IMLebanon

تعهدات بالفراغ (بقلم بسام أبو زيد)

election-presidentielle-parlement-libanais

كتب بسام أبو زيد

تكثر التعهدات في السياسة اللبنانية ولا سيما تلك التي تحمل الطابع الإيجابي ولكنها في النهاية تبقى حبرا على ورق أو كلاما في الهواء لأن من يطلق هذه التعهدات يدرك تماما أن ترجمتها على أرض الواقع تحتاج إلى نية صادقة وقرار وطني يخرج عن المصالح الخاصة وهو أمر غير متوفر،أو قرار خارجي يفرض الأمور فرضا وهو أيضا غير متوفر في ظل عدم تلاقي الإرادات الإقليمية والدولية.

منذ العام 2005 والحكومات المتعاقبة ووزراء المال فيها يتعهدون بإقرار الموازنة في مجلس النواب ولكن كل هذه التعهدات لم تترجم رغم أن الحاجة المالية والاقتصادية ملحة لذلك إلا أن الصراعات السياسية والاتهامات والمزايدات المتبادلة في موضوع الفساد ومكافحة الهدر والسرقة حالت حتى اليوم دون إقرار أي موازنة والحبل على الجرار.

في التعهدات اللبنانية أيضا الإسراع في إصدار قانون جديد للإنتخابات النيابية وتكاثرت هذه التعهدات في أعقاب التمديدين الأخيرين لمجلس النواب،ولكنها لم تترجم إلى واقع في ظل لامبالاة بالدرجة الأولى وعدم توفر الإجماع المستحيل بالدرجة الثانية،إضافة إلى رغبة الكثير من الأطراف السياسية في إبقاء القديم على قدمه إي قانون ال 60 المعدل والذي يعتمد النظام الأكثري الذي يضمن مصالح هذه الأطراف رغم أنها تنادي علنا باعتماد قانون يعتمد النظام النسبي وهي مدركة أنها ستخسر مقاعد نيابية قد تتجاوز توقعاتها بعدما جرى في الانتخابات البلدية وهو أمر لا ترغب به بالتأكيد.

أخر التعهدات التي يحكى عنها تلك المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية بعد إجراء انتخابات نيابية ووفق قانون ال 60 المعدل كأرجحية محسومة.

هذا التعهد الذي لن يكون قابلا للتطبيق هو الأخطر إذا تم اعتماده لأنه سيبقي لبنان من دون رئيس للجمهورية ومن دون حكومة شرعية فاعلة،والأهم أنه سيكرس قطع رأس الجمهورية اللبنانية وإسقاط المنصب المسيحي الأول بشكل نهائي وعندها لن يكون المخرج للمأزق الوطني والدستوري الكبير الناجم عن هذا التعهد غير المطبق،سوى بمؤتمر تأسيسي يعيد تشكيل النظام اللبناني وفق موازين القوى القائمة حاليا وأضعفها المسيحي.

إن ما يحكى عن تعهد بانتخاب رئيس للجمهورية بعد الانتخابات النيابية ووفق قانون ل 60 ما هو إلا فخ للقول بأن الخرطوشة الأخيرة للخروج من الفراغ الرئاسي قد فشلت باعتبار أن نتائج الانتخابات لن تأتي بأكثرية تسمح بانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية وبالتالي فإن عملية التعطيل المتصاعد ستستمر تحت شعار براق وهو حقوق المسيحيين مع الرئيس القوي،في حين أنه ومن تحت الطاولة يقضى على الحق الأبرز للمسيحيين وهو رئيس الجمهورية المسيحي ميزة فريدة للبنان في وسط هذا الشرق المتطرف.