IMLebanon

سوريا: خطف موظفي القطاع العام يُفقدهم رواتبهم

syriabank

رولا عطار

أن تكون موظفاً حكومياً لدى الدولة السورية، لا يعني أنك بمنأى عن حالات الاعتقال أو الخطف بل على العكس من ذلك، ففي الفترات الأولى من الأزمة كان الموظفون الحكوميين مستهدفين بالخطف من قبل الجماعات المسلحة كونهم لازالوا يعملون لصالح الدولة. وبالمقابل تسجل حالات اعتقال لآخرين من قبل الأجهزة الأمنية. كما فرضت ظروف العمل الصعبة في المناطق الساخنة انتقال الموظفين من محافظة لأخرى، كل ذلك بالطبع كانت له تبعاته على الأوضاع الاقتصادية للعاملين وأسرهم.
وتبقى فرص العمل التي يوفرها القطاع العام داخل مناطق السيطرة الحكومية، مصدراً للدخل يساعد أسر العاملين ولو جزئياً على مواجهة ظروف الأزمة، والحفاظ على الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. لكن هذه الفرص مهددة بفعل الإختطاف او الإضطرار الى الانقطاع عن العمل، لأن الحكومة تتشدد في إعادة المنقطعين والمخطوفين الى العمل، كما انها تسارع الى قطع الرواتب، وبالتالي ترك الموظفين يواجهون الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وفي هذا السياق يوضح عادل (إسم مستعار) لـ “المدن”، وهو موظف في دائرة حكومية، ان “انقطاعي عن العمل في ادلب ادى إلى عدم تمكني من التواصل مع إدارة مؤسستي، وبالتالي بقيت لا أستلم راتبي لمدة شهرين، حتى قررت العودة إلى دمشق، حينها أصدرت الإدارة قراراً يعيد تكليفي بمزاولة وظيفتي من جديد”.
وتبقى متابعة أوضاع الموظفين مناطة بكل مؤسسة على حدى، كما يؤكد لـ”المدن” معاون مدير “مديرية السجل العام للعاملين في الدولة”، أحمد رجب. ويشير رجب الى انه وبحسب القانون فإن “أي موظف يتغيب عن العمل لمدة 15 يوماً دون تبرير يصبح بحكم المستقيل، وفي حال كان غيابه بسبب تعرضه للخطف، فعليه أن يثبت ذلك بإحضار ضبط شرطة، ليعاد بعد ذلك لتصحيح وضعه”. مضيفاً بأن رئاسة مجلس الوزراء “أصدرت تعميماً طلبت فيه من الجهات الرسمية إتخاذ الاجراءات المناسبة لكل حالة حسب وضع الموظف”. وكمثال على ذلك “الكتاب الذي أرسلته رئاسة مجلس الوزراء إلى وزارة السياحة في أواخر العام الماضي، طلبت فيه توضيح أوضاع المديرين الفرعيين العاملين في الوزارة في محافظتي ادلب والرقة، الذين طلب منهم تأدية المهام الموكلة إليهم في المقرات المخصصة في محافظة حماه ومحاسبة المقصرين منهم”. وفي كتاب آخر توجهت فيه وزارة المالية إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 24/5/2015، بخصوص العاملين الذين لم يتمكنوا من الخروج من محافظة أدلب وريفها، تطلب فيه الموافقة على اعتبار فترة غيابهم عن العمل مبررة، وافق رئيس مجلس الوزراء على تبرير غيابهم شرط أن تكون أماكن عملهم تحت سيطرة الدولة ومن الممكن إثبات دوامهم.
والى جانب ذلك، يبقى الخطف واحداً من الحالات التي يتعرض لها الموظفون الحكوميون، والتي تؤثر على وضعهم المعيشي، فتشير فرح لـ”المدن” الى ان زوجها اختطف “منذ حوالي ثلاث سنوات فأوقفت الوزارة راتبه، وبعد انقضاء ثلاثة أشهر على غيابه اعتبر بحكم المستقيل. وهذا وضعني في ظرف اقتصادي صعب. فكوني أعمل معه في الدائرة الحكومية ذاتها، وأنا أكفله في قرض سكني، قرر المصرف اقتطاع الأقساط من راتبي وهناك قرض سيارة آخر أسدد قسطه بما يتبقى من راتبي وبالتالي فإن راتبي بأكمله يتوزع في نهاية كل شهر على تسديد أقساط للقروض”.
وتظهر الأرقام الصادرة عن المصرف الزراعي، أن عدد العاملين الذين تم نقلهم أو تكليفهم بالعمل من فرع لآخر هو 135 عاملا، حيث يتم تكليف العامل بالعمل في أي فرع يناسب مكان إقامته الجديدة الآمنة. أما أرقام وزارة الصناعة، فتشير إلى أن هناك 551 موظفا يتوزعون بين شهيد وجريح ومخطوف، بالإضافة إلى 29430 موظفا من بينهم 1116 موظف يقضون إجازة بلا راتب، و1739 منتدبين خارج الوزارة، و26575 نقلوا إلى جهات حكومية أخرى، أو تم إنهاء عقودهم أو مكفوفي اليد وهؤلاء تعرضوا للاعتقال من قبل الجهات الأمنية وتقوم الدولة فوراً بإيقاف رواتبهم، حتى يتم اطلاق سراحهم. ويقول أحمد (إسم مستعار)، لـ”المدن”، انه “تم اعتقالي لمدة 30 يوماً وعلى الرغم من عدم توجيه أي تهمة بحقي، تم توقيف راتبي وجميع مستحقاتي من تأمينات اجتماعية وتعويض نهاية الخدمة. وفي حال أردت المطالبة بها فهذا يقتضي أن أرفع دعوى قضائية ستكلفني أضعاف ما تبلغه مستحقاتي”.
يشار إلى أن نسبة لا بأس بها من الموظفين الحكوميين، انتقلوا إلى خارج البلاد. ويبلغ عدد العاملين المتسربين من القطاع العام في سوريا نحو 300 ألف عامل، بحسب ما صرح به وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في وقت سابق.