلب مصرف لبنان من جميع المؤسسات الخاضعة لرقابته وترخيصه القيام بإستمرار بمراجعة أي تحديث يتم على الموقع الإلكتروني لمجلس الأمن في ما يتعلق بالأسماء المحددة والمدرجة على اللوائح الصادرة بموجب قرارات مجلس الأمن رقم 1267 (1999) و1988 (2011) و 1989 (2011)، والقرارات اللاحقة المتعلقة بهذا الخصوص و/أو اللوائح الصادرة عن لجان العقوبات الخاصة والقيام تلقائيا وفورا دون تأخير ودون سابق انذار بتجميد الاموال او الحسابات او العمليات أو الأصول الأخرى العائدة لهذه الاسماء فور إدراجها، على ان يتم تزويد هيئة التحقيق الخاصة، وخلال مهلة اقصاها 48 ساعة، بما يفيد انها قامت بذلك وبالمعلومات المتوفرة لديها بهذا الخصوص.
وهنا تبرز إشكالية مهمة وهي عدم وضوح تعريف «اللجان الخاصة» أو قراراتها بما قد ينعكس على أي مواطن لبناني ويعرضه لتجميد أمواله بشكل مباشر دون إنذار وهو ما يتعارض مع روحية القوانين اللبنانية.

* أستاذ محاضر في القانون والشؤون المصرفية الدولية في الجامعة اللبنانية