IMLebanon

أمل أبو زيد نائباً “شرعياً وحيداً”!

jezzine-elections-amal-abou-zeid

كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:

“كلنا أمل” التي استُبدِلت فيها اللام بشعار “التيار الوطني الحر” تستقبلك منذ تترك الصالحية في قضاء صيدا لتدخل كفر جرة في قضاء جزين. وهي، مطبوعة على صور المرشح للانتخابات النيابية الفرعية في جزين أمل أبو زيد، لا تتركك ما دمت في قضاء جزين حتى مغادرته باتجاه النبطية عبر الريحان أو باتجاه البقاع الغربي عبر القطراني.

صور ابراهيم عازار موجودة أيضاً لكن بكثافة أقل بكثير، تليها بعض صور متفرقة للمرشح صلاح جبران. وحده باتريك رزق الله غير ظاهر لا في الصور ولا في حضور المندوبين. يسعى شخصياً إلى تعويض كل الماكينات المواجهة. يعرف إمكانياته لكنه يصرّ على تسجيل موقف اعتراضي في وجه قيادة “التيار الوطني الحر”. يقول لـ “السفير” إنه مرشح ميثاق 2005، ويقصد بذلك تمسكه بمبادئ “التيار” التي يرى أن القيادة الحالية تخلت عنها، هو المُقال من الحزب قبيل انتخاب جبران باسيل رئيساً له بفترة وجيزة.

يتنقل رزق الله بين المهنئين والمرحبين بخطوته، وكذلك بين المزعوجين من تمرده. لا يفقد حبل الود مع زميله السابق في “التيار” النائب زياد أسود، لكنّ للأخير هموماً تكفيه في اليوم الانتخابي الطويل، ورزق الله ليس منها، وربما الانتخابات النيابية الفرعية برمّتها ليست كذلك. فهو يعرف أن المقعد النيابي صار في جيب أبي زيد، في ظل إحصاءات تعطيه الفوز بفارق شاسع عن أقرب منافسيه، أي عازار. لذلك، يفضّل أن يصبّ جهوده في إطار دعم لائحة التحالف المسيحي في انتخابات بلدية جزين، والتي تواجه منافسة صعبة من اللائحة التي يدعمها عازار. هنالك كثر يتحدثون عن تشطيب يتم على نطاق واسع بين مناصري “التيار” أنفسهم، أولاً بسبب الحساسيات الجزينية من تمثيلهم بنائب من خارج المدينة (على اعتبار أنه ابن بلدة مليخ ـ قضاء جزين)، وثانياً بسبب اعتراضات البعض من آل حلو على رفض الرابية تمثيلها في رئاسة البلدية.

وفيما بدأ النهار على معلومات عن توزيع بعض المعترضين في العائلة لوائح خاصة تجمع بين اللائحتين، تردد ظهراً أن هؤلاء أوعزوا بانتخاب عازار للنيابة أيضاً.

يرفض عازار التعليق على الخلافات العونية الداخلية. يكتفي بإبلاغ “السفير” أن وضعه جيد نيابياً وبلدياً.

أما طوني حلو ابن الراحل ميشال حلو، فينكر من جهته كل ما أشيع عن معارضته لخيار “التيار”. يؤكد أنه ملتزم، كما الأغلبية الساحقة من آل حلو، بلائحة “التيار” البلدية وبالمرشح أبو زيد، مذكراً بأنه سبق وسحب ترشيحه من معراب، لمصلحة مرشح التحالف. أما الاعتراضات، فلا يصفها سوى بالحالات الفردية.

