IMLebanon

بين التغييب والاستقالة (بقلم بسام أبو زيد)

tripolie-elction

كتب بسام أبو زيد

ليس في القانون ما يفرض تمثيل كل الطوائف والمذاهب الموجودة في بلدة أو مدينة معينة في المجلس البلدي المنتخب، كما ليس في القانون ما يفرض أن يمثل في المجلس البلدي السكان الذين هم من خارج البلدة أو المدينة في مجلسها البلدي وقد يكون عددهم أكبر من سكان هذه البلدة أو المدينة ومن طائفة أو مذهب مختلف عن طائفة أو مذهب أهل البلدة أو المدينة.

ولكن تحت عنوان العيش المشترك درجت العادة أن تحفظ أماكن للمسيحيين في المدن ذات الغالبية الإسلامية كبيروت وطرابلس وصيدا وقد نجح هذا الأمر في بيروت وصيدا ولكنه فشل في طرابلس، فشل ناجم عن عمل ديموقراطي وعن اتجاه لدى الناخبين المسلمين هناك من أجل إيصال ممثليهم إلى المجلس البلدي غير آبيهن بتحالف هجين مدركين أن الالتزام به لن يكون متوفرا ابدا وبالتالي مارس الناخبون المسلمون اللعبة الديموقراطية حتى أقصى حدودها فحمت كل فئة منهم مرشحيها عن طريق إقصاء المرشحين الآخرين مسلمين وغير مسلمين فكان أن رسب مرشحون مسلمون ورسب المرشحون المسيحيون والعلويون.

إن معالجة هذا التشوه التمثيلي أصبح أمرا غير ممكن في المجلس البلدي ولكن عمل هذا المجلس قد يكون تعويضا عن هذا التمثيل إذا استطاع أن يحيي هذه المدينة بالفعل وأن ينفذ مشاريع يستفيد منها كل أبناء طرابلس من المسلمين وغير المسلمين.

وبإنتظار أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذا الإطار استقال النائب روبير فاضل وهو ممثل عن الروم الأرثوذكس في المدينة من مهامه النيابية تاركا المزيد من الفجوات في التمثيل المسيحيي فيها.

ويقول العارفون باستقالة فاضل انها في البداية لم تترك أثرا لدى الرأي العام ويقول هؤلاء على سبيل التندر أن البعض سأل هل هناك نائب بالفعل يدعى روبير فاضل؟

ولكن وبغض النظر عن هذه الصورة تحمل هذه الاستقالة في طياتها مخاطر أخرى للتحالف الذي واجه اللواء أشرف ريفي في الانتخابات البلدية في طرابلس.فإعلان هذه الاستقالة عقب إعلان النتائج كانت كخطوة في وجه القيادات والأطراف التي واجهت وزير العدل المستقيل وفي مقدمهم تيار المستقبل الذي يرأسه الرئيس سعد الحريري والذي ينتمي النائب المستقيل إلى كتلته،وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال عما إذا كان النائب فاضل قد نسق هذه الخطوة مع الرئيس الحريري وهو أمر يبدو أنه لم يحصل.

وبالإضافة إلى ذلك فقد أتت استقالة النائب فاضل قبل سنة من انتهاء الولاية الممددة للمجلس النيابي ما يفرض إجراء انتخابات نيابية فرعية في مدينة طرابلس ومن الناحية القانونية لن يستطيع وزير الداخلية التملص منها لأن الاستقالة أتت قبل 6 أشهر من انتهاء الولاية ولأن كل السلطات أشادت بنجاح الانتخابات النيابية الفرعية في جزين والانتخابات البلدية في كل لبنان فما الذي سيمنع إذا إجراء انتخابات نيابية فرعية في طرابلس؟ وهل المواجهة المتوقعة في هذه الانتخابات مجددا مع اللواء ريفي ستمنع إجراءها؟

ويشير المطلعون إلى أن الضرر الأكبر الذي تسبب به النائب روبير فاضل من خلال استقالته هو أنه افقد الرئيس الحريري صوتا في الانتخابات الرئاسية في حال حصولها وهو صوت قد يكون ثمينا في حال حصلت المواجهة الفعلية في المجلس النيابي بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية.

ربما لم يضع النائب المستقيل روبير فاضل كل هذه الأمور في حسابه قبل الأقدام على خطوته، لاسيما وأن الاستقالة كانت واردة لديه منذ نحو عام تقريبا وعاد فتراجع عنها، فهل سيعيد حساباته ليتراجع عنها مرة ثانية كرمى لعيون طرابلس؟