الاتهامات بالرشى متبادلة. لكن إذا كان مؤيدو عازار وجبران يتهمون أبو زيد بتقديم الرشى، معتمدين على قدراته المادية الكبيرة، فإن أعضاء في “التيار الوطني الحر” في جزين، يجزمون بأنهم يملكون أدلة بالجملة على دفع ماكينة عازار أموالاً طائلة لبعض المفاتيح الانتخابية. من أين له أن يدفع؟ لا تملك مصادر “التيار” معلومات أكيدة عن مصادر الأموال، لكن توقعاتها تشير بأصابع الاتهام إلى متمولين صيداويين، وإلى جيلبرت شاغوري الذي يتكرر اسمه للمرة الثانية بعد انتخابات جونية.

يصل رجل الأعمال، القابض على أغلبية تحويلات اللبنانيين عبر شركة “أو أم تي” التي يمكلها، إلى مدينة جزين محاطاً بأمواج برتقالية، تسعى إلى تجاوز المعضلة التي يواجهها المرشح العوني في عاصمة القضاء. ثمة ثقة عونية بتجاوز ما يسعى عازار إلى التركيز عليه في معركته، وصولاً إلى تحقيق مرشحهم أرقاماً تتخطى أرقام الدورة الماضية.

في جزين، كما في الكثير من قراها، ينعكس التفاهم العوني ـ القواتي على مسار الانتخابات. صارت الصدور تحمل شعاري الحزبين معاً. المشهد ليس مألوفاً حتى لأعضاء الماكينتين، الساعين للتعرف على بعضهم البعض. لا ينكر أسود وجود ارتباك في العمل، كونهما يعملان للمرة الأولى معاً. لكن القواتي طوني عاقوري الذي يلبس قميصاً ممهوراً بشعار حزبه ويلف رقبته بشالٍ عوني، يردد مراراً “أوعا خيك”، مشيراً إلى حرص “القوات” على الأخ العوني. لا ينكر أنه لطالما كان شرساً في معارضته للعونيين، لكنه الآن يقول إن قلبه كبير ويتسع لميشال عون وسمير جعجع معاً.

اتفق “التيار” و “القوات” لكن الخلاف الجزيني بين “التيار” و”حركة أمل” لم ينته بعد. انتهى الصراع بين الخصمين اللدودين، لكن العلاقة مع حليف الحليف لا تزال متعثرة. آل عازار هم تاريخياً حصة الرئيس نبيه بري في جزين، لكن هذه المرة لم يجد بري في المعركة أي جدوى، فترك الخيار لمناصريه. لكن ذلك لم يمنع العونيين من استعادة خطاب 2009 محذرين من خروج قرار جزين منها، ومبدين ثقتهم بأنّ أصوات حركة “أمل” صبت في صندوق خصمهم.

على الأقل في بلدة كفرحونة، أكبر بلدات القضاء بعد مدينة جزين، لم يكن هذا التصوّر دقيقاً. هناك اتحد “التيار” و “أمل”، ومعهم “القوات” و “الكتائب”، بلدياً، في لائحة واحدة (التنمية والإصلاح) في مواجهة لائحة “حزب الله” المدعومة من العائلات (الوفاء لكفرحونة). هذا المشهد الانتخابي غير المألوف، أدى عملياً إلى توحيد الجهود نيابياً، فكان أمل أبو زيد، مرشح اللائحتين الأوحد. “أمل” تؤيده استكمالاً لخيارها البلدي، و “حزب الله” يؤيده التزاماً بالقرار المركزي، المختلف عن قرار الحزب بلدياً في القرية.

الصورة مساء لم تختلف عن النهار الانتخابي الطويل.

الصندوق الثالث الذي استقبلته أقلام الاقتراع في قضاء جزين، والذي شكّل إرباكاً لكثيرين، حمل اسم أمل أبو زيد إلى الندوة البرلمانية بعد نحو سنتين على شغور المقعد النيابي الذي كان يشغله النائب الراحل ميشال حلو (توفي في 27 حزيران 2014). ولاية عمرها سنة لكنها كافية ليفاخر خلالها، أمام أقرانه الـ127 الممددين لأنفسهم مرتين، أنه الوحيد الذي يحمل صفة “نائب منتخب”